وكالات

بنغلادش: انقلاب أمريكي بواجهة مدنية؟

إبراهيم علوش – الميادين نت

شخصت أحداث بنغلادش على شاشة الصراع الدولي بعد إطاحة رئيسة وزرائها، شيخة حسينة، في 5 آب / أغسطس الجاري وشحنها على متن طائرة عسكرية إلى الهند حيث قضت سنواتٍ من قبلُ كلاجئة سياسية بعد اغتيال أبيها مجيب الرحمن، رئيس الوزراء البنغلادشي الأسبق ومؤسس بنغلادش فعلياً، مع معظم أفراد عائلته، في انقلابٍ دمويٍ نفذه الجيش عام 1975.

سبق ذلك وتلاه اتهامات رسمية روسية لإدارة بايدن بأنها طبخت “انقلاباً ملوناً” في بنغلادش، لكنّ تفاصيل صلة الولايات المتحدة بإطاحة شيخة حسينة، ووضع محمد يونس، مدلل نخبة الحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة، رئيساً لحكومة مؤقتة بدلاً منها، بدعمٍ مدني وعسكري بنغلادشي، تدفقت عبر وسائل إعلام هندية على وجه الخصوص.

من الواضح أن الهنودَ ممتعضون من إطاحة شيخة حسينة، بل نجد أن مقالة رأي في “سبوتنيك الهند”، نُشرت في 19/8/2024، بعنوان “بنغلادش: انقلاب أمريكي ذو تداعيات جيوسياسية عميقة”، وضعها خبير استراتيجي هندي، وأن مقالة رأي أخرى في 17/8/2024، بعنوان “انقلاب عسكري هادئ في بنغلادش” في مرجع أمريكي رئيس، هو “ذا هيل”، المتخصص بأخبار الجناحين التشريعي والتنفيذي في واشنطن، وضعها خبير استراتيجي هندي أيضاً.

الفرق بين المقالتين أن الأولى تركز، عبر موقع “سبوتنيك” الروسي، على صلة الولايات المتحدة ومصلحتها في “تغيير النظام” في بنغلادش، في حين تركز الثانية، الموجهة إلى جمهور ليبرالي عبر موقع أمريكي، على صلة العسكر بالانقلاب على شيخة حسينة، وكون “مدنيي الحراك”، من القادة الطلابيين إلى محمد يونس، مجرد قشور رقيقة تخفي حقيقة هيمنة الجيش على السلطة، وأن دورهم في الحكومة الانتقالية هو دورٌ استشاريٌ فحسب.

رد فعل الهند على الخطوة الأمريكية التي عدتها موجهةً ضدها مهمٌ لأنها تقربها دولياً من تكتل “بريكس”، ولأنها تُضعِف النفوذ الأمريكي في جنوب آسيا، بعد أن أعاد البنتاغون عام 2018 صياغة تعريف منطقة المحيط الهادئ-آسيا إلى “الهادئ-الهندي” استناداً إلى استراتيجية استقطاب الهند بعيداً عن “بريكس”.

ثمة نفي أمريكي رسمي مشدد، في المقابل، لأي صلة بأحداث بنغلادش الأخيرة، كما فعل البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية مثلاً في 13 و14 آب / أغسطس الفائتين، وهو نفي ردده موقع “صوت أمريكا” VOA الرسمي في 21/8/2024 (بلغت موازنة مؤسسات الموقع 267.5 مليون دولار عام 2023)، في تقريرٍ بعنوان “تستغل روسيا الإطاحة برئيسة وزراء بنغلادش لاتهام الولايات المتحدة بلا أساس بإثارة انقلاب”.

ويتهم ذلك التقرير روسيا بأنها تضلل الهند بشأن أحداث بنغلادش، موحياً بأن الهند ضحية ذلك التضليل، ومتهكماً على “نظريات المؤامرة” التي تهمش عوامل النقمة المحلية، التي يعدها أساساً، مثل عدم توفر الوظائف، والتي فجرت حراكاً طلابياً ردت عليه الحكومة بعنف وقسوة، الأمر الذي أدى إلى إسقاطها.

العناصر الغائبة عن الرواية الأمريكية لأحداث بنغلادش

الغائب عن تلك السردية أن قرار المحكمة العليا الذي ثبت نسبة كبيرة من الوظائف الحكومية لأحفاد قدامى المحاربين في “حرب الاستقلال عن باكستان” عام 1971، والذي يفترض أن الحراك الطلابي جاء رد فعل عليه، جرى إلغاؤه بنسبة 95%، لكن الحراك تصاعد بدلاً من أن يتوقف!

الأمر الآخر الغائب عن تلك السردية هو أن التحالف الذي أطاح شيخة حسينة يضم كبار ضباط الجيش، و”الحزب الوطني البنغلادشي”، المقرب من باكستان، والذي يقيم زعيمه في لندن، و”الجماعة الإسلامية”، التي ناهضت انفصال بنغلادش عن باكستان في حرب 1971، والجمعيات غير الحكومية الممولة أجنبياً المتغلغلة بين الشباب والطلاب، وأنصار محمد يونس، مؤسس “بنك غرامين” للتمويل الصغير، الذي تحول إلى إمبراطورية اقتصادية عظمى تتمدد أذرعها كالأخطبوط عبر قطاعات التمويل والاتصالات والطاقة والبرمجيات والنسيج وغيرها.

وعندما نجح ذلك التحالف في إطاحة شيخة حسينة، جرت استباحة الشوارع، وارتكبت مجازر بحق الأقلية الهندوسية (8% من السكان)، ونُهِب مقر إقامة رئيسة الوزراء، “من اللوحات المعلقة على الجدران إلى الأثاث إلى سمك الزينة في البركة”، بحسب تقرير “ذا هيل” المذكور أعلاه.

ولم تتوقف عمليات الفوضى والنهب والقتل وتخريب الممتلكات إلا بعدما بدأ الجيش يطلق النار على المحتجين في الشوارع بمباركة الحكومة المؤقتة المشكلة من مدنيين وقادة طلابيين وإسلاميين وعسكريين متقاعدين، ولم يَعُدّ الغرب ذلك “انتهاكاً للديموقراطية وحقوق الإنسان” ولا ما جرى انقلاباً.

كانت شيخة حسينة طلبت من قائد الجيش الجنرال وقار الزمان فرض حظر تجوال في وجه تصاعد الاحتجاجات وأعمال الشغب التي لم يعد بمقدور الشرطة ضبطها، فرفض. هدد ذلك أمنها الشخصي طبعاً وعمل حكومتها ومؤسسات الدولة، وكانت شيخة حسينة قد ارتكبت خطأً مميتاً عندما عينت وقار الزمان قائداً لجيش بنغلادش، البالغ عدده 200 ألف، قبل أسابيع فحسب من إطاحتها استناداً إلى صلة المصاهرة مع أسرتها، لكونه زوج ابنة عمها “اللزم”، وإلى الموازنات الضخمة التي خصصتها حكومتها للجيش وتحديثه، وتغاضيها عن المصالح التجارية الواسعة التي يديرها الجيش وضباطه.

لكنْ، ثبت أن العلاقة مع البنتاغون، الذي احتفظ تاريخياً بعلاقة وطيدة مع الجيش والأنظمة العسكرية في بنغلادش، كانت أقوى. ولا يعني ذلك أن الإدارة الأمريكية أرادت انقلاباً عسكرياً مفتوحاً، بعدما أتقنت استخدام الأدوات “المدنية” في تنفيذ عمليات “تغيير الأنظمة”. لذلك، فشل انقلاب قائد الجيش الذي تحرك منفرداً في 26/6/2024 في بوليفيا مثلاً في إطاحة الرئيس اليساري لويس آرسي، ولم يدم إلا يوماً واحداً.

وكانت شيخة حسينة قد انتقدت في مؤتمر صحافي في 2/5/2024 اعتقال 900 طالب وأستاذ في الجامعات الأمريكية على خلفية التظاهرات والاعتصامات مع غزة وفلسطين، متساءلةً إذا كان ذلك جزءاً من “الديموقراطية الأمريكية”، فبدأ الانقلاب عليها بعد ذلك التصريح بأسابيع بـ”انتفاضة طلابية”!

البعد الجغرافي-السياسي في أحداث بنغلادش

للعلم والخبر، كان تحالف شيخة حسينة الانتخابي عام 2018 يضم 61 حزباً إسلامياً، أي أن المشكلة مع “الجماعة الإسلامية” ترتبط بولائها لباكستان لا بتوجهها الأيديولوجي، بدلالة تحالف تيارات سلفية وغيرها مع شيخة حسينة.

أما حمايتها للهندوس البنغلادشيين، الذين يعدهم التحالف المناهض لها “طابوراً خامساً هندياً”، فيرتبط بمفهوم المواطنة وتساوي الحقوق والواجبات في برنامج حزبها، “عصبة عوامي”، كما يرتبط بالضرورة بوجود عشرات ملايين البنغاليين في الهند ذاتها، وخصوصاً في ولايات غرب بنغال وأسام وتريبورا.

يذكر أن ميانمار المجاورة تعد شعب الروهينجا بنغالياً، وقد نزح نحو مليون من الروهينجا إلى جنوب شرق بنغلادش وحده منذ عام 2015، وفي ذلك عبرة لبنغلادش.

وكان شعور البنغاليين أن تمييزاً يمارس ضدهم من طرف الحكومة الباكستانية التي ظلت تحكم بنغلادش منذ استقلال الهند عام 1947 حتى 1971 السبب الرئيس لانفصال بنغلادش عن باكستان والحرب التي تلت، والتي قضى فيها ما بين 300 ألف إلى 3 ملايين بنغالي، بحسب المصدر، وهي حرب تلقت فيها بنغلادش دعماً من الهند التي تحدها، غرباً وشمالاً وشرقاً، على مدى 4096 كيلومتراً، وتلقت فيها باكستان دعماً من الولايات المتحدة والأنظمة العربية التابعة لها.

لذلك، لا يسع الهند، من منظور جغرافي-سياسي، تقبل وجود سلطة موالية لباكستان في بنغلادش التي تقع فعلياً داخل الهند جغرافياً، ما عدا نحو 300 كيلومتر من حدودها الجنوبية الشرقية مع ميانمار، أو سلطة موالية لباكستان في بنغلادش، دولة البنغال، التي تمتد عميقاً داخل المجتمع الهندي ديموغرافياً.

بعد إطاحة عمران خان بانقلاب أمريكي “ناعم” في باكستان عام 2022، بعدما تجرأ على زيارة روسيا بعد أيامٍ من بدء العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، تحولت السلطة في باكستان إلى سلطة أقرب للغرب، وأصبح دعمها لانقلاب بنغلادش، بالتالي، دعماً أمريكياً.

ولا يمثل ذلك ضربة لروسيا فحسب، وإنما للصين أيضاً، حليفة باكستان سياسياً في مواجهة الهند حتى خلال حرب انفصال بنغلادش (مارست الصين حق النقض عام 1971 ضد قبول عضوية بنغلادش في الأمم المتحدة)، لكنّ الصين صامتة الآن، إذ إن “تغيير النظام” في بنغلادش يستهدفها، ويستهدف نمو علاقات شيخة حسينة معها، بحسب تقرير في صحيفة “هندوستان تايمز” في 10/8/2024.

لا نتحدث عن هبة عفوية إذاً، ولا عن عوامل محلية بنغلادشية صرفة، بل عن صراعٍ تمتد جذوره إلى الاصطفافات المرتبطة بانفصال بنغلادش عن باكستان عام 1971، ولا يمكن فهم معالمه وتداعياته اليوم خارج سياق تناقضات عالمنا المعاصر إقليمياً ودولياً.

البعد الاقتصادي في أحداث بنغلادش

يذكر أن شيخة حسينة وصلت إلى الحكم للمرة الثانية عام 2009، ومنذ ذلك الوقت انفجر معدل نمو الاقتصاد البنغلادشي أسياً، ما عدا في فترة كوفيد-19، وكان من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي 460 مليار دولار مع نهاية عام 2024، انطلاقاً من 100 مليار عام 2008.

قارن ذلك مثلاً بناتج محلي إجمالي يتوقع أن يبلغ نهاية العام الجاري 347 ملياراً في باكستان، على الرغم من أن عدد سكانها يبلغ 252 مليوناً، مقارنةً بنحو 174 مليوناً في بنغلادش، وعلى الرغم من أن مساحة باكستان تبلغ نحو 882 ألف كيلومتر مربع، مقارنةً بأكثر قليلاً من 148 ألف كيلومتر مربع في بنغلادش.

هذا يعني أن قصة بنغلادش في ظل حكومة شيخة حسينة كانت قصة نجاح اقتصادياً، على الرغم من أن البلاد عموماً تكتظ بكثافة سكانية شديدة الارتفاع، وعلى رغم أن دكا، عاصمة البلاد، تحفل بثالث أعلى كثافة سكانية في العالم، بعد طنطا في مصر، ومقديشو في الصومال.

وتتركز المشكلة في بطالة حملة الشهادات تحديداً، التي تفوق نسبتها البطالة بين أقرانهم غير المتعلمين، في حين جرى تخفيض معدل الفقر في البلاد من 41.5% عام 2006 إلى 18.7% عام 2022، ومعدل الفقر المدقع من 25.1% إلى 5.6% خلال الفترة ذاتها.

شيخة حسينة تدفع ثمن سياسة تعزيز العلاقات مع روسيا والصين

اتبعت شيخة حسينة سياسة تعزيز استقلال بنغلادش استراتيجياً، فسعت إلى تعزيز علاقات بلادها مع الصين، خصم الهند، ومع روسيا والولايات المتحدة والهند في آنٍ واحد. وكان من “خطاياها” في عين الولايات المتحدة والغرب الجماعي أنها انضمت إلى مبادرة “الحزام والطريق” عام 2016 واشترت غواصتين صينيتين، وافتتحت في 28/5/2024 قاعدة بحرية بنتها الصين تطل على خليج البنغال، سبقتها تمارين مشتركة مع الجيش الصيني، ومساعٍ صينية لتسليح جيش بنغلادش.

في نهاية عام 2015، وقعت حكومة شيخة حسينة اتفاقاً مع روسيا لتشييد مفاعل نووي (مصنع Rooppur) بقيمة 12.65 مليار دولار بقرض روسي يصل إلى 90% من قيمة المشروع. ويهدف بناء المفاعل إلى الإسهام في حل مشكلة الكهرباء المستعصية في البلاد.

في نيسان / إبريل 2023، تخطت حكومة شيخة حسينة محظوراً أمريكياً كبيراً عندما قررت سداد قسط مقداره 318 مليون دولار لروسيا من قرض المفاعل باليوان الصيني، بعد منع تداول الدولار الأمريكي مع روسيا وشركاتها تحت طائلة العقوبات.

سبقت الإشارة في مادة “هل تطيح عملة بريكس الجديدة الدولار الأمريكي؟”، في 19/5/2023، إلى خطورة تلك الخطوة من منظور أمريكي، على رغم ضآلة المبلغ في عالم المالية الدولية International Finance، لأن اليوان لا يتحول إلى عملة دولية حقاً إلا عندما يتحول إلى وسيط للتبادل بين طرفين ليست الصين أحدهما، الأمر الذي استدعى تحذيرات أمريكية حادة، وعقوبات على الشركات الروسية المرتبطة بمشروع المفاعل.

أضف إلى ذلك اكتشاف احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي في خليج البنغال، الأمر الذي عرضت شركة “إكزون موبايل” الأمريكية استثمار 30 مليار دولار لاستثماره عام 2023، لكن حكومة شيخة حسينة فتحت مزاداً للشركات الدولية، من أمريكية وصينية وغيرها، لاستكشاف حقول الغاز المحتملة في خليج البنغال في العام الجاري.

وعلى سيرة خليج البنغال، صرحت شيخة حسينة في 21/6/2023 أن الحزب الوطني البنغلادشي يريد العودة إلى السلطة من طريق بيع جزيرة “سانت مارتن”، “ولو قلت أنني مستعدة لتأجير جزيرة سانت مارتن، أو بلادنا، لن تكون هناك مشكلة في بقائي في السلطة”.

تكمن أهمية جزيرة سانت مارتن الصغيرة، التي تبلغ مساحتها 3 كيلومترات مربعة، في أن من يسيطر عليها يتحكم بخليج البنغال، وفي أن من يتحكم به يشرف على مدخل مضيق ملقا الشمالي، أحد أهم 4 ممرات مائية رئيسة في العالم، والمعبر الأهم للتجارة الصينية بحرياً.

يذكر أن الهند التي تملك أرخبيل أندامان، الواقع فوق مضيق ملقا مباشرةً، ترفض وضع قواعد أجنبية فيه، وبالتالي أصبحت جزيرة سانت مارتن ثاني أفضل خيار، وهي بالأصل جزيرة استوطنها التجار العرب في القرن الـ 18 للميلاد، وسموها “جزيرة”، حتى غيّر المستعمرون البريطانيون اسمها إلى “سانت مارتن”.

فإذا أغلق مضيق ملقا، تعمل الصين تحسباً على تجاوزه من خلال معابر برية إلى ميانمار، وصولاً إلى خليج البنغال، ومنه إلى بقية العالم، ومن هنا أهمية جزيرة سانت مارتن الجيواستراتيجية. وبناءً عليه، باتت ميانمار، بعد ميلان حكامها إلى جانب الصين، المرشح التالي لانقلاب أمريكي ناعم بعد باكستان وبنغلادش.

أخيراً، بالنسبة إلى المدعو محمد يونس، الحبيب المدلل لهيلاري وبيل كلينتون وباراك أوباما وبيل غايتس، والمدعوم بشدة من الغرب مالياً وسياسياً، يفترض أن تمثل “جائزة نوبل للسلام” (عام 2006) شبهة بحد ذاتها، نظراً إلى سجل من حازوها في الماضي، وخصوصاً من العرب.

لكنّ النموذج التمويلي الذي يقدمه يستحق التمعن أيضاً، فإذا كان السهم الذي تبلغ قيمته جنيهاً واحداً، والذي يحشد رأس المال الصغير تحت لواء رأس المال الكبير، أساس الإمبريالية البريطانية، كما كتب لينين في “الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية”، فإن حشد المدخرات الصغيرة جداً، التي تبلغ قيمتها بضع تاكا (عملة بنغلادش)، في إطار مركزي واحد إدارياً و”غير ربحي” قانونياً خلق إمبراطورية اقتصادية عملاقة خارج الدولة أكبر من أي احتكار خاص أو حكومي، الأمر الذي يستحق التمعن بصورة مستقلة من منظور علم الاقتصاد السياسي.

https://www.almayadeen.net/research-papers/%D8%A8%D9%86%D8%BA%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%B4–%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A9

: انقلاب أمريكي بواجهة مدنية؟ إبراهيم علوش – الميادين نتشخصت أحداث بنغلادش على شاشة الصراع الدولي بعد إطاحة رئيسة وزرائها، شيخة حسينة، في 5 آب / أغسطس الجاري وشحنها على متن طائرة عسكرية إلى الهند حيث قضت سنواتٍ من قبلُ كلاجئة سياسية بعد اغتيال أبيها مجيب الرحمن، رئيس الوزراء البنغلادشي الأسبق ومؤسس بنغلادش فعلياً، مع معظم أفراد عائلته، في انقلابٍ دمويٍ نفذه الجيش عام 1975.سبق ذلك وتلاه اتهامات رسمية روسية لإدارة بايدن بأنها طبخت “انقلاباً ملوناً” في بنغلادش، لكنّ تفاصيل صلة الولايات المتحدة بإطاحة شيخة حسينة، ووضع محمد يونس، مدلل نخبة الحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة، رئيساً لحكومة مؤقتة بدلاً منها، بدعمٍ مدني وعسكري بنغلادشي، تدفقت عبر وسائل إعلام هندية على وجه الخصوص.من الواضح أن الهنودَ ممتعضون من إطاحة شيخة حسينة، بل نجد أن مقالة رأي في “سبوتنيك الهند”، نُشرت في 19/8/2024، بعنوان “بنغلادش: انقلاب أمريكي ذو تداعيات جيوسياسية عميقة”، وضعها خبير استراتيجي هندي، وأن مقالة رأي أخرى في 17/8/2024، بعنوان “انقلاب عسكري هادئ في بنغلادش” في مرجع أمريكي رئيس، هو “ذا هيل”، المتخصص بأخبار الجناحين التشريعي والتنفيذي في واشنطن، وضعها خبير استراتيجي هندي أيضاً.الفرق بين المقالتين أن الأولى تركز، عبر موقع “سبوتنيك” الروسي، على صلة الولايات المتحدة ومصلحتها في “تغيير النظام” في بنغلادش، في حين تركز الثانية، الموجهة إلى جمهور ليبرالي عبر موقع أمريكي، على صلة العسكر بالانقلاب على شيخة حسينة، وكون “مدنيي الحراك”، من القادة الطلابيين إلى محمد يونس، مجرد قشور رقيقة تخفي حقيقة هيمنة الجيش على السلطة، وأن دورهم في الحكومة الانتقالية هو دورٌ استشاريٌ فحسب.رد فعل الهند على الخطوة الأمريكية التي عدتها موجهةً ضدها مهمٌ لأنها تقربها دولياً من تكتل “بريكس”، ولأنها تُضعِف النفوذ الأمريكي في جنوب آسيا، بعد أن أعاد البنتاغون عام 2018 صياغة تعريف منطقة المحيط الهادئ-آسيا إلى “الهادئ-الهندي” استناداً إلى استراتيجية استقطاب الهند بعيداً عن “بريكس”. ثمة نفي أمريكي رسمي مشدد، في المقابل، لأي صلة بأحداث بنغلادش الأخيرة، كما فعل البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية مثلاً في 13 و14 آب / أغسطس الفائتين، وهو نفي ردده موقع “صوت أمريكا” VOA الرسمي في 21/8/2024 (بلغت موازنة مؤسسات الموقع 267.5 مليون دولار عام 2023)، في تقريرٍ بعنوان “تستغل روسيا الإطاحة برئيسة وزراء بنغلادش لاتهام الولايات المتحدة بلا أساس بإثارة انقلاب”. ويتهم ذلك التقرير روسيا بأنها تضلل الهند بشأن أحداث بنغلادش، موحياً بأن الهند ضحية ذلك التضليل، ومتهكماً على “نظريات المؤامرة” التي تهمش عوامل النقمة المحلية، التي يعدها أساساً، مثل عدم توفر الوظائف، والتي فجرت حراكاً طلابياً ردت عليه الحكومة بعنف وقسوة، الأمر الذي أدى إلى إسقاطها.العناصر الغائبة عن الرواية الأمريكية لأحداث بنغلادشالغائب عن تلك السردية أن قرار المحكمة العليا الذي ثبت نسبة كبيرة من الوظائف الحكومية لأحفاد قدامى المحاربين في “حرب الاستقلال عن باكستان” عام 1971، والذي يفترض أن الحراك الطلابي جاء رد فعل عليه، جرى إلغاؤه بنسبة 95%، لكن الحراك تصاعد بدلاً من أن يتوقف! الأمر الآخر الغائب عن تلك السردية هو أن التحالف الذي أطاح شيخة حسينة يضم كبار ضباط الجيش، و”الحزب الوطني البنغلادشي”، المقرب من باكستان، والذي يقيم زعيمه في لندن، و”الجماعة الإسلامية”، التي ناهضت انفصال بنغلادش عن باكستان في حرب 1971، والجمعيات غير الحكومية الممولة أجنبياً المتغلغلة بين الشباب والطلاب، وأنصار محمد يونس، مؤسس “بنك غرامين” للتمويل الصغير، الذي تحول إلى إمبراطورية اقتصادية عظمى تتمدد أذرعها كالأخطبوط عبر قطاعات التمويل والاتصالات والطاقة والبرمجيات والنسيج وغيرها.وعندما نجح ذلك التحالف في إطاحة شيخة حسينة، جرت استباحة الشوارع، وارتكبت مجازر بحق الأقلية الهندوسية (8% من السكان)، ونُهِب مقر إقامة رئيسة الوزراء، “من اللوحات المعلقة على الجدران إلى الأثاث إلى سمك الزينة في البركة”، بحسب تقرير “ذا هيل” المذكور أعلاه. ولم تتوقف عمليات الفوضى والنهب والقتل وتخريب الممتلكات إلا بعدما بدأ الجيش يطلق النار على المحتجين في الشوارع بمباركة الحكومة المؤقتة المشكلة من مدنيين وقادة طلابيين وإسلاميين وعسكريين متقاعدين، ولم يَعُدّ الغرب ذلك “انتهاكاً للديموقراطية وحقوق الإنسان” ولا ما جرى انقلاباً. كانت شيخة حسينة طلبت من قائد الجيش الجنرال وقار الزمان فرض حظر تجوال في وجه تصاعد الاحتجاجات وأعمال الشغب التي لم يعد بمقدور الشرطة ضبطها، فرفض. هدد ذلك أمنها الشخصي طبعاً وعمل حكومتها ومؤسسات الدولة، وكانت شيخة حسينة قد ارتكبت خطأً مميتاً عندما عينت وقار الزمان قائداً لجيش بنغلادش، البالغ عدده 200 ألف، قبل أسابيع فحسب من إطاحتها استناداً إلى صلة المصاهرة مع أسرتها، لكونه زوج ابنة عمها “اللزم”، وإلى الموازنات الضخمة التي خصصتها حكومتها للجيش وتحديثه، وتغاضيها عن المصالح التجارية الواسعة التي يديرها الجيش وضباطه. لكنْ، ثبت أن العلاقة مع البنتاغون، الذي احتفظ تاريخياً بعلاقة وطيدة مع الجيش والأنظمة العسكرية في بنغلادش، كانت أقوى. ولا يعني ذلك أن الإدارة الأمريكية أرادت انقلاباً عسكرياً مفتوحاً، بعدما أتقنت استخدام الأدوات “المدنية” في تنفيذ عمليات “تغيير الأنظمة”. لذلك، فشل انقلاب قائد الجيش الذي تحرك منفرداً في 26/6/2024 في بوليفيا مثلاً في إطاحة الرئيس اليساري لويس آرسي، ولم يدم إلا يوماً واحداً. وكانت شيخة حسينة قد انتقدت في مؤتمر صحافي في 2/5/2024 اعتقال 900 طالب وأستاذ في الجامعات الأمريكية على خلفية التظاهرات والاعتصامات مع غزة وفلسطين، متساءلةً إذا كان ذلك جزءاً من “الديموقراطية الأمريكية”، فبدأ الانقلاب عليها بعد ذلك التصريح بأسابيع بـ”انتفاضة طلابية”! البعد الجغرافي-السياسي في أحداث بنغلادشللعلم والخبر، كان تحالف شيخة حسينة الانتخابي عام 2018 يضم 61 حزباً إسلامياً، أي أن المشكلة مع “الجماعة الإسلامية” ترتبط بولائها لباكستان لا بتوجهها الأيديولوجي، بدلالة تحالف تيارات سلفية وغيرها مع شيخة حسينة. أما حمايتها للهندوس البنغلادشيين، الذين يعدهم التحالف المناهض لها “طابوراً خامساً هندياً”، فيرتبط بمفهوم المواطنة وتساوي الحقوق والواجبات في برنامج حزبها، “عصبة عوامي”، كما يرتبط بالضرورة بوجود عشرات ملايين البنغاليين في الهند ذاتها، وخصوصاً في ولايات غرب بنغال وأسام وتريبورا. يذكر أن ميانمار المجاورة تعد شعب الروهينجا بنغالياً، وقد نزح نحو مليون من الروهينجا إلى جنوب شرق بنغلادش وحده منذ عام 2015، وفي ذلك عبرة لبنغلادش. وكان شعور البنغاليين أن تمييزاً يمارس ضدهم من طرف الحكومة الباكستانية التي ظلت تحكم بنغلادش منذ استقلال الهند عام 1947 حتى 1971 السبب الرئيس لانفصال بنغلادش عن باكستان والحرب التي تلت، والتي قضى فيها ما بين 300 ألف إلى 3 ملايين بنغالي، بحسب المصدر، وهي حرب تلقت فيها بنغلادش دعماً من الهند التي تحدها، غرباً وشمالاً وشرقاً، على مدى 4096 كيلومتراً، وتلقت فيها باكستان دعماً من الولايات المتحدة والأنظمة العربية التابعة لها. لذلك، لا يسع الهند، من منظور جغرافي-سياسي، تقبل وجود سلطة موالية لباكستان في بنغلادش التي تقع فعلياً داخل الهند جغرافياً، ما عدا نحو 300 كيلومتر من حدودها الجنوبية الشرقية مع ميانمار، أو سلطة موالية لباكستان في بنغلادش، دولة البنغال، التي تمتد عميقاً داخل المجتمع الهندي ديموغرافياً. بعد إطاحة عمران خان بانقلاب أمريكي “ناعم” في باكستان عام 2022، بعدما تجرأ على زيارة روسيا بعد أيامٍ من بدء العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، تحولت السلطة في باكستان إلى سلطة أقرب للغرب، وأصبح دعمها لانقلاب بنغلادش، بالتالي، دعماً أمريكياً. ولا يمثل ذلك ضربة لروسيا فحسب، وإنما للصين أيضاً، حليفة باكستان سياسياً في مواجهة الهند حتى خلال حرب انفصال بنغلادش (مارست الصين حق النقض عام 1971 ضد قبول عضوية بنغلادش في الأمم المتحدة)، لكنّ الصين صامتة الآن، إذ إن “تغيير النظام” في بنغلادش يستهدفها، ويستهدف نمو علاقات شيخة حسينة معها، بحسب تقرير في صحيفة “هندوستان تايمز” في 10/8/2024.لا نتحدث عن هبة عفوية إذاً، ولا عن عوامل محلية بنغلادشية صرفة، بل عن صراعٍ تمتد جذوره إلى الاصطفافات المرتبطة بانفصال بنغلادش عن باكستان عام 1971، ولا يمكن فهم معالمه وتداعياته اليوم خارج سياق تناقضات عالمنا المعاصر إقليمياً ودولياً.البعد الاقتصادي في أحداث بنغلادشيذكر أن شيخة حسينة وصلت إلى الحكم للمرة الثانية عام 2009، ومنذ ذلك الوقت انفجر معدل نمو الاقتصاد البنغلادشي أسياً، ما عدا في فترة كوفيد-19، وكان من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي 460 مليار دولار مع نهاية عام 2024، انطلاقاً من 100 مليار عام 2008. قارن ذلك مثلاً بناتج محلي إجمالي يتوقع أن يبلغ نهاية العام الجاري 347 ملياراً في باكستان، على الرغم من أن عدد سكانها يبلغ 252 مليوناً، مقارنةً بنحو 174 مليوناً في بنغلادش، وعلى الرغم من أن مساحة باكستان تبلغ نحو 882 ألف كيلومتر مربع، مقارنةً بأكثر قليلاً من 148 ألف كيلومتر مربع في بنغلادش.هذا يعني أن قصة بنغلادش في ظل حكومة شيخة حسينة كانت قصة نجاح اقتصادياً، على الرغم من أن البلاد عموماً تكتظ بكثافة سكانية شديدة الارتفاع، وعلى رغم أن دكا، عاصمة البلاد، تحفل بثالث أعلى كثافة سكانية في العالم، بعد طنطا في مصر، ومقديشو في الصومال. وتتركز المشكلة في بطالة حملة الشهادات تحديداً، التي تفوق نسبتها البطالة بين أقرانهم غير المتعلمين، في حين جرى تخفيض معدل الفقر في البلاد من 41.5% عام 2006 إلى 18.7% عام 2022، ومعدل الفقر المدقع من 25.1% إلى 5.6% خلال الفترة ذاتها. شيخة حسينة تدفع ثمن سياسة تعزيز العلاقات مع روسيا والصيناتبعت شيخة حسينة سياسة تعزيز استقلال بنغلادش استراتيجياً، فسعت إلى تعزيز علاقات بلادها مع الصين، خصم الهند، ومع روسيا والولايات المتحدة والهند في آنٍ واحد. وكان من “خطاياها” في عين الولايات المتحدة والغرب الجماعي أنها انضمت إلى مبادرة “الحزام والطريق” عام 2016 واشترت غواصتين صينيتين، وافتتحت في 28/5/2024 قاعدة بحرية بنتها الصين تطل على خليج البنغال، سبقتها تمارين مشتركة مع الجيش الصيني، ومساعٍ صينية لتسليح جيش بنغلادش.في نهاية عام 2015، وقعت حكومة شيخة حسينة اتفاقاً مع روسيا لتشييد مفاعل نووي (مصنع Rooppur) بقيمة 12.65 مليار دولار بقرض روسي يصل إلى 90% من قيمة المشروع. ويهدف بناء المفاعل إلى الإسهام في حل مشكلة الكهرباء المستعصية في البلاد.في نيسان / إبريل 2023، تخطت حكومة شيخة حسينة محظوراً أمريكياً كبيراً عندما قررت سداد قسط مقداره 318 مليون دولار لروسيا من قرض المفاعل باليوان الصيني، بعد منع تداول الدولار الأمريكي مع روسيا وشركاتها تحت طائلة العقوبات. سبقت الإشارة في مادة “هل تطيح عملة بريكس الجديدة الدولار الأمريكي؟”، في 19/5/2023، إلى خطورة تلك الخطوة من منظور أمريكي، على رغم ضآلة المبلغ في عالم المالية الدولية International Finance، لأن اليوان لا يتحول إلى عملة دولية حقاً إلا عندما يتحول إلى وسيط للتبادل بين طرفين ليست الصين أحدهما، الأمر الذي استدعى تحذيرات أمريكية حادة، وعقوبات على الشركات الروسية المرتبطة بمشروع المفاعل.أضف إلى ذلك اكتشاف احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي في خليج البنغال، الأمر الذي عرضت شركة “إكزون موبايل” الأمريكية استثمار 30 مليار دولار لاستثماره عام 2023، لكن حكومة شيخة حسينة فتحت مزاداً للشركات الدولية، من أمريكية وصينية وغيرها، لاستكشاف حقول الغاز المحتملة في خليج البنغال في العام الجاري.وعلى سيرة خليج البنغال، صرحت شيخة حسينة في 21/6/2023 أن الحزب الوطني البنغلادشي يريد العودة إلى السلطة من طريق بيع جزيرة “سانت مارتن”، “ولو قلت أنني مستعدة لتأجير جزيرة سانت مارتن، أو بلادنا، لن تكون هناك مشكلة في بقائي في السلطة”. تكمن أهمية جزيرة سانت مارتن الصغيرة، التي تبلغ مساحتها 3 كيلومترات مربعة، في أن من يسيطر عليها يتحكم بخليج البنغال، وفي أن من يتحكم به يشرف على مدخل مضيق ملقا الشمالي، أحد أهم 4 ممرات مائية رئيسة في العالم، والمعبر الأهم للتجارة الصينية بحرياً. يذكر أن الهند التي تملك أرخبيل أندامان، الواقع فوق مضيق ملقا مباشرةً، ترفض وضع قواعد أجنبية فيه، وبالتالي أصبحت جزيرة سانت مارتن ثاني أفضل خيار، وهي بالأصل جزيرة استوطنها التجار العرب في القرن الـ 18 للميلاد، وسموها “جزيرة”، حتى غيّر المستعمرون البريطانيون اسمها إلى “سانت مارتن”.فإذا أغلق مضيق ملقا، تعمل الصين تحسباً على تجاوزه من خلال معابر برية إلى ميانمار، وصولاً إلى خليج البنغال، ومنه إلى بقية العالم، ومن هنا أهمية جزيرة سانت مارتن الجيواستراتيجية. وبناءً عليه، باتت ميانمار، بعد ميلان حكامها إلى جانب الصين، المرشح التالي لانقلاب أمريكي ناعم بعد باكستان وبنغلادش.أخيراً، بالنسبة إلى المدعو محمد يونس، الحبيب المدلل لهيلاري وبيل كلينتون وباراك أوباما وبيل غايتس، والمدعوم بشدة من الغرب مالياً وسياسياً، يفترض أن تمثل “جائزة نوبل للسلام” (عام 2006) شبهة بحد ذاتها، نظراً إلى سجل من حازوها في الماضي، وخصوصاً من العرب. لكنّ النموذج التمويلي الذي يقدمه يستحق التمعن أيضاً، فإذا كان السهم الذي تبلغ قيمته جنيهاً واحداً، والذي يحشد رأس المال الصغير تحت لواء رأس المال الكبير، أساس الإمبريالية البريطانية، كما كتب لينين في “الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية”، فإن حشد المدخرات الصغيرة جداً، التي تبلغ قيمتها بضع تاكا (عملة بنغلادش)، في إطار مركزي واحد إدارياً و”غير ربحي” قانونياً خلق إمبراطورية اقتصادية عملاقة خارج الدولة أكبر من أي احتكار خاص أو حكومي، الأمر الذي يستحق التمعن بصورة مستقلة من منظور علم الاقتصاد السياسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى