مقالات

٤/٤ اذ تنهض افريقيا… تزداد فرص العرب …يكونون ام تذهب ريحهم؟

بيروت؛ ٢/١٠/٢٠٢٣
ميخائيل عوض
نهوض افريقيا وتحررها ليس منقطعا عما انجزه العرب في مقاومتهم المستدامة منذ قرن ونيف. وعلى صلة رحم بانتصارات محور المقاومة من بيروت الى بغداد وكابول وصنعاء وغزة ودمشق والجاري في الضفة وفلسطين ال٤٨، من مقاومة مسلحة.
فلا شيء يولد من الفراغ. ويحق لمن تفرد لخمسين سنة ونيف من مقاومة الهيمنة والغزوات بينما استسلمت الامم والقارات للعجرفة الامريكية الانكلو ساكسونية واعاقوا بل استنزفوا امريكا وعالمها الليبرالي المتوحش، وهي مهيمنة وسيدة على العالم. ومن صنع الانتصارات الاعجازية بالدم والصدور والعمران له كامل الحق ان يأمل باستثمار ما صنع  وافريقيا القارة التي ولد فيها اول انسان، وتعاضدت تاريخيا مع العرب، وتشاركوا في انتاج اول واكبر واوسع واطول امبراطورية حضارة التي جسدتها قرطاجة المطعمة بعرب اسيا وذات الجذور الشامية والسورية الفينيقية، لا تبهظهم حقهم ولا تبخسهم نضالاتهم وتضحياتهم وتفتح ذراعيها وتستدعيهم ليعودا الى تاريخهم وجغرافيتهم.
وتفيدنا الجغرافية ان 22% من الوطن العربي يقع في آسيا بينما٧٨%  في افريقيا. وعرب افريقيا يلعبون دورا قياديا في القارة ودوما ترنو عيونهم الى الشمال والشرق. ومن وقائع الأزمنة الحاكمة ان اول اتفاقية وعقد اممي تجسدت فيه لحظة توليد الانسانية لعصرها الحضاري الاول تم صكها في اتفاقية قادش على اثر الحرب الثانية بين الفراعنة والحثيين. وقادش تقع على ضفة العاصي بالقرب من حمص. كما تقول الأزمنة ان العثمانية ما كانت لتصير لولا الشام ومعركة مرج دابق، وعندما اشتد الظلم على الرسول وصحبه هاجروا الى اثيوبيا ليحتموا بها من جور ذوي القربى.
فبين العرب وافريقيا امتن واعظم من حبل سرة واعمق مما بين الشعوب والقارات.
للعرب فرصة تاريخية نضجت على نحو غير مسبوق في تاريخهم، ومنها انهم هم وكفاحهم ومقاومتهم من وفر ظروف صعود الامم والقارات ونزوعها التحرري، وقد جرت الحرب العالمية العظمى معهم وفي جغرافيتهم لخمسة عقود متصلة ويخرجون منها منتصرون وقد الحقوا الهزيمة بأمريكا السائدة والمهيمنة وتقود عالمها الانكلو ساكسوني العدواني. وفي حقائق الأزمنة والتاريخ واحكام الجغرافية ان من ينتصر بالحروب يكتب التاريخ ويقود في المستقبل.
وقد اختبروا الفرقة والاحتراب وتبديد الثروات والبشر والاستجابة لإملاءات وتنفيذ خطط الاخرين وبلغت بهم الظروف والتجربة انهم كانوا على خطا جسيم مدمر. وقرروا مغادرة هذه الحقبة الكارثية فتجسدت اللحظة الفاصلة في يقظتهم  المصالحة العربية العربية وبحضور الاسد قمة جدة كصقرها.
وهذه جاءت على وقع حدث لا يقل اهمية تجسد في المصالحة الاسلامية بين ايران والسعودية كلحظة فاصلة تقطع مع خمسين سنة من الحروب والتوترات والتآمر والتدمير والتفريط بالقدرات وتبديدها وتدمير البلدان وتهجير اهلها.
والاثنتين وقعتا في زمن  فاصل ايضا وقاطع مع الماضي تجسد في انتقال الصين من الدفاعية والكمون الى الفاعلية والهجومية لأول مرة في تاريخها من بوابة العرب والمصالحة الاسلامية، وتلك الاحداث واللحظات الفاصلة والمؤسسة لتطورات فرط استراتيجية استدعت افريقيا لنهوضها الثاني جرت على وقع تدخل روسي ناري في عاصفة السوخوي ٣٠ ايلول ٢٠١٥ وهذه من المحطات التاريخية الاكثر من نوعية في نتائجها وفي تحول روسيا من المنصة السورية الى لاعب عالمي من الطراز الاول، وسرعت من صعود الصين وتحولها الى الهجومية ووفرت اسباب انفجار الحرب الشاملة مع العالم الانكلو ساكسوني من الخاصرة الاوكرانية.
كل تلك التحولات العاصفة والفرط استراتيجية، كنواتج لقرن من المقاومة المستدامة والامة العربية لم ترفع راية بيضاء ولا تخلت عن حقها وضلت فلسطين رايتها والاشتباك مع العالم الانكلو ساكسوني ضابط التطورات والاحداث والتحولات والعرب والمسلمين في قلب الحرب كطرف محوري ووحيد في زمن انهيار الاتحاد السوفيتي وتراجع حركة التحرر العالمية وكمونها وفي افريقيا ايضا.
ما تقدم كحقائق معاشه لا ينفي ولا يتجاهل ان العرب ما زالوا  في احط ازمنتهم وفي حالة يرثى لها ومازالوا متفرقين وكانوا على احتراب شديد وبعضهم على تبعية عمياء للغرب وإسرائيل والاطلسي تقودهم امريكا الى الفوضى والتقسيم وصفقات القرن والتطبيع والانهيار، وان شعوبهم ابتليت بالتخلف والامية والهجرة واللجوء وحالة الفقر وعلى حواف المجاعات .
على كل حال؛ فعلى سطحهم في ان صيف وشتاء كشأن الامم عبر التاريخ فهم  امتان ككل امم الارض؛ امة الخيانة والتفريط وامة الصمود والمقاومة وبفعل نتائج التطورات والتجارب وخلاصة قرن من الاحتراب والتآكل وبفعل انتصار خيار امة ومحور المقاومة تغيرت وتتغير الاحوال فتصالح السعودية ايران وتقود المصالحة مع سورية وتتغير في بنيتها وقيمها وثقافتها وتغير في دورها واستراتيجياتها وتبتعد خطوات نوعية عن امريكا واملاءاتها وتعاندها، وتتعاقد مع الصين وروسيا. ومصر تتحول جوهريا وتتخذ مسافة من امريكا وتغادر حقبة الانهيار والاستسلام والتبعية العمياء وتنشغل بنفسها لتامين حالها استعدادا لدور عربي وافريقي وعالمي ينتظرها وتستدعيها الحقبة التاريخية وتحولاتها. وسورية صمدت في وجه حرب عالمية عظمى وتخطوا خطوات بطيئة نحو الشفاء والعودة لاعبا على ما خلقت من اجله وتعيد صياغة علاقاتها ودورها ومكانتها، وتنفتح على الصين من البوابات العريضة بعد ان امنت نفسها مع محور المقاومة واستقدمت روسيا كقوة محاربة معها وفي ارضها ومنصتها، واسندت وتساندت مع ايران التي امنت نفسها وبلغت اهدافها وانتزعت مكانتها دولة قطبية اقليمية سيدة نفسها وحليف موثوق واستراتيجي لاوراسيا، وتبنت قضية فلسطين والقدس وامدت الفصائل بكل ما استطاعت واسهمت في انهاض روح المقاومة في الامة وتلعب الدور المحوري في تامين المقاومة في فلسطين الضفة و ال٤٨ التي تقاتل ولا سبيل امامها الا النصر والتحرير الكامل من البحر الى النهر….
هكذا نجد ان الواقع المعاش والاحداث الجارية في الواقع تقطع بان فرصة العرب الناضجة والنوعية قد ازفت ويصير السؤال هل يستثمرون ام تذهب ريحهم…؟
الجواب المنطقي يميل الى ترجيح احتمال انهم سيستثمرونها ويعودون امة متوثبة ناهضة شريكا في صناعة العالم الجديد الجاري ولادته.
فأفريقيا تنهض  وبنهوضها تطلق رصاصة الرحمة على الغرب الاوروبي السبب المحوري في ازمات العرب وتقسيمهم وزرع اسرائيل في جسدهم، وانحسار اوروبا وتراجعها الحدي فرصة ذهبية للعرب وحافزة.
امريكا هزمت على يد العرب ومقاومتهم واقليمهم الاسلامي في افغانستان والعراق وفي سورية واليمن ولبنان وتفيد كل المؤشرات والوقائع بانها في حالة انحسار وانسحابيه.
اوراسيا الناهضة على عاموديها الصين وروسيا لا تضمر للعرب الشر وطبائعها ومصالحها وانماطها تشكل حوافز لنهوضهم وعودتهم لاعبا محوريا في العالم الجديد المنتظرة ولادته.
ايران اكملت مشروعها وحققت غايتها وليست ولا مصلحة لها بالاشتباك مع العرب واعاقتهم وما بينها والعرب ود وتحالفات فلم تشهد العلاقات منذ صدر الاسلام حروب سوى حرب صدام المدعوم امريكا واوروبيا والممولة خليجيا وتلك حقبة ذهبت ادراج النسيان.
تركيا الاطلسية مأزومة ومتراجع دورها ولم تعد لها قدرة الاعاقة .
الاسلام السياسي والمسلح فصائله الثلاث الاخوانية والوهابية والسلفية، استنفذ ودخل طور الضمور والتراجع الحدي بعد ان انكشفت طبائعه وعدوانيته وتوحشه وتحالفه مع الاطلسي ولم يعد ذو فاعلية قادرة على الاعاقة.
اسرائيل شجرة يابسة في حقل منذ ال٢٠٠٠ وقد ضربها السوس، ومازومة وتتراجع وترتهب من اصبع السيد حسن نصرالله ومن بالونات غزة الحارقة، وتضرب عصبها مقاومة فلسطينية شابة وجذرية لا خيار امامها الا لتحرير الكامل.
والعرب ببلدانهم المحورية تعقلوا وقرروا وضع حد للاحتراب والصراعات وتمويل الغزاة وتدمير العرب ودولهم وعمرانهم وتهجير شعوبهم وافقارها والعلاقات السورية السعودية الايرانية قد تتعثر او تبرد الى حين لكنها سلكت مساراتها الصحيحة وتسير على طريقها القويم.
السعودية بإدارة الامير الشاب والجريء والتغييري قد غيرت وتغيرت وتحولت وتستعد لدور محوري كما مصر التي نجت من مذبحة الاخوان والارهاب وتعالج ازماتها لتؤمن دورها ونهوضها والجزائر مازالت طودا على قيم وجوهر ثورتها…
من يقود؟
متى تكون العودة الميمونة؟
ما المعيقات في طريق عودة العرب وامتلاكهم لمشروع عصري حواري تفاعلي منسجم مع قيم العصر ويؤمن دورهم في العالم الجديد…
قضايا وموضوعات عالجناها في كتابنا الصادر ٢٠١٨ عن مكتبة بيسان بيروت تحت عنوان؛
العرب والمسألة القومية في القرن الواحد والعشرين.
قراءة معاصر في الدولة والامة والعولمة.
وسنعالجها على وقع جديد التطورات وندعو للانخراط في معالجتها فهي قضايا ومسائل وامور المستقبل القريب.
انتهى
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى