مقالات

الكيان الصهيوني بين الجنون والتعقل

يكتب: جبران السلامي

ما يعاني الكيان الصهيوني من اضطراب سياسي خطير، فهو يعاني من اضطراب في مؤسسات صنع القرار، وبالإضافة إلى ذلك، يعيش في حالة من القلق والتوتر جراء التهديدات التي يتلقاها من محور المقاومة. بالإضافة إلى ذلك، أنه بعد تلقيه لهجوم حزب الله في لبنان، أصبح متخبطاً بين من سيرد بالأول: هل إيران أم اليمن أم كلاهما معاً؟ أيضاً، هل بعد التوصل إلى حل مع الفصائل الفلسطينية، هل سيظل الرد الإيراني قائماً أم سيتوقف مع انتهاء الحرب؟ ولذلك، ترى مؤسسات صنع القرار داخل الكيان متخبطاً بين قبول إنهاء الحرب والانسحاب من غزة، وبين الاستمرار في عدوانهم وحربهم ضد الإنسان الفلسطيني وفصائله المجاهدة.فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وجماعته المتطرفة يرون أن القبول بإنهاء الحرب مع الفصائل الفلسطينية في غزة والضفة الغربية لن يحقق للكيان أي هدف سعى إليه، والتي كانت في مجملها تذهب نحو إنهاء الفصائل الفلسطينية وتدمير قوتها العسكرية وأسلحتها. والتي بانسحابهم من غزة دون تحقيقها، سيظل الكيان الصهيوني يعاني من تهديد أمني ووجودي خطير. بالإضافة إلى تلك الأهداف التي ينكرها الكيان الصهيوني ولا ينكرها المتطرفين الصهاينة  والواقع، والمتمثلة في تهجير سكان القطاع من خلال قتل المواطنين وارتكاب الجرائم الجماعية بحق الأسر الفلسطينية، أيضاً تجويع سكان القطاع وبث الرعب بين أوساطهم، وتدمير البنية التحتية في القطاع، وجعل من قطاع غزة مكاناً غير قابل للعيش فيه. ولذلك، يرون أن الاستمرار في الحرب هو الحل الأنسب لضمان أمن الكيان الصهيوني، وخصوصاً أن التوجه الغربي يصب في صالحهم، فالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا يرون أن من حق الكيان الدفاع عن نفسه وضمان أمنه، بينما لا يرون أن الكيان الصهيوني قد ارتكب أبشع وأفظع وأشنع الجرائم والمجازر والانتهاكات بحق الفلسطينيين في عدوانهم على سكان غزة والضفة الغربية. فهم يرون أن الكيان الصهيوني له الحق في ضمان أمنه، بينما لا يرون أن الفلسطينيين لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم ووجودهم واستمراريتهم على أرضهم، والتي هي ملكهم وملك آبائهم وأجدادهم، والتي ليس للصهيوني أي حق في التواجد على أرض فلسطين.أيضاً، هناك طرف آخر يدعو إلى إيقاف الحرب على غزة، ويدعو إلى التوصل إلى حل والافراج عن الأسرى الصهاينة المتواجدين لدى الفصائل الفلسطينية. فهذا الطرف، للعلم، لا يريد إيقاف الحرب من أجل سواد أعين الأطفال الفلسطينيين الذين يُقتلون وتسفك دماؤهم كل يوم، بل هو يعلم أن الاستمرار في الحرب سيؤدي إلى زوال الكيان، أيضاً سيؤدي إلى إنهاك الاقتصاد. كما يرون أن الاستمرار في الحرب سيؤدي إلى نبذهم دولياً وبين أوساط المجتمع الدولي، كذلك استمرار الجرائم بحق الفلسطينيين سيُظهر للعالم كم أن هذا الكيان نازي وفاشي ومجرم، وأن ادعاءه أن اليهود مظلومين وأن هناك معاداة للسامية ستضيع بين هول الجرائم التي يرتكبها ضد شعب أعزل. بالإضافة إلى ذلك، ستخف حملات التطبيع وستتحرج الحكومات العربية التي كانت راكضة بعد قطار التطبيع أن تطبع علاقتها مع الكيان. ولهذا، ولأسباب أخرى، يسعون إلى إنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق لإنهائها.فهذا الاضطراب بين شخصيات صانعي ومتخذي القرار سيؤدي إلى ظهور شرخ وثغرة داخل المؤسسات السياسية، مما سيؤدي إلى انتقاله إلى أوساط المجتمع اليهودي، والذي يعاني في مجمله من خوف ورعب وجودي، ويريد الهدوء أو الرحيل من الكيان، لأن شعور الأمن لديه قد اختفى مع أول هزة تعرض لها الكيان. والذي يرى أن استمرار الكيان في حربه على غزة سيؤدي إلى تزايد حدة الخطر، أيضاً يرى أن تعرض الكيان الذي يتواجد فيه لهزة أخرى لن تكون إلا النهاية، والتي يرى أن وجوده ضمن الكيان سيؤدي إلى زواله وزوال من حوله. ولذلك، يفضل الهجرة والرحيل عن الكيان الصهيوني، وهو الحل الأنسب الذي سيضمن له عدم تعرضه لأي خطر مستقبلي.وهنا بين تهرب نتنياهو من إكمال المفاوضات، وبين تخوف حكومة الكيان من إضافة بنود أخرى إلى المفاوضات، والتي يسعى نتنياهو من خلال إضافة هذه البنود إلى تخريب وإعاقة وعرقلة المفاوضات. هل سيستمر الدعم السياسي والعسكري الغربي، أم ستبدأ الدول الغربية بالضغط على نتنياهو للتوصل إلى حل من خلال خفض مستوى الدعم السياسي والعسكري، وخصوصاً أن الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن الرد من قبل محور المقاومة آتٍ لا محالة، وأن الحل الأنسب في إنهاء هذا التهديد هو التوصل إلى حل يقضي بأن يقوم الكيان الصهيوني بإنهاء حربه وعدوانه على قطاع غزة؟ إن عدم قبول نتنياهو للتوصل إلى حل مع الفصائل الفلسطينية، سيؤدي إلى تصاعد التوتر في المنطقة، أيضاً سيؤدي إلى تهديد مصالح أمريكا والغرب في الشرق الأوسط من خلال تزايد حدة الصراع في البحر الأحمر؛ والذي من خلاله يقوم الجيش اليمني في اليمن بإصدار قرارات تمنع السفن التابعة للشركات التي ترسو على موانئ الكيان الصهيوني من العبور فيه في المرحلة الخامسة. ولا نعلم كيف ستكون المرحلة السادسة من التصعيد العسكري من قبل الحكومة اليمنية وجيشها الباسل.وفي الأخير، إذا لم ينهي نتنياهو وزمرته المتطرفة عدوانهم على قطاع غزة، فإن رد المقاومة لن يكون دفعة واحدة، ولن يكون حسب المعطيات التي بناها من خلال الضربات السابقة التي تعرض لها، بل إن المعطيات اليوم تغيرت، وأن الرد اليوم سيكون رداً دائماً ومستمرّاً، وأن التهديد لن ينتهي إلا بانتهاء عدوانه وحربه على قطاع غزة.والسلام.

الأربعاء، ٢٨ أغسطس ٦:١٧

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى