المقالات

احببتها بشدة وحركت في كل المشاعر الانسانية
من مجلة ليلة

الصورة الحقيقية…قصة قصيرة
زياد مصور شاب ،برز نجمه في الأشهر القليلة الماضية ،بعد التقاطه
لصور مثالية تنبض بالحياة …حققت له مكاسب كبيرة…لذا قرر هذه المرة الذهاب الى الأماكن المقرفة ومحاولة إيجاد صورة مذهلة وجذابة وسط البشاعة ….ذهب الى أحد الاحياء الفقيرة جدا……وأثناء تصوريه لبعض المباني المهترئة لمح طفلان مشردان يقفان عند الناصية وينظران اليه بلهفة وتعجب…كان الطفلان بنت وولد …
اتجه نحوهما …وعند اقتربه منهما ،أمسك الفتى بيد الفتاة …
حياهما المصور بابتسامة عريضة قائلا:
هل تريدان أن ألتقط لكما صورة جميلة …
نظرا الطفلان الى بعضهما وهما يضحكان ..وردا عليه بالموافقة ،بعدما ظهرت على وجهيهما ملامح السعادة …
وفي أثناء بحث المصور عن زاوية التصوير المناسبة
همس الفتى في أذنه أخته
لا تضحكي …لكي لا يحسب أننا سعداء ..
ردت متعجبة
ولماذا..؟
لأنه لو أدرك أننا سعداء لن يدفع لنا
هي :
وهل يدفعون مقابل التقاط الصور ؟
نعم في أغلب الأحيان..لا تضحكي إذا كنت تريدين شراء حذاء لقدميك
أقفلت فمها بعدما نطقت كلمة حاضر..
إلتقط المصور لهما صورا عديدة …دون أن يبتسما ابتسامة واحدة…مما أقلق المصور ..لأن نيته كانت إسعادهما بعدما رآهما حزينين …فأخبرهما انه سيلتقط لهما اخر صورة، لكن عليهما أن يبتسما ..
هنا نظرت الفتاة الى أخيها نظرة تعجب وافتخار…. فحقا الآن يمكنهم المساومة على الابتسامة…
نطق الفتى…
سيدي عليك أن تدفع لنا مقابل هذه الصورة
تعجب المصور ..ثم قال ..
ولماذا ..؟
ولماذا أنت حريص على التقاط صورة لنا ونحن مبتسمين… لتظهر للعالم اننا سعداء واننا بخير…وهكذا لن يدفع لنا أحد ..ولن أتمكن من شراء حذاء لأختي
صعق المصور على نحو مهول وهو ينظر الى قدميها
قائلا:
هل هذه أختك..
الفتى :نعم
إنها في خطر ..يمكن أن تصاب في قدميها بجرح أو مرض خطير
فرد عليه الغلام ..لا تقلق فهي بلا حذاء عندما تكون واقفة فقط…أما عند المشي فأعطيها حذائي …
تعجب المصور لهذا الكم الهائل من الحب … ثم نظرا اليهما مشفقا ،فسألهما
أين ولديكما
لا يوجد لدينا
اين تسكنان ؟
في أحد البيوت المهجورة عند نهاية هذا الحي …
ماذا تأكلان ؟
بقايا الطعام…
وما هو حلمكما ؟
الأخ :ان تملك أختي حذاء ملون وجميل ..
كان درسا قاسي للمصور..أعطاهما بعض النقود..ثم انصرف وهو مهزوم شر هزيمة ..
غادر المصور وهو مشمئز من نفسه بعدما ايقظ الطفلان ضميره…ثم قال محدثا نفسه
حقا فالمصور النزيه ،عليا التقاط الحقيقة كما هي ..وما نفع أن يبتسموا لحظة أو بضع لحظات وهم في باقي الأوقات بؤساء…نحن المصورن نبحث عن الصور المثالية فنعرضها للعالم على أساس أنها حقيقة الأشياء….وهي ليست كذلك..
رغم أن نيته كانت إسعادهما ليس إلا ..إلا أنه اكتشف في قرارة نفسه أنه كان يريد جلب مبيعات أكثر للصورة…لهذا كشفه ذكاء الصبي
…لقد عراه أمام نفسه…لم يغمض له جفن تلك الليلة ظل يراسل جمعيات مهتمة بالأطفال…وفي الغد ذهب إليهما وقد جلب معه الحذاء الملون ولباسا كاملا للفتاة وكذلك للفتى …وأخدهما معه إلى إحدى الجمعيات التي تهتم برعاية الأطفال الأيتام والمشردين… وعاهد نفسه أنه سيجعلهما سعيدين وسيهتم بهما ويقوم بزيارتهما كلما أتحيت له الفرصة لفعل ذلك…لقد غيرت هذه الحادثة رؤية المصور إلى الأشياء …إن على المصور التقاط الصورة الحقيقية التي تكون في أغلب الاحيان ..وليس الصورة الاسثنائية الشاذة التي يفسرها الذهن على انها الحقيقة المطلقة .

قصة وعبرة
هند رفعت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى