آخر الأخبار

هذه هي “قصة” ترسيم الحدود البرية…

لحود وحطيط يؤكدان تلاعب العدو “بنقاط المساحة”

حسان الحسن

عندما أُنجز تحرير الجزء الأكبر من الأراضي اللبنانية في 25 أيار 2000، بانسحاب جيش الإحتلال الإسرائيلي منها، في حينه حاولت الولايات المتحدة الضغط على لبنان، عبر رئيسة الدبلوماسية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت لدفع السلطات اللبنانية إلى الإعتراف بالإنسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان، بالتالي تطبيق القرار الدولي 425. غير أن لبنان ممثلًا برئيسه العماد إميل لحود الذي تابع عن كثب مدى التزام “إسرائيل” بتنفيذ القرار المذكور، من خلال إتصاله المباشر من الضابط في الجيش اللبناني المكّلف بالتأكد من تطبيق هذا القرار، وهو العميد الركن أمين حطيط، الذي أكد بدوره للحود، أن “إسرائيل كانت لاتزال تحتل 18 مليون متر من الأراضي اللبنانية، منها 5 ملايين تعود ملكيتها للبطريركية المارونية”.

لم يأبه لحود لكل الضغوط الأميركية، ورفض اعتراف لبنان بإنسحاب الإحتلال الإسرائيلي من أراضيه، ووصل السجال بينه وبين أولبرايت آنذاك، إلى حدٍ دفع الرئيس اللبناني إلى إنهاء الإتصال الهاتفي مع وزيرة الخارجية الأميركية، ما زاد من غضب الأميركيين على لحود، وعلى إثرها انقطع الإتصال بينهم وبينه. ثم  بعد انقضاء 20 يومًا على الإنسحاب غير المكتمل، عاود الأميركيون إتصالهم بلحود، عبر السفير الأميركي في بيروت وقتها ديفيد ساترفيلد، طالبًا من الدوائر المختصة في القصر الجمهوري تحديد موعدٍ لأحد كبار مساعدي ألوبرايت “المستر واكر”. يومها كان لحود موجودًا في المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين، وأبلغ المعنيين أن “في حال كان لدى الدبلوماسي الأميركي رغبةً بلقائي، فأنا موجود في بيت الدين، حيث سأحدد موعد اللقاء”.
 
لم يعتد المسؤولون الأميركيون على هذا النمط من التعاطي الرسمي اللبناني معهم. غير أن “المستر واكر” قصد “بيت الدين” للقاء لحود. واعترف الزائر الأميركي في حق لبنان بإسترجاع 18 مليون متر من الاراضي اللبنانية، كانت تحتلهم “إسرائيل”، وأكد أنه لم تنسحب قواتها من هذه الأراضي في 25 أيار، مشيراً إلى أن هذه القوات ستنسحب، شرط أن ينتشر الجيش اللبناني في هذه الأراضي.
فرد لحود على كلام المسؤول الأميركي، قائلًا: “قد ننشر الجيش، بعد أن أتأكد بنفسي من الإنسحاب الإسرائيلي من هذه الأراضي، من خلال جولةٍ ميدانيةٍ، سأقوم بها في المناطق الحدودية في الجنوب”. وبالفعل جال لحود برفقة العميد حطيط، الذي أكد لرئيس الجمهورية، الإنسحاب من 18 مليون متر.
ووضع حطيط الذي كان برفقة لحود “نقاطاً لتحديد المساحة” بين الأراضي اللبنانية والأراضي المحتلة في الشطر الثاني من الحدود على طول الخط الممتد من الناقورة حتى آخر المناطق اللبنانية المحاذية لفلسطين المحتلة.

 
بعد هذا الإنسحاب غير المكتمل، طالبت “إسرائيل” عبر الدبلوماسية الأميركية بأن تنتشر “القوات الإسرائيلية” خلف الخط الأزرق مباشرة، وأن يبتعد الجيش اللبناني 100 متر، بذريعة حماية أمن “الكيان”، فرفض لحود هذا الطلب، وقال للأميركيين: “لن نتراجع متراً واحدًا عن الشريط الحدودي، إلا إذا تراجعت القوات “الإسرائيلية”، وإما يتراجع الطرفان مئة متر”، فكان للبنان ما أراد.
وبقي الخلاف على الأراضي اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والجزء الشمالي من بلدة الغجر. يذكر أن هذه المناطق إحتلتها “إسرائيل” خلال حرب 1967، وأبقت على إحتلالها لهذه المناطق، بذريعة وجود الجيش السوري فيها آنذاك. وهنا يذكّر مرجع في العلاقات الدولية أن القوات السورية كانت تتوغل أحيانًا في تلك المناطق بموافقةٍ ضمنيةٍ لبنانيةٍ، بهدف الدفاع عن الجولان وجبل الشيخ في حينه.
بعد ذلك، زار ناظر القرار الدولي 425 تيري رود لارسن قصر بعبدا، ترافقه مستشارة كبيرة في القانون الدولي حيث التقيا بلحود. وقال لارسن إن “الأمم المتحدة ستعمل على ترسيم الحدود في المثلث الحدودي بين لبنان وسوريا و”إسرائيل”. عندهارد لحود غاضبًا، وقال للمسؤول الأممي في حضور الخبيرة في القانون الدولي: “ما دخل الأمم المتحدة في ترسيم الحدود، الترسيم يتم بالإتفاق بين الدولتين المحاذيتين، ثم يبلغان بدورهما الأمم المتحدة”. فلم تعلق الخبيرة، وتوقف لارسن عن متابعة عرض هذا الملف (أي ترسيم الحدود البرية).
 
إثر تحريك هذا الملف، علت بعض الأصوات في الداخل اللبناني وسواه، لتتهم سورية بأنها “لا تريد ترسيم الحدود مع لبنان، كي تبقي على خط أي مفاوضاتٍ لاحقةٍ بين لبنان و”إسرائيل”. غير أن وزير الخارجية السورية آنذاك وليد المعلم، أعلن أن “المناطق اللبنانية التي تحتلها “إسرائيل”، ليست أراضٍ سورية، وأن “خط هدنة 1948، يثبت هذا الأمر”، وهو في حوزة الأمم المتحدة. كذلك أعلنت سورية مرارًا ولاتزال حتى الساعة إستعداداً كاملاً لتثبيت حق لبنان في ملكية الأراضي المحتلة، بحسب تأكيد مرجع لبناني حليف لدمشق، الذي يدعو بدوره الحكومة اللبنانية إلى التواصل مع الحكومة السورية، لتثبيت حقوق لبنان.
 
وبالعودة إلى مسألة ترسيم الحدود، استغلت إسرائيل عدوانها على لبنان في تموز 2006، لتغيّر في إحداثيات نقاط المساحة التي حددها العميد حطيط. فعملت قوات الإحتلال على إزاحة نقطة المساحة في الناقورة حيث البلوك 9 للغاز الطبيعي في بحر المتوسط نحو 30 متر، لإعادة قضم الأراضي والمياه اللبنانية، على سبيل المثال. والمؤسف أن قيادة الجيش اللبناني على رأسها العماد ميشال سليمان، أقرت بانسحاب العدو من الأراضي اللبنانية التي إحتلتها خلال عدوان تموز، إثر إنتهاء العدوان، ولم تأت هذه القيادة على ذكر التلاعب بنقاط المساحة. بعد ذلك، وتحديدًا في العام 2009، قام لحود وحطيط يرافقهما الصحافي علي شعيب بجولةٍ ميدانيةٍ على الحدود الجنوبية، وأكدا تلاعب العدو الإسرائيلي بنقاط المساحة التي وضعها حطيط في العام 2000.
 
وتعقيبًا على ما ورد آنفًا، تحديدًا لجهة تثبيت حقوق لبنان في ملكية أراضيه، يسأل…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى