🛑 عن ما جرى في النصيرات
القوات الإسرائيلية دخلت مخيم النصيرات بشاحنات المساعدات الإنسانية من أجل تحرير أسراها، الذين كانوا موزعين على بيتين قرب مستشفى العودة، ثم خرجت الشاحنات ولاحقتها المقاومة واستطاعت قتل ظابط في وحدة اليمام وهو أرنون زامورا، ولجأت إسرائيل لقصف جوي وبري وبحري مكثف للتغطية على خروج أسراها، مما أدّى لاستشهاد 150 مدني فلسطيني.
الملاحظة الأولى..هي أن المعلومات تقول بأن إسرائيل كانت على معرفة دقيقة من يوم الثلاثاء الماضي بمكان تواجد الأسرى..وضلّلت على مستويين..ميدانيًا بشن هجوم من الجانب الجنوبي-الشرقي لدير البلح، للتغطية على العملية التي سوف تتم لاحقًا من الشمال في المنطقة الوسطى..وسياسيًا: بتصدير خلاف حان موعد حسمه بين جانتس ونتنياهو لإلهاء الناس بمتابعة انفجار داخلي، بينما الكل كان متفقًا على تحرير الأسرى في ذلك اليوم..مفاد تلك الملاحظة..هو وجود جواسيس على الأرض..لا يمكن أبدًا الحصول على معلومات مماثلة بالأقمار الصناعية، بل بمصدر محلي يعرف جيدًا بيوت المنطقة وتفاصيل قاطنيها.
الملاحظة الثانية..هي استخدام شاحنات المساعدات الإنسانية والتي تقول معلومات بانطلاقها من الرصيف البحري الأميركي..منذ الصباح الباكر دفعت إسرائيل بقواتها بحجة تأمين الرصيف العائم لتأمين دخول شاحنات المساعدات، ولم تكن تفعل شيئًا سوى التمهيد الميداني للعملية..صدّعنا الأميركيون ألف مرة بدورهم الإنساني في إدخال المساعدات لأهل غزّة..ثم صدّعونا بالضغط لزيادة عدد شاحنات المساعدات لنجدة السكان..وتلك هي النتيجة..ميناء ‘‘إنساني‘‘ أنشأته أميركا لتمكين إسرائيل من قتل ألوف الفلسطينيين جوعًا وعطشًا وأخيرًا بالقصف.
وتلك جريمة حرب ثلاثية..أن تمنع المساعدات، ثم تستخدمها بالقطّارة لتجويع الناس وإخضاعهم، ثم استخدامها في أعمال حربية..كيف يأمن الناس بعد ذلك لشاحنة واحدة؟..كيف ينظر الفلسطيني بعد اللحظة لعمال الإغاثة الغربيين؟..كيف تأمن حماس في أي موقف في المفاوضات لضمانات أميركية مُقدّمة من بايدن، وهي التي تقدم بيد إطارًا لوقف الحرب، بينما في الخفاء تدبّر مع إسرائيل لقلب مائدة التفاوض وتغيير الأوضاع الميدانية؟..الأميركي ألعن ألف مرة من الإسرائيلي..تلك الحقيقة المؤكدة يومًا بعد يوم.
الملاحظة الثالثة…هي أن فرقة أميركية معنية بالمختطفين ساعدات إسرائيل في العملية، ليس واضحًا هل بمشاركة ميدانية من الجنود الأميركيين أو لوجيستية بتقديم الخرائط والمعلومات الاستخباراتية ومهام الإسناد..لكن الثابت أن دولة نووية لم تتمكن طيلة 246 يوم من معرفة مكان أسراها إلا بدعم وتخطيط أميركي..كل الأفراح والتهاليل الإسرائيلية تخفي في وجهها الآخر العجز والورطة الإسرائيلية..أنها كيان متورّم طفيلي يقتات على المساعدة الغربية، وأن كل تفوقه سُحق على يد المقاومة، بحيث أن شباب ب ‘‘الشباشب‘‘ كسروا هيبتها، ولا مجال لاسترداد بعضها إلا بالدعم الأميركي.
الملاحظة قبل الأخيرة..أكبر من ملاحظة..هي تحية واجبة للسيد ‘‘يحيى السنوار‘‘..هذا الرجل الذي نعته كثيرون بالمجنون لأنه طهّر قطاع غزّة من الجواسيس، وأنه مفرط الشّك في المدنيين، وإلى آخره من الترهات..لولا جهاز ‘‘مجد‘‘ ولولا السنوار..لكان هناك جاسوس لكل مواطن. غزاوي..جاسوس من ضعاف النفوس الذين يسلّمون ضمائرهم بشيكل يدفعه المحتّل..ووجود الجواسيس على الأرض بعد 8 أشهر من الحرب..شهادة للسنوار بجهوده في تأمين البنية الداخلية والتحصين المعنوي لشباب وطنه حتى أصبح العثور على معلومة واحدة إنجازًا للصهاينة..لكن هذا لا ينفي ضرورة توخي الحذر في قادم الأيام.
أما الملاحظة الأخيرة فهي أن الحرب سوف تطول..إسرائيل للمرة الأولى وجدت مبررها للجنون العسكري..سوف تسكت آلة النقد الإعلامية الغربية، وسوف تستعيد اللحمة الداخلية المفقودة، لصالح مزيد من التدمير..لكن هذا لا يعني أبدًا نصرًا لإسرائيل أو هزيمة لحماس..بل العكس هو الأقرب..هذا لن يدفع حماس للين أو القبول بالفتات..بل الاستماتة لتأمين 120 أسير متبقي، وإلا التعنت أكثر بوضع شروط حاسمة لا تقبل تفاوض على المائدة..لأنها جربت الخيانة الأميركية..
فاصل من شهر أو شهرين من الجنون الإسرائيلي، لكن بعدها سيعود الانفجار الداخلي أشد وطأة..بعد أن يعلم الكل..أنه يمكنك بخيانة الوساطة تحرير 4 أسرى..لكنك ستدفع ثمن خيانتك بأرواح 120 أسير..ولن تستعيد جثثهم أيضًا إلا بألوف من أسرانا في سجونكم…ينتصر من يمتلك ورقة الضغط..وحماس تمتلك الأسرى..والأرض..وعقيدة المنتصر..ويعلمها ألأوف القتلى والجرحي من جيش الاحتلال أكثر من غيرهم !
عبده فايد Abdo_Fayed89@