المقالات

الأنا المتورمه

من دون الدخول في التفاصيل ، وما أطلقه علماء النفس على هذا المرض النفسي وأسبابه وظواهره ومعالجاته ، إلا أنها ظاهره مزعجه لمن تجعله أقداره يتعامل مع هكذا شخصيه ، لأنك إن صمت عن أقواله و سلوكياته ستصاب بالغثيان وإن حاولت تقويم وتصويب بعضا من جموحه وتورمه سيناصبك العداء ويضمر لك الحقد ، أكثر ضحايا هذا المرض هم أشباه المثقفين وقليلي التجربة والخبرة ، وهؤلاء نراهم الأشد صخبا وإدعاء وحضورا في حياتنا الثقافية والإدارية والإجتماعية ، منهم من يعتدي على الشعر فيشوه الفراهيدي ومنهم من يخرج على الإعلام والشاشه فيطيح بهيكل وسيمور هيرش ، وبعضهم ينصب نفسه منظر سوسيولوجي واصلاحي فيأتينا بنظريات دونكيشوت ويسحبنا خلفه لمحاربة طواحين الهواء ، ويجعل من ديكارت وابن رشد والجابري تلاميذا في مدرسته. في منتصف الثمانينات ساقتني أقداري وعملي للتعرف على رجل كان يعمل بصمت ويجلس بهدوء منذ عام ١٩٧٠ الى جانب الراحل الكبير حافظ الأسد ، نشات بيننا علاقة شخصية وعائلية ومودة واحترام عميق كنت اكنه لهذا الرجل ، كان يعمل لساعات طويلة فالعمل الى جانب عملاق القرن حافظ الأسد ليس سهلا ولا مجال فيه للخطأ ، وكان دوره هاما وفاعلا ، إنه المرحوم اللواء زهير غزال أمين عام رئاسة الجمهوريه ، وشهادة مخلصة مني لله وللتاريخ فلم اسمع منه يوما أنه قال فعلت كذا وقمت بكذا او ارتأيت على الرئيس (وكثيرا ماأرتأى وهذا واجبه) بأي امر ، كان رجلا ممتلئا حكمة وأدبا وتواضعا جما ، تعلمت منه الكثير وما زلت أحتفظ له بعميق الحب والإحترام. سقت هذا المثل لأقول : أن الرجل كلما ازداد علما وفهما وعمقا وخبرة كلما ازداد تواضعا وإحساسا بأنه يحتاج الى المزيد من المعرفه وترميم النواقص وتقبل النقد والنصح والرأي الآخر. كم نحن بحاجة أن نقف أمام مرآة أنفسنا نضعها في ميزان عادل فلا نبخسها حقها ولكن لانسمح لها بالتضخم والتورم ، وصدق من قال : ملأى السنابل تنحي خجلا. والفارغات رؤوسهن شوامخ. …مع خالص محبتي للأعزاء جميعا د.جميل علي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى