مقالات

النوي قحدون : جدار الدفاع الأمريكي… غزو العالم!

النوي قحدون
لن نخوض كثيرا في عقيدة راسخة لدى العقل الأمريكي المؤمن بمحو الآخر حتى يتسنى له البقاء ولن نتوقف عند إنجازات هذا العقل والتي يقدمها للعالم يوميا لتسعد شعوب أخرى بما يقدمه الحلم الأمريكي لكن المحير في الامر ان تلتقي عقيدة الشر في ابلغ صورها مع عقيدة الحرية والانطلاق والنجاح كواقع يومي امريكي.
لطالما سألت نفسي هذا السؤال ولطالما تابعت نخبا أمريكية في السياسة وفي الاقتصاد وفي التكنولوجيا وفي جميع العلوم وهي نماذج مبهرة حقا ومثالا يحتذى به لكنني عندما التفت الى تصرفات راعي البقر اقف مندهشا امام هذا الكم من الحقد ومن الشر الذي يسود نفسية صانع القرار هناك فعطفا على دخول الولايات المتحدة الامريكية متأخرة الحرب العالمية الثانية ومن اليوم الذي قررت فيه إعادة إعمار أوروبا من بوابة مشروع مارشال سيطرت أمريكا على تلك البقعة من العالم واقنعتهم ان هتلر سيبقى واقفا على كل بوابات أوروبا مالم تظل أوروبا تحت راية الولايات المتحدة الامريكية ومن فزاعة الى فزاعة ظلت تلك البلدان لا تشق عصا الطاعة وتتبع أوامر العم سام وحتى تلك الدول المجهرية بدأت تتخلى عن حيادها الإيجابي وتتوسل الانضمام الى مظلة الحماية الامريكية.
من عملية الغضب العاجل بعد يومين فقط من تفجير ثكنات قوات المارينز الأمريكي في بيروت وذلك في الخامس والعشرين من أكتوبر سنة الف وتسعمئة وثلاث وثمانون حين ذهبت أمريكا وغزت غرينادا وأطاحت بموريس بيشوب ذو التوجه القومي وفي المفهوم الأمريكي شيوعي الى القضية العادلة بين ديسمبر الف وتسعمئة وتسع وثمانين ويناير الف وتسعمئة وتسعين في بنما حيث اطيح بنورييغا الحليف السابق لها والذي جيئ به مكبلا وهو رئيس دولة مستقلة الى أمريكا امام اعين بوش والعدالة الامريكية ومنها الى عملية مقديشو او سقوط الصقر الأسود في الثالث من أكتوبر الف وتسعمئة وثلاثة وتسعين حيث غامرت بالدخول الى الصومال للإطاحة بفرح عيديد قائد المعارضة وزعيم قبلي ثم تلت صدمة الحادي عشر من سبتمبر عملية الحرية الدائمة في السابع من أكتوبر سنة الفين وواحد للبحث عن أسامة بن لادن في جبال تورابورا والإطاحة بحكم طالبان ثم اتجهت الى العراق في حرب الخليج الثالثة بتاريخ التاسع من مارس سنة الفين وثلاثة وتورطت بعد ذلك فيما حدث من هدم في ليبيا وسوريا .
وفي كل ذلك تتراوح عناوين الغزو بين الحرية والعدالة والغضب وهي كلها مفاهيم إنسانية عالمية لكنها انطوت على تدمير جزء كبير من هذا العالم وخلفت ضحايا بالملايين لا تكاد تذكر امام خسائرها في الانفس فمن يصدق بعد الآن ان هناك حريا أيديولوجية بين العالم المتقدم الذي تدعي أمريكا قيادته وعالم متخلف ينزوي تحت راية الشيوعية وما لهذه الشعوب الأوروبية تأبى رفض نمط تصرفات الأمريكيين في كل مكان وتترسخ في عقولهم أوهام ومخاوف المجهول فبالإضافة الى عدم شرعية كل حروبها في الخارج وتدخلها خارج نطاق مجلس الامن لا نكاد نرى شرا قضت عليه أمريكا بل اكاد اجزم ان متلازمة الحرب والفقر والتشرد هي صناعة أمريكية خالصة وما نراه اليوم في أوكرانيا خير دليل على ذلك فالحسنة الوحيدة لأمريكا هي اكتشافها لهذا الفتى الذي يجوب العالم خرابا ولا احد يستطيع مجاراته في استفزاز الأصدقاء قبل الأعداء ورويدا رويدا يكاد يقضي على جيشه وعتاده ويكتسح سوق السلاح المزدهرة هذه الأيام ووحدهم اغبياء أوروبا من يدفعون ثمن ذلك في غياب شعوبهم الرازحة تحت وطأة الدعاية الإعلامية الكاذبة ويخطئ من يزعم ان دعاية تكاد تذكر من الجانب الروسي فالذي يصدق ان بوتين زور انتخابات أمريكا وازاح انجيلا من عليائها ثم تدخل لإعادة انتخاب ماكرون يستطيع بسهولة ان يتقبل ان الروس يريدون احتلال أوكرانيا للقضاء على أوروبا ولن يلتفت احد ابدا الى تلك الأيام التي سبقت عملية أوكرانيا عندما كانت روسيا تبعث برسائل القلق وتطالب فقط بضمانات امنية هي اليوم مازالت على طاولة المفاوضات فالنسيان ومواصلة اكذب حتى يصدقوك هي الواقع اليومي لتلك الشعوب التي الفت نمط عيش لا تريد تغييره تحت أي ظرف ومعلبات حرية الرأي والتعبير والثورة بجميع اصنافها من الياسمين الى الرصاص الحي هي منتوجات يقتصر تصديرها فقط الى شعوب العالم الثالث وتعد أمريكا رائدة المصدرين لهذه المنتوجات فهو البلد الوحيد في العالم الذي ينتخب فيه الرؤساء غالبا على تحديات محلية تخص الشأن الأمريكي الداخلي ويجهل فيه غالبية مواطنيه هموم الأمم الأخرى تصل درجة الجهل الثقافي لانهم يعتقدون انهم ينتجون كل شيء ولا يحتاجون الآخر ثم تجد رؤسائهم خلال فترة توليهم مقاليد الحكم يولون كل الاعتبار لصناعة هذا الجدار والتوسع فيه وهو جدار مبني على الغزو وإثارة الفتن في أراضي الغير وفي التعدي على حرماتهم الثقافية والأخلاقية والاقتصادية ولم يسلم منهم حتى حلفائهم الطبيعيون ليبقى السؤال مطروحا دائما ماذا تريد أمريكا من العالم.
كاتب جزائري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى