مقالات

جبيل وكسروان وهداوة البال والعيش المشترك

بقلم ناجي أمّهز

رغم اشتعال المنطقة بحر أب والحرب، يبقى الصباح جميلاً في كسروان وجبيل. عندما تخرج لإلقاء التحية على رب العالمين، تشعر أن الهواء نقي والهدوء والسلام يعمّان حياتك، رغم صعوبة الحياة بسبب الطبقة السياسية. لكن الله عوضنا في هذه المنطقة بجبالها وأشجارها عن كآبة السياسيين الذين هدفهم تنغيص حياتنا.نحن في جبيل وكسروان، مسيحيين ومسلمين، نعيش حياة هانئة مطمئنة يسكنها الأمل بالغد، وأن تبقى هذه المنطقة حجر الزاوية الذي في كل مرة يبنى عليه لبنان الجديد.بالأمس، كتبت عن قصة بيع العقارات وكل ما يُشاع من كلمات ومفردات حول الشيعة والمسيحيين، ونغمة “بيشبهونا وما منشبههم”، وكل هذا الكلام الذي يقال عنه انه بلا طعمة وبلا قيمة، من وين ما صدر.وقال لي أحد العباقرة المسيحيين بصوت سعيد عقل: “يا ناجي، عندما تكتب، تحفر في الدماغ حفراً، وتصير الكلمات غصباً عنها تدخل إلى الرأس، وكل شخص كسرواني أو جبيلي يهاجم شيعة جبيل أو كسروان يكون غريباً عن بلادنا”.ولا يوجد مسيحي او شيعي في جبيل وكسروان يتحدث كما يتحدث هؤلاء، لان هؤلاء ُغرباء عن المنطقة.يا عمّي، كيف ما “بتشبهونا ولا منشبهكم”، نحن أخذنا منكم وخلفنا، وأنتم أخذتم منا وخلفتم، فهل رأيت نسر خلف من دجاجة.عيب هذا الكلام، عيب.وابن جبيل وكسروان، سواء كان قواتي أو حزب الله، عوني أو كتلاوي، أحرار أو كتائب، فهذا شيء نتحدث عنه في السياسة، لكن ولا مرة سهرنا مع بعضنا وكانت بيننا الأحزاب.وكل شاب في حياته يختار حزباً أو مجموعة وينضم إليها، لكن عندما يصبح رجل ولديه عائلة وأولاد ومسؤولية، يصبح جاره هو حزبه وأخاه وقوته وابن طائفته.لنفترض أن الدنيا تغيرت وهاجم أحدهم جبيل وكسروان، هل الشيعي سيترك أرضه ويذهب إلى النجف او قم، وأنا سأترك أرضي والقديسين وأذهب إلى الفاتيكان أو باريس، أم نبقى كتفاً إلى كتف نقاتل وندافع عن المنطقة حتى تنتهي الدنيا.حتى إذا حدثت مجاعة لا سمح الله وذهبت أنا وأنت إلى باب الكنيسة، هل الكنيسة ستعطيني ولا تعطيك، وإذا ذهبنا إلى باب الجامع، هل الجامع سيعطيك ولا يعطيني.افعل يا عمّي ما تريده، وكل مسيحي يفعل ما يريده. من مع القوات يبقى مع القوات، ومن مع حزب الله يبقى مع حزب الله، وكذلك باقي الأحزاب، طالما جبيل وكسروان تجمعنا، فلا شيء يفرقنا.يا عمّي، الحرب الأهلية دامت 15 سنة ولم يحدث ضربة كف في المنطقة، وإذا كان هناك بعض الغرباء الذين أخطأوا بحق الناس، أول ما هدأت الدنيا طردناهم وما حدا بالمنطقة دافع عنهم او احترمهم.ومن أخطأ من أبناء المنطقة معروفون واحداً واحداً، لم يدخل أحد بيوتهم او مشيِ أحد في جنازتهم.والناس تلعنهم في الأرض وفي ملكوت السماء.يا عمي ما حدا شغلهم ماتوا من الجوع، ما في واحد منهم فتح مصلحة وحدا فات اشترى من عنده بالف ليرة.بجبيل وكسروان ما بتنفع غير المحبة.والسياسة التي تريد أن تفرق بيننا، لن تقطع نهر الكلب ولن تمرّ من البربارة. كل شخص كسرواني جبيل، شيعي، مسيحي، مهما كان، هو مثلنا ونحن مثله.منذ 250 سنة اعتنق الأمير ملحم الشهابي المذهب الماروني، بعد أن غير دينه من مسلم سني إلى مسيحي ماروني، ومنذ ذلك الحين بدأ حكم الموارنة. وفي الختام، يمكن أنتم تقلبون مارونيين أو نحن نقلب شيعة، ويمكن كلنا نقلب سنة، كل شيء يتغير في لبنان إلا لبنان يبقى لبنان، وفي كل العالم الناس تنتمي لأديانها وتتبع طوائفها، إلا عندنا في جبل لبنان، الناس تنتمي لجبل لبنان.وغصباً عني وعنك وعن كل من ليس راضياً، كل من يحمل هوية مكتوب عليها كسروان أو جبيل هو يشبهني ويشبهك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى