قد يكون ما كتبه جدعون رتشمان، في “فايننشال تايمز”، هو الأكثر دقة….
صباحكم بخير
جزء من مقالي الجديد كتبته ونشرته قبل الإعلان عن هدمنا ملحمة الطوفان
قد يكون ما كتبه جدعون رتشمان، في “فايننشال تايمز”، هو الأكثر دقة عما يحدث على مستوى العالم، ومخاطر ذلك على الولايات المتحدة، وبطبيعة الحال النظام الدولي، بحيث حدد ثلاث مناطق في العالم، تواجه فيها قوى نشطة، حريصة على إخراجها منها، فهي تواجه روسيا التي تعمل على إخراجها من أوروبا، وتواجه الصين، التي تعمل على إخراجها من من جنوبي آسيا وشرقيه، وتواجه إيران التي تعمل على إخراجها من “الشرق الأوسط”، وفقاً لتعبيره.
أصبح من الواضح للجميع أن الهدنة الأولى ستتحقق، ووفقاً لشروط حركة حماس، التي يقودها في غزة يحيى السنوار، بجناحها العسكري، ورضوخ نتنياهو لكل الشروط، بعد أن بدأ استنفاج الفرصة الزمنية المديدة بالقتل والتدمير، والعجز عن تحقيق صورة انتصار، يبحث عنها لاهثاً، تقيه عواقب السجن، بعد خروجه من الحياة السياسية.
والهدنة هنا هي الخطوة الأولى نحو الإقرار بالهزيمة ليس للكيان فقط، بل لكل الأطراف الغربية والعربية، التي راهنت على الفرصة الأخيرة، لإبقاء منطقة غربي آسيا، ضمن صيغة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وأن هناك حاجة إلى الأطراف المهزومة، كي تعيد النظر في سياساتها الحالية، وتقرأ متغيرات قوة المقاومة المتصاعدة كما هي، بما أنجزته على مدى أربعة وأربعين عاماً، بعد خروج مصر من المعادلة الإقليمية.
وعلى رغم الخسائر المدنية الهائلة، نتيجة الإجرام الصهيوني، المغطى أميركياً وأوروبياً، فإن كل يوم يمرّ من الملحمة، هو بمثابة مزيد من الهزيمة للغرب بكيانه المصطنع، ويدفع المزيد من رفع مستوى المواجهة العسكرية على مستوى منطقة غربي آسيا، على نحو يعزز تسارع ولادة النظام الدولي متعدد الأقطاب، الذي استطاع أن يكبح الاجتياح الغربي في سوريا، وبعدها في أوكرانيا، ثم ليحقق الانتصار الأول في فلسطين، ابتداءً من معجزة 365 كم، ستترك آثارها الجيوسياسية على مستوى العالم أجمع، وتسرّع ولادة نظام دولي جديد، محكوم بقواعد جديدة، تنعكس على منطقة غربي آسيا، بنظام إقليمي جديد، يفترض تغييرات بنيوية داخلية لدولها، تنسجم مع حاجات شعوبها، للعدالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى نحو ينسجم مع التنوع الكبير لعناصر نسيجها الاجتماعي.
أحمد الدرزي