مقالات

مصالح القتل .

من لم يدرك عمق بدايات الصراع يصعب عليه الإنجاز المقاوم واستشراف المستقبل وما يجري من خفايا الصراعات اغلبه لا يطفح إعلانات بل يبقى ضمن سجال الاستهداف والإنجازات.إنّ مشاريع الإستيلاب التي سوّقت وتسوّق بعناوين شتى تأتي ضمن أجندات واستراتيجيات طويلة الأمد يصعب على عامة الناس كشف خفاياها سبقنا إليها الغير بالتفكير الجمعي للمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي لمراكز القرار كل هذا جرى ويجري مع جهل عميم وتدجين للعقول النابتة وتشتيت لصفوف الأمة وإسقاط الداخل بأبناء الدواخل.

من أوجد الكيان الصهيوني كان هدفه لما بعده في جغرافيا عالم المصالح والنفوذ، هي سياسة تسلّط على الشعوب لنهب ثرواتها ومسح هويتها يظهر هذا جليا مع تركيز نخبا من العملاء في مراكز القرار لحفظ كياناتهم.إنّ منابع النفط التي يحاول الغرب تعمية قيمتها هي سلاح موغل في دورة الاقتصاد العالمي والذهب الأسود دون منازع الشريان الوتين للقوة والنفوذ والتمدد والهيمنة. هذا السلاح المتروك عمدا عمل على تحيده منذ أن عرف قيمته.تاريخيا زرعت في جغرافيا العالم العربي غدتان أوّلهما الوهابية في أرض الحجاز أين اكتشف النفط لتكون هيمنة مزدوجة على المقدس والمدنس ولعبت هذه الغدة أقذر الأدوار حين أوكل إليها وظيفة تفتيت ما تبقى من شرعية للمؤسسات الدينية حتى امتد حفرها لجمهور المرجعيات ومن ضعف تشتيت الرأي العام الإسلامي من طبيعي ألاّ نجد أثرا للتفاعل الناجز مع أمّهات القضايا، مثل الدفاع عن فلسطين وغيرها حين نجد عواصم الغرب تنتفض للمشاهد المرعبة لقتل المدنيين الأبرياء في غزة.

أمّا الغدة الصهيونية التوأم للأولى والمتمثلة بشعب الله المختار، فإنّها زرعت في أولى القبلتين بعد محاصرة القضية الفلسطينية لصراع عربي صهيوني ومنها لفلسطيني صهيوني كل هذه المحطات من الأزمات ثبتت بعد اكتشاف النفط سنة 1938 ومن ثمانين سنة والمنقطة العربية تستنزف بنزاعات جعل منها الكيان الصهيوني البعبع الأول للعرب حين وجب الاعتراف أنّ هذا الكيان اللقيط وظيفي للشيطان الأكبر.هنا يكمن الخطأ في تشخيص أولويات الأعداء حتى أصبحت حكوماتنا تركب ضمن مفردات هذا الصراع ويترضى عنها في واشنطن على مستوى عمالتها لسيد الغرب ووكيله في الشرق الأوسط.كواليس معركة غزة عرّت البعبع وكشفت حقيقة سيده بعد أن ترجم طوفان الأقصى أهدافه على الميدان. وكلّ يفهمها وفق بما يمتلكه من معلومات أو قدرة تحليل واستشراف والأهم أنّ الشيطان الأكبر نزل بكل ثقله على ساحة النزاع حتى تدحرجت به الأمور بتقيد انتصار الصهاينة من انتصار بايدن في الانتخابات القادمة.قد يفهمها أحدنا أنها تقاطع لقوى مصالح، والأصح أن نفهمها في صورة معركة وجود للطرفين احدهم تثبت أن وجوده أوهن من بيت العنكبوت والأخر يريد أن يجاريها كرصيد في بنك أهداف منها حرب أوكرانيا وإنتخابات الداخل وتغطية عجزه عن ايجاد حلول لازمته الاقتصادية الداخلية.هذا ما يفهم من البنك الفدرالي الأمريكي الذي لا يتوقّع من تحقيق سيطرة على التضخّم باستعادة مستوى 2 في المائة قبل 2026..في تصريح هام، قال المرشح الرئاسي الأمريكي روبرت كينيدي جونيور أنّه إذا اختفت إسرائيل فإن روسيا والصين ودول البريكس ستسيطر على 90 في المائة من النفط في العالم.

الأمر سيكون ذلك كارثيا على أمن أمريكا ومستقبلها.صار وضع الكيان الصهيوني دقيق، وسبب دقته أنه أصبح الحصن المتقدم لمصالح الغرب ودرع نفوذه، وهنا يصبح الرهان مميت وقاتل بالمعنى الاستراتيجي عندما يكون المسبب في انهيار الإمبراطورية الأمريكية وحلفائها كيان بحجم صهاينة بيت العنكبوت.

تحدث موقع “UNHERD” البريطاني، في تقرير للكاتب أريس روسينوس، عن ضعف قدرة الولايات المتحدة في الدفاع عن العالم الذي خلقته على صورتها، والذي يتبدّى من خلال الحرب على غزة، أنه يُمكن أن تتسبب في انهيارها.قبل أقل من شهر، سُئل الرئيس الأميركي جو بايدن أمام الكاميرا عمّا إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على إنهاء الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط في وقت واحد، فأجاب: “نحن الولايات المتحدة الأميركية، أقوى دولة في تاريخ العالم”.

بعد بضعة أسابيع، وفي مواجهة ضغوط داخلية لإصدار أمر لـ”الصهاينة” بوقف حملة القصف الدموية ضد غزة، أعلن مسؤولو إدارة بايدن عن عجزهم التام عن التأثير في حليفتهم ولا يعرف هل هو تقاسم أدوار أم حقيقة عجز تظهرهم بهذا الحجم من التقزيم وفي كلتي الحالتين هي ضربة للولايات المتحدة الأمريكية.كشفت حرب غزة وأوكرانيا، حدود القوة ونقاط ضعف الإمبراطورية الأميركية. وما كان لروسيا أو لحركة حمـــاس أن تطلق أيًّا منهما، لولا الثقة والمعرفة في أنّ قدرة الولايات المتحدة على الدفاع عن العالم الذي خلقته على صورتها قد ضعفت وتتلاشى بشكل تدريجيي.إنّ سعي واشنطن لإعادة ترتيب الشرق الأوسط نحو حل سلمي الدولتين أصبح كلام لا يصدقه أي عاقل حتى من أقرب حلفائها.

كما علم من مسؤولين أميركيين، أن ادارة بايدن ستُجبر قريبا من خلال الضغوط الدولية والمحلية بوقف إطلاق النار لغاية الحفاظ على مصالحها في المنطقة، ليس حبّا أو شفقة بدماء الأبرياء.

مع ذلك، فإنّ أي وقف صهيوني للأعمال العدائية قبل “التدمير الكامل لحـــــماس” سوف يُنظر إليه في مختلف أنحاء العالم بأنه انتصار لحماس، وهزيمة للكيان والولايات المتحدة.أمّا إذا كبرت الأزمة لحرب شاملة وهذا ما تخشى منه أطراف شريكة في المنطقة للأمريكي حينها ستحوي نتائج لا يرغبها أي عاقل، والحال أنه ليس هنالك ما يفرض معادلة ردع حقيقية بالمعنى العسكري تجابه الخيارات بأخرى.يكفي أنّ سيّد الكرملين يذكّر في العالم بترسانته النووية مع كل إجراء يتخذه في الميدان الأوكراني، هو برأي المراقبين يذكّر الجميع بعدم تجاوز الخطوط الحمراء لقواعد الحرب القائمة .

بهذا يوجه رسالة لكل الغرب بردعهم عن اتخاذ قرارات يمكن أن تجر العالم لحرب عالمية.سؤال المرحلة المهم هل وقعت أكبر قوة تحكم العالم في مستنقع الانهيار بريط مصيرها بكيان منهار ؟

هذا ما سيفهم بمرور الزمان.وانا غدا لناظرة قريب .

حسن فضلاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى