أول ثانوية زراعية سوريّة كانت في سلمية وتخرّج منها أنور السادات
2023.07.07
بقلم محمد الحمصي
جدير بالمعرفة أنّه في عام 1908 قامت في مدينة السلمية بريف حماة مدرسة زراعيّة على أرض تعود ملكيتها للسلطان محمد شاه (أغا خان الثالث) بن آغا علي شاه الذي توفي عام 1957. وافتتحت أبوابها عام 1910 لتكون من أولى المدارس الزراعية التي نشأت في المشرق العربيتلك الفترة، واستمرت إلى حين اندلاع شرارة الحرب العالمية الأولى، حيث أتى حريق على كل موجوداتها، كما يروي الرحالة “وصفي زكريا” في كتابه “جولة في بعض البلاد الشامية”، وهو مهندس زراعي كان مديراً لهذه المدرسة بين عامي (1918 – 1923) وكان يشارك في تأليف الكتب ووضع البرامج الدراسية للطلاب. وقد أصبحت هذه المدرسة كما ورد في الكتاب المذكور “مصدر رقي مدينة السلمية الثقافي والزراعي، ناهيك عن نفعها لبقية بلاد الشام، والبلدان المجاورة”.
تحتفظ ردهات وجدران المدرسة الواقعة في الجهة الغربية من المدينة بلوحات تذكارية تحمل أسماء بعض من درسوا وتخرجوا منها ومنهم الرئيس المصري “أنور السادات” والرئيس السوري الأسبق “أديب الشيشكلي” والكاتب “محمد الماغوط” والشاعر “أحمد الجندي”.
في عام 1930 صدر قرار بإغلاق المدرسة لكنّه لم ينفّذ، وتخرجت آخر دفعة عام 1933، وفي العام 1933 ذاته أُحدث فيها صف لدار المعلمين الريفية تابعاً لوزارة المعارف واستمر حتى عام 1937، وفي ذلك العام تحولت المدرسة إلى محطة تابعة لمصلحة “سفاد” الخيول العربية بغية الحصول على السلالات الجيدة منها، ثمّ قام جيش الاحتلال الفرنسي بعدها باحتلال أبنيتها وتحويلها إلى مستودعات لتخزين الحبوب التي يتم مصادرتها من الفلاحين، واحتلت أبنيتها “الميرة” المسؤولة عن إطعام الجيش الفرنسي، واستمر وضعها على هذا الحال حتى العام 1943، حيث أعيد افتتاحها بموجب مرسوم حمل الرقم 101 وصدر بتاريخ 9/10/1943 لتكون مدرسة عملية مدة الدراسة فيها سنتان، وفي عام 1947 أصبحت مدرسة متوسطة زراعية بموجب المرسوم 403 تاريخ 2/4/1947 وتخرجت منها أول دفعة تحمل الإعدادية الزراعية عام 1950.
كانت توفر الإقامة للطلاب القادمين من الأماكن البعيدة الذين يتعذر عليهم الذهاب والحضور إلى المدرسة يومياً، والطلاب الوافدين من الأقطار العربية والأجنبية، فتؤمن لهم المبيت فيها مقابل أجر مقداره (25) ليرة شهرياً، ثمّ أصبح كل طالب يتقاضى شهرياً مبلغاً قيمته 400 ليرة بدل إطعام وتعويض باعتبار أن النظام أصبح خارجياً.
وفي عهد عبد الناصر تمّ وضع اليد على هذه المدرسة وأصبح معظم المعلمين فيها من التابعية المصرية، ليتوافد الطلاب القادمين من مصر ويشكلوا مانسبته 70% من اجمالي عدد طلاب المدرسة بعد تحويلها الى ثانوية زراعية بموجب القرار رقم 161 الصادر بتاريخ 9/2/1959.
تعتبر هذه المدرسة والتي تشغل مساحة /650/ دونماً, معلماً وصرحاً تعليمياً قديماً، بحاجة الى إعادة ترميم وهي مبنية من الحجر البازلتي الأسود، وقد تم تخصيص البناء ليكون مسرحاً يتسع لـ/500/ شخص، ويحوي مبنى مؤلف من طابقين؛ الأرضي منه مخصص للإدارة بينما الطابق العلوي هو مهجع للمدرسين والموظفين، ويقابله مبنى يحوي قاعات تدريس الطلاب، ويستخدم في يومنا كمستودع.