سلطة الفساد .. مرض عضال ينبغي استئصاله.. عثمان بدر
ليس الفساد حكراً على شعب دون الاخر او انه شاع في مجتمع معين دون ان يغزو بقية المجتمعات ولا نقول انه جديد او مستجد لانه موجود منذ ان وجدت الخليقة ,فهذا المرض العضال بات داءً معدياً وقد عمّ وشاع وبلغ ذروته “الدرامية” بحيث اضحى “سياسة” عالمية تنتهجها بعض الاوساط المعادية للشعوب في سياق “ترويضها” وتسهيل عملية السيطرة على مقدراتها وخيراتها وقد لاقت استحساناً ورواجاً ومؤيّدين ومناصرين لها وباتت تشكّل جزءاً من حياتنا اليومية واصبحت وسيلة لزيادة الثراء والثروة يعتمدها الكثيرون وان تعدّدت الاشكال والاساليب.
وللفساد اوجه عدّة واشكال مختلفة فمن الفساد الاخلاقي الى الفساد المالي الى الفساد السياسي الى ما دون ذلك تكونت ما يمكن ان يطلق عليها “سلطة الفساد العالمية” وباتت الامر والناهي في المجتمعات والوزارات والادارات والاحزاب والتنظيمات والفصائل والتيارات السيّاسيّة ويمكننا القول ان الانظمة العربية جميعها دون استثناء اسهمت عن سبق اصرار وتصميم وترصّد في اشاعة الفساد في بلدانها لتسهل عليها عملية “القبض على السلطة” وبدأت بعملية ممنهجة لنهب ثروات ومقدرات الشعوب ولذلك ليس غريباً او مستغرباً ان يكون غالبية الحّكام العرب من اغنى اغنياء العالم طالما انهم قد سخّروا البلاد وطوّعوا العباد في خدمتهم وخدمة عائلاتهم ومصالحهم الشخصيّة….
اما,على الصعيد الفلسطيني فمن بديهيات الامور ان يكون المجتمع الفلسطيني في دائرة الاستهداف من قبل الدوائر “الامبريالية” و”الصهيونية” باعتباره مجتمعاً ” مقاتلاً” ويناضل بكل الوسائل من اجل استرجاع ارضه المغتصبة واقامة دولته المستقلة اسوّة بكل شعوب الارض, فمنذ انطلاقتها المسلّحة في العام 1965 تعرّضت الثورة الفلسطينية لحرب ضروس شُنت عليها من “ذوي القربى” و الاعداء على حدً سواء وبعد ان عجزت الدوائر المعادية وحلفاؤها من القضاء عليها عسكرياً وسياسياً عمدت الى اشاعة الفساد فيها فكان ان استجاب بعض ضعاف النفوس من اصحاب المصلحة في شيوع الفساد ورويداً رويدا بدا بالتفشي داخل الجسم الفلسطيني حتى تمكّن من “نخره” والتغلغل في اعماقه فتحوّل “القائد” الى “مقاول” وارتدى الفاسدون لباس المناضلين وتقمّص اللصوص زي الثوريين واصبح المناضلون اشبه بالمتسولين يصطفون زرافات زرافات امام المقار والمكاتب التنظيمة لتلقي “الراتب” الذي بات هدفهم الاسمى و شاعت “سياسة ” الفساد والافساد التي بات لها مريدون ومؤيدون ومناصرون وحلّ “التزّلم” و”المحسوبية” و”الشللية” و”الرشى” مكان الكفاءة ومقاييس التضحية والاخلاص والعطاء فكان ان قُتلت عن عمدٍ الروح الثورية لدى شريحة واسعة من الفلسطينيين الذين تم تحويلهم من مناضلين الى “كسبة” و منتفعين….
ان “استعادة الثورة” يبدأ اولاً باسقاط الفاسدين والمفسدين وهي مهمة ملّحة وعاجلة ملقاة على كاهل الشباب في كل فصيل وتنظيم وحزب ومن ثم تبدأ عملية “اعادة تثوير” مجتمعنا الفلسطيني كمقدمة تفرضها متطلبات النضال الوطني المستمر منذ اكثر من مائة عام ولن تتمكن من ايقافه مفاوضات من هنا او اتفاقيات من هناك او تنازلات من هنالك…فهل شبابنا الفلسطيني على مقدار هذا التحدي…؟؟ سؤال نترك للايام والشباب الاجابة عليه…؟