لطرابلس تجربة مع الزعماء والمتزعمين ..!!!!عثمان بدر
لا يستطيع كائناً من كان حجب نور الشمس او تغطية الحقيقة وتجاوزها مهما حاول وفعل للالقاء بها في غياهب الظلمة, والحقيقة المطلقة التي لا يمكن لاحد القفز عنها او عدم الاقرار بها ان طرابلس قد انجبت كمّاً كبيراً من الزعماء الحقيقيين الذين تطأطأ لهم الهامات اجلالاً واكباراً وتركوا بصمات كبيرة وواضحة في تاريخ وجغرافيا لبنان والمنطقة ومنهم من اسهم في وضع اللبنة الاولى لاستقلال الوطن وصناعة مجده وعزه, ونحن نستذكر هؤلاء “الكبار” الذين دخلوا التاريخ من اوسع ابوابه و كرّسوا حالة “شعبية” ووطنية قلّ نظيرها تمثل امامنا صور بعض الوزراء والنواب الحاليين الذين لم يتمكنوا لغاية الان من طرق ابواب قلوب ابناء المدينة وبقوا كما يقول المثل:” لا في العير ولا في النفير” ولم يستطعيوا من جذب الناس اليهم سوى قلة قليلة من “الازلام” و”المحسوبين”, ولعل السبب من وراء هذا واضح وضوح الشمس في السماء وقت الظهيرة اذ شتّان ما بين “الزعيم” و” المتزعم”، وان كان هناك من يعمل وما زال في المدينة عبر مؤسساته وجمعياته على تقديم المساعدات.
والفرق بين الزعماء و”المتزعمين” شاسع وكبير وهو كالفرق بين الثريا والثرى او بين السماء والارض,فالزعماء انما كرّسوا زعامتهم من خلال العمل الجاد والدؤوب لخدمة الناس والصالح العام واقامة مشاريع انمائية لهم بهدف تحسين اوضاعهم المعيشية والاقتصادية ليكونوا “احراراً” يعيشون بعزّة وكرامة بعيدا عن شبح الفقر وذل السؤال, اما “المتزعمون” فانهم على النقيض تماماً اذ يكرسون اوقاتهم في ملاحقة مشاريعهم الخاصّة واعمالهم الشخصية وينشغلون في زيادة ثرواتهم على حساب معاناة الناس وآلآمهم ويعمدون لاذلالهم من خلال ايقافهم في “طوابير الذل” امام المكاتب والمؤسسات للحصول على مساعدة آنية “كرتونية” او سواها لا تُسمن ولا تُغني من جوع, وغالباً ما تكون هذه المساعدات موسمية اذ تسبق المواسم الانتخابية بوقت قصير, وهذا يشير بدون ادنى شك ان “المتزعمين” لا يعنيهم من قريب او بعيد الصالح العام وكل ما يسعون له ويعملون لاجل الوصول الى”الكرسي” لحماية مصالحهم الخاصّة بعيداً عن الصالح العام…
في دول العالم كافّة يُعد “المقعد النيابي” او “الحقيبة الوزارية” تكليفاً يعمل الواصل اليهما كل ما في وسعه الى اسعاد وارضاء الذين اولوه ثقتهم واسهموا في ايصاله الى هذا المنصب ويعمل على الدفاع عن مصالحهم واحقاق حقوقهم جميعاً الاّ في لبنان عموماً وفي طرابلس على وجه التحديد اذ يعتقد البعض ان المسؤولية تشريفاً ونيلاً ل “اللوحة الزرقاء”وتصدّراً للموائد والمآدب والتصريحات الصحافية واللقاءات المتلفزة وتقدماً للصفوف في المناسبات,وان خدماتهم تقتصر على “الحاشية” ومن دار في فلكهم…
و في واقع الامر ان فشل معظم هؤلاء في تكريس نفسه ك”زعيم” مرّده الى عدم الصدق في التعامل مع ابناء المدينة اذا انهم في المواسم”الانتخابية” يتسابقون ل”ارضاء” ابناء المدينة للفوز بلقب “سعادة النائب” و يهدرون في سبيل ذلك الاموال الطائلة و يتذللون للمواطنين ويدللونهم وما ان يتربعوا على “الكرسي” حتى يديرون لهم ولمعاناتهم ومطالبهم الظهور، باستثناء قلة تبقى في المدينة ولا تغادرها للسكن في مناطق اخرى اكثر “رقيّاً” و”تمدناً” و”تحضّراً” فليس غريباً اذاً ان بعض نواب طرابلس لايعرفون احياءها ومناطقها وزواريبها, وتكرر معزوفة الوعود مرّة كل اربع سنوات و تنتهي السنوات الاربع دون ان يقدم هؤلاء لمدينتهم وناسها ما يمكن ان يسهم في تخفيف معاناتهم واخراجهم من بؤسهم وشقائهم وضيق ذات اليد وتبقى اوضاع الفيحاء على حالها من الحرمان والاهمال والاستهتار…ففي زمن الوهن والضعف ما احوجنا الى زعماء حقيقيين لا الى “متزعمين”…