خفايا السبت المشهود.. بوتين لقادة الناتو: انتظروا الأخطر القادم!
ماجدة الحاج
ماذا بعد إحباط الحدث الإنقلابي الخطير في روسيا؟ وهل ما حصل يوم السبت المشهود الذي حبس فيه العالم انفاسه ترقّبا لمآل وتداعيات “تمرّد” قائد “فاغنر” يفغيني بريغوجين، هو فعلا محاولة انقلاب على القيادة الروسية والرئيس بوتين؟ ام هو “خديعة ” من صنيعة بوتين نفسه – وفق آراء الكثيرين الذين ايّدوا هذه الفرضيّة؟.. المؤكّد انّ “التمرّد انتهى أسرع مما توقّعه العالم-خصوصا قادة حلف “الناتو” الذين سرعان ما همدت “نشوتهم” وهم يترقبون ” انكسار” القيصر وربما فراره من بلاده بين لحظة واخرى، وبدء حرب اهلية وعنف وسفك دماء في الشوارع الروسيّة.. ليُصابوا بصدمة سرعة إخماد “التمرّد” دون ازهاق نقطة دم واحدة، وثبات الرئيس بوتين في مكتبه وتركيزه على حُسن سير المعارك في الميدان الاوكراني..
بل اكثر من ذلك، وبالتزامن، تحرّكت المقاتلات الروسيّة في سورية-مع نظيرتها السوريّة لتدكّ مواقع ومقار جبهة “النّصرة” في ادلب وريفها ولتسدّد ضربات غير مسبوقة افضت الى مصرع العشرات من قادة الجماعة الارهابية، ولتأتي المفاجأة التي وصل وقعها الى اروقة واشنطن، انّ بين القتلى عدد من ضبّاط الاستخبارات الاميركية الذين كانوا تحت رصد ومتابعة استخبارية روسيّة باجتماع مع قادة ميدانيين كبار بالجبهة في احد مقارها الذي دمّرته المقاتلات الروسيّة بالكامل- وفق ما نقلت معلومات في موقع “ميديا بارت” عن مصدر في موقع “انتيليجانس اونلاين ” الاستخباري الفرنسي.
وفيما ينهمك الخبراء والمحلّلين السياسيين والعسكريين حول العالم، بمحاولة “تشفير” ألغاز الحدث الاستثنائي الروسي في يوم السبت المشهود، حضر تساؤل الكثيرين حول من وقف خلف ” تمرّد” بريغوجين، وهو ما توقّف عنده اليوم الاثنين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وقوله” إنّ الأجهزة الروسيّة الخاصّة تحقّق في ما اذا كانت الاستخبارات الغربية متورّطة في احداث 24 حزيزان”.. ورغم انّ اصابع الاتهام دلّت على عدم استبعاد تورّط الاستخبارات الاميركية ونظيراتها في دُوَل “الناتو” بتمرّد بريغوجين، الا انّ الأخير الذي عوّل على انضمام اعداد من الضبّاط الذين سينشقّون عن قيادتهم منذ اعلانه بدء “التمرّد”، كما توقّعه الدعم الكبير والسريع من النّخب الروسيّة.. لم يجد مبتغاه.. وبدا لافتا ما ذكرته “صحيفة “واشنطن بوست” الاميركية، بأنه “تمّ ابلاغ الرئيس بوتين بسيناريو “تمرّد” بريغوجين قبل يوم من تنفيذه”!
لكنّ بريغوجين بدأ بتمرّده قبل ذلك بأسابيع، عندما بدأ بتوجيه اهانات وتهديدات خطيرة الى القيادة الروسية-خصوصا صوب رئيس هيئة الاركان ووزير الدفاع سيرغي شويغو- الذي توعّده بريغوجين ب” شنقه علنا في الميدان الاحمر ودفنه مع لينين”.. فهل يُعقل انّ الرئيس بوتين وكبار قادته لم يتابعوا “تمرّد” بريغوجين حينها قبل ان ينفّذه على الارض؟ هناك من الخبراء والمحلّلين العسكريين الرّوس من اكد انّ معلومات الاستخبارات الروسية كانت تقول إنّ القيادة في موسكو كانت تتوقع “تمرّد” قائد فاغنر منذ اشهر، بل ورصدت خيوط اتصالات بينه وبين المخابرات الاوكرانيّة عن طريق نظيرتها البريطانية.. ظلّت هذه المعلومات موضع شكّ الى ان اكدها اخيرا الضابط السابق والمحلّل العسكري الاميركي سكوت ريتر!
ريتر الذي اكّد انّ “فاغنر تمّ استئجارها من الغرب واوكرانيا لقيادة انقلاب على بوتين”، كشف انه تمّ القبض على خلايا ارهابية اوكرانيّة من قِبَل الاستخبارات الروسيّة قبل يومين من بدء تمرّد بريغوجين.. هذا قبل ان يكشف الصحافي البريطاني جورج غالاوي بدوره “انّ وكالات الاستخبارات الاميركية والألمانيّة مشاركة ايضا في سيناريو “تمرّد” بريغوجين، اضافة الى مخابرات دولة في الشرق الاوسط”-وفق تعبيره لم يحدّدها.. الا انّ وكالات انباء ومواقع اعلامية روسية اجمعت على انّ “اسرائيل” هي المعنيّة بقصده.
في المقلب الاخر، ثمّة من تبنّى فرضيّة “الخديعة” خلف تمرّد بريغوجين بهدف” قلب الطاولة” على واشنطن وحلف “الناتو”، إذ لا يُعقل انّ الرئيس بوتين لم يكن على دراية مسبقة بتمرّد بريغوجين “المرتقب”..خصوصا وانّ انباء متطابقة اجمعت على انّ “فاغنر” –بالاتفاق مع بوتين، قبضت ثمن التمرّد “المزعوم” ما يفوق 6 مليار دولار من البنتاغون.. ليتبيّن انّ واشنطن إبتلعت الطّعم.. وانّ ارسال بريغوجين الى بيلاروسيا تحديدا- وإلحاقه بمجموعات انتقتها القيادة الروسية، الهدف منه تعزيز حماية الدولة الحليفة لمواجهة بولندا وليتوانيا..
بيلاروسيا التي اعلنت امس عن “مخطّط معادِ للإستيلاء على السلطة عبر مسلّحين يدرّبهم ضباط استخبارات غربيون- وفق بيان لجنة امن الدولة البيلاروسية، والتي اكدت معرفتها بهؤلاء المسلحين، “كما هويّة ضباط اجهزة المخابرات الذين يقومون بتدريبهم”.. من هناك، وبرسالة صوتيّة اليوم الاثنين مدّتها 11 دقيقة، حصر يفغيني بريغوجين هدف “تمرّده” فقط بلفت الإنتباه، لمنع حلّ “فاغنر”، “وليس الإنقلاب على القيادة الروسية”..
وما بين الضبابية التي تلفّ وقائع” تمّرد” يوم السبت المشهود في روسيا، في ان يكون خدعة ام محاولة انقلاب حاكتها اجهزة الاستخبارات الاميركية وبعض نظيراتها في حلف الناتو، الا انّ تداعيات ذاك اليوم لم تنته بإنهاء التمرّد، سيّما انّ واشنطن ودول الحلف سارعوا الى نفي تورّطهم بتمرّد بريغوجين، واخرهم مجلس الامن القومي الاميركي على لسان المتحدث باسمه آدم هودج، والذي نفى اليوم اي علاقة لواشنطن بتمرّد “فاغنر”.. الا انّه –بحسب مصدر روسي، تمّ ابلاغ السفيرة الاميركية في روسيا، التي بدورها نفت علاقة بلادها بتمرّد بريغوجين، بأنّ “الرئيس بوتين لا يقفز عن الاحداث الخطيرة التي تهدّد بلاده، ولربما على قادة “الناتو” ان يتحضّروا للأسوأ القادم”!
ولم يغفل المصدر التلميح الى حقبة ميدانية غير مسبوقة بمفاجآتها، داخل اوكرانيا وخارجها.. خصوصا في سورية، “حيث الاحداث الكبرى القادمة”، مسددا نصيحة الى واشنطن بسحب جنودها سريعا من سورية.. وهو امر توقف عنده ايضا موقع “ميدل ايست آي” –الذي حذّر من “اخطار مرتقبة تخيّم فوق القواعد العسكرية الاميركية هناك ربطا بحمأة الكباش الروسي-الاميركي في اوكرانيا”.
ونقل الموقع عن الخبير في شؤون الجماعات المسلحة مايكل نايتس قوله” إنّ كل المؤشرات تدلّل على” سخونة عالية مرتقبة بين روسيا والولايات المتحدة في سورية”، مؤكدا “انّ حادث المروحية الاميركية في سورية ليل 11 من الشهر الجاري، لم يكن تقنيا بل تمّ اسقاطها وادى الى مصرع من فيها”، ومرجحا ان تكون طائرات “اف 22” التي ادخلتها واشنطن لاحقا الى سورية، في عين الحدث قريبا!