أميركا تواصل الإبتزاز: عودة “النازحين” من لبنان إلى سوريا ممنوعة
عند كل مفصل تجاهر واشنطن صراحة بإمساكها بورقة النازحين السوريين في لبنان ودول أخرى. هي صراحة تمارس عبرهم ضغوطًا إن على دمشق كتوظيف سياسي أو على الدول التي تستضيفهم لتحصيل شروط سياسية أيضًا.
وفي تصريح له، قال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية “سامويل وربيرغ”، الذي كان يتحدث لقناة “الجديد” اللبنانية، صراحة: “لا يمكن عودة النازحين السوريين، بسبب الظروف غير المناسبة وقبل الحل السياسي، والقرار يجب أن يكون بيد النازحين”.
تصريح “وربيرغ”، الذي يأتي في ذروة تحسن العلاقات العربية مع سوريا، يؤكد أن سلوك واشنطن في هذا الصدد لم يتبدل، ناهيك عن مواصلة ذات الاستراتجية اتجاه سوريا ككل. فهي تعلن صراحة رفضها عودة علاقات الدول العربية مع دمشق، وتأكيدها مواصلة الضغوط الإقتصادية إن كان مباشرة عبر العقوبات، أو عبر تهديد أي دولة تطبع العلاقة مع دمشق بعقوبات قيصر.
مؤخرًا، تصاعدت أصوات في لبنان، أكثرها من قوى كانت تشجع نزوح السوريين إلى لبنان مع بداية الأزمة كنوع من الدور الوظيفي الذي أنيط بها، لضرورة عودة النازحين إلى بلدهم. لكن هذه القوى، كما كان واضحًا، لم تتبن أي خيار عملي لإعادة النازحين، فهي ترفض التواصل الرسمي بين بيروت والعاصمة السورية، وهو ما من شأنه أن يشكل دافعًا لملف النزوح الذي لا شك أن يمثل عبئًا على الدولة اللبنانية التي تعاني من أزمة اقتصادية وتراجع كبير في قيمة العملة الوطنية.
سلوك تلك القوى في المرحلة الماضية، في ملف النازحين تحديدًا، كان يبين عن مآرب سياسية أكثر مما هي دعوات حقيقية وواقعية لحل الملف. وهو ما يبين أن إثارة الملف كانت من ضمن أجندات داخلية وليست خيارًا وطنيًا.
إن تصريح المسؤول الأميركي يشكل ورقة بيّنة لجدية القوى التي ارتفع صوتها في المرحلة الماضية، خصوصًا تلك التي تدور في فلك الأميركيين والسعوديين بشكل أساسي. فالملفت أنه لم يصدر عنها أي تعليق حول ما صرح به “سامويل وربيرغ”، وهو ما يثير شبهات حول خطابها في المرحلة الماضية.
في المحصلة، تواصل واشنطن الإبتزاز بملف النازحين، وهي تتحكم بكثير من سلوك مفوضية الأمم المتحدة المعنية بالأمر، سواء في لبنان أو الأردن أو حتى مناطق شمال شرق سوريا وشمال غربها وإلى حد ما في تركيا. وما التصريحات المتتالية في هذا الصدد والوضوح في الموقف إلا تأكيد على أنها لن تخرج الملف من يدها في المدى المنظور وهو ما يحتاج إلى رفع سقف التحدي في وجه هذا التدخل.
يبقى القول، إن ربط واشنطن الملف بالحل السياسي، وإعادة الإعمار، هو نوع من التأكيد على سياسة مواصلة ضرب سوريا اقتصاديا، ومحاولة ابتزازها لتقديم تنازلات سياسية. وهو أمر لا يمكن أن تسلم به دمشق، وستواصل التصدي له.