الأخبار العالميّة

شيخ السياسة الأمريكية هنري كسنجر

ان هدفنا الحقيقي من الحرب على العراق عام ٢٠٠٣ هو سيطرتنا الروحية التاريخية على العراق نضمن سيطرتنا الفعلية على الشرق الاوسط كله،وبالتالي
عموم العالم.
القيمة السياسية-الدينية للعراق
في مطلع الألفية الثانية اقتضت المرحلة الأخيرة من مشروعنا التدميري القائم على التقسيم الطائفي للعالم الاسلامي،ان نفرض الممارسة الفعلية لهذا الصراع اي بلوغ مرحلة الحرب الدامية بين الطرفين.

وقد وقع اختيارنا على العراق حيث تتوفر فيه أفضل الشروط الملائمة للصراع الشيعي-السني .
فهنالك طائفة شيعية أكثر عدديا ومظلومة تاريخيا ،ومحاولة القطب الشيعي الإيراني.
يقابلها طائفة سنية اقل عدديا لكنها فعالة ومتمرسة بالحكم ومدعومة من الجوار العربي
وخصوصا من القطب السني السعودي.

إذن موقع العراق الجغرافي المجاور لإيران والسعوديةخصوصا ثم باقي المشرق العربي بالإضافة إلى تركيا،وانقسامه الطائفي الواضح
جعلنا نختاره كأفضل ساحة للصراع الشيعي الإيراني-السني السعودي!

طبعا هنالك أسباب مكملة داعمة اخرى،فهو ليس فقط ملتقى القطبين الطائفيين،بل أيضا نلتقى التنوعات القومية لبلدان الشرق الأوسط:
عرب،اكراد،تركمان،مسيحيون،وغيرهم ..

هكذا،إننا بعد أن قمنا بأضعاف وخنق العراق حربيا واقتصاديا وبشريا طيلة أعوام التسعينات،نجحنا بفضل دعم اصدقائنا:
القادة الاكراد والإسرائيليين والايرانيين والسعوديين،ان تقنع قادة شيعة العراق وباقي الناقمين على صدام من السنة،ان يكونوا أداة طيعة في مشروعنا التدميري للعراق والمنطقة وللعالم الاسلامي باجمعه،بحجة مكافحة الدكتاتورية وبناء الديمقراطية!

يتوجب التنويه بدور صدام،فهو قد خدمنا منذ صعوده إلى السلطة عام ١٩٧٩،إذ قام بإعدام القادة البعثيين المناوئين لسياستنا وتخريب الوحدة مع سوريا.

ثم دخول الحرب التدميرية مع إيران،ثم اجتياح الكويت،وتوفير كل الحجج لنا لضرب العراق وحصاره وتجويعه واذلاله حتى اجتياحه واحتلاله .بل إن المسكين قد خدمنا دون قصد حتى بعد اطاحتنا به،إذ نجحنا من خلال مسرحيات محاكمته التلفزيونية ان نخلق منه بطلا عربيا سنيا راح ضحية المتعصبين الشيعة،وهذا الأمر لعب دورا حاسما في تغذية الصراع الطائفي!

منذ عام ٢٠٠٣ تمكنا بصورة تفوق التوقع ان نجعل العراق ساحة مكشوفة ومثالا فاضحا لكل المسلمين للصراع الدامي المحتدم بين القطبين الشيعي-السني.
بل جعلنا منه أرضا لعذابات المسيحيين والصابئة وباقي الجماعات،بالإضافة الى اسطورة عذابات الاكراد قبل ذلك.

استراتيجيتنا الحالية في العراق .
ان خلاصة سياستنا الخالية في العراق،ان يبقى لسنوات طويلة قادمة تحت سيطرتنا الكاملة(مباشرة وغير مباشرة)
سياسيا وعسكريا.
والعامل المهم الذي نجحنا بتاسيسه ونعمل على ابقائه،إننا جعلنا الدولة العراقية منقسمة طائفيا وقوميا،بحيث لا يمكنها أن تكون دولة مركزية قوية ،وهي عرضة سهلة لتفجيرها والتحكم بها. فترانا دائما عندما يستقوي الاكراد ويضعف العرب نبادر إلى خلق الخلافات بين الاكراد وتسهيل ضربهم من قبل دول الجوار .
وما ان يستقوي العرب حتى نبادر إلى تأجيج الصراع الطائفي بينهم وتعطي المجال البروز الدور الكردي واستخدام ورقة كركوك والمناطق المتنازع عليها ،واذا ما لاحظنا توحد الأطراف العراقية كلها وبروز نوع من الثقة بالدولة والشعور بالاستقرار وبروز ميول الوطنية المعادية للامريكان،حتى نبادر بتحريك عملائنا وتسهيل الأمر للإرهابيين للقيام بعمليات تدميرية تزعزع هيبة الحكومة وتحي الاحقاد الطائفية وتشجع هجرة الشباب والكوادر،وبالتالي تبرير الإعتماد علينا من أجل حمايتهم من الارهابيين!

نعمطيلة عقدين من الزمن جعلنا من العراق أرض الخراب ومركزا للظلام الذي ينتظر المنطقة باجمعها. آملين أن نجعل منه فيما بعد أرض النظام والاستقرار والبحبوحة ومركزا الشرق اوسط ديمقراطي منسجم تماما مع مصالحنا.

هل تعلم، بأننا نحن من يشجع التغلغل الإيراني في العراق ونعمل إعلاميا على تضخيمه اضعافا اضعاف،من أجل اخافة الدول العربية وتركيا ودفعها لكي تتصارع في أرض العراق،وايضا اخافة العراقيين ودفعهم للتمسك بنا لحمايتهم من الخطر الإيراني.

خذ مثلا،مسألة تأخير تكوين الحكومات خلال أشهر طويلة.
كان يكفي منا بعض الضغوط البسيطة على قادة الأطراف المتنازعة لكي يضطروا للاتفاق والموافقة على تكوين الحكومة المناسبة.لمننا تقصدنا الحيادية ولعب دور الأب الناصح الطيب الذي لا يمتلك سلطة حاسمة إزاء
الضغوط الإيرانية والسعودية والتركية..كل هذا من أجل أن يدوم ضعف الدولة ويفقد العراقيين ثقتهم بحبهم وقادتهم ويدعم شعورهم الطفولي بأنهم بحاجة لدورنا الابوي الناصح والحامي لأمن البلاد تمهيدا لتنفيذ مشروعنا تقسيم العراق!!!

ومن اكبر دلائل نجاحنا الكثير في التحكم بعقول العراقيين وباقي العالم،إننا اوهمناهم بأننا عازمون على ترك العراق بعد أن فشلت سياستنا به.

وبين حين وآخر نجري مسرحية إعلامية عن انسحابات عسكرية خداعة. بينما يكفي القليل من الحكمة للتفكير بالأمر التالي :
إننا شيدنا في المنطقة الخضراء في بغداد اكبر واضخم وأقوى سفارة في تاريخ البشرية.
مساحتها ١٠٤ هكتارات وتعد اكبر بستة اضعاف من مجمع الأمم المتحدة في نيويورك،وبعشرة اضعاف من سفارتنا في بكين.
كلفتها حوالي مليار دولار وتكلفة إدارتها السنوية مليار دولار.
فيها ٢٠ مبنى و١٠٠٠ موظف،وهي تعتبر مدينة مستقلة حيث تضم السكن والأسواق وكل وسائل الترفيه ومولدات الطاقة والتقنية والتصفية،حتى يمكنها العيش مستقلة تماما لعدة أعوام!

كيف يصدق انسان حتى لو كان له عقل طفل،إننا نشيد مثل هذه السفارة الأسطورية في بلد ندعي باننا في الطريق لمغادرته؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى