سقوط “اقتراح القوات” يُحدِث عاصفة من الإتهامات (صفاء درويش)
عاصفةٌ من الإتهامات شكَّلها سقوط اقتراح القانون المُعجَّل المُكرَّر الذي تقدَّم به كتلة “القوات اللبنانية” في المجلس النيابي وذلك بخصوص آلية التعيينات في وظائف الفئة الأولى. تبدو “القوات” مُمْتعِضة من سقوط مقترحها الذي حاولت تمريره على عجلٍ، فيما الجزء الآخر يبرّر اسقاطه بين عدم تسليط سيف الوزيرة مي شدياق على رقبة التعيينات من جهة، وبين عدم جواز اقتراحه بشكلٍ معجّلٍ مكرّرٍ فيما يبدو أنّه بحاجة الى دراسة معمّقة للوقوف على شكلِ الآليةِ ومضمونها، إضافةً إلى ضرورة التوافق بين الوزير المختص وموظفي وزارته ممّا يخدم سير العمل، وهو الأمر الذي يسحبه مقترح القوات من الوزراء ويمنحه لشدياق حصرًا. أمّا القوات، فتعتبر، أنّ إسقاط المقترح يهدف إلى الإبقاء على التحاصص في التعيينات من دون اعتماد مبدأ الكفاءة، وهو ما ينتج عنه وصول مقرّبين من الفعاليات السياسية إلى مناصبٍ لا يُحسِنون إدارتها، ما يخلِّف ضعفًا كبيرًا في الإدارة.وبالفعل، حيث أنّه منذ سنوات ما بعد الطائف تتقاسم الكتل النيابية الكبيرة مختلف التعيينات، وخصوصًا المرتبطة بالفئة الأولى من مديرين عامين وسواهم، من منطلقات حزبية طائفية خدماتية بعيدة كل البعد من الحاجات الحقيقية للمؤسسات والوزارات. أحد أهم الأمثلة على ذلك هو ما حصل سابقًا في تلفزيون لبنان حيث وصل إلى رئاسة مجلس إدارته رجال أعمال يجهل بعضهم متطلبات الإعلام والنهوض بالقنوات التلفزيونية كما يجهل الباقون أسس الإدارة الناجحة والسليمة.في هذا الإطار، وفي تفاصيل مقترح قانون “القوات اللبنانية” المُعجَّل المُكرَّر، يتم تحديد المواصفات المطلوبة لأي منصبٍ شاغرٍ عبر مجلس الخدمة المدنية بناءً لطلب الوزير المختص بالإشتراك مع وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، ومن ثم يفتح باب الترشيح للمنصب أمام موظفي الفئة الثانية وكل من يحمل تلك المواصفات، كي تجري بعد ذلك مقابلات مع الوزير المعني ووزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية ويُصار إلى اختيار ثلاثة أسماء تُرفع إلى مجلس الوزراء فيختار منها مجتمعًا أحدها بغية تولّي المنصب.وعلى الرغم من التوتّر الحاصل بين “القوات اللبنانية” و”الكتائب” في الفترة الأخيرة، فإنّ كتلة الكتائب قد صوّتت بِنَعم على الاقتراح المُعجَّل المُكرَّر، رغم وجود وجهة نظر اخرى في بعض تفاصيل هذا القانون. فترى رئيسة جهاز التشريعات في حزب الكتائب المحامية لارا سعادة، أنّ التعيينات تؤثر على إنتاجية الدولة، ورأينا كيف كانت التعيينات القضائية وتعيينات المجلس الدستوري، لدرجة أنّ بعض المناصب القضائية جرى تعيينها من دون سير ذاتية للمرشحين إليها، وانطلاقًا من هنا كانت الموافقة على العجلة في بتّ القانون.من جانبها، ترى كتلة الوفاء للمقاومة، أنّ هناك فارقًا كبيرًا بين التصويت ضد العجلة والتصويت ضد القانون، وعلى هذا الأساس صوّتت الكتلة ضد مقترح “القوات” ليأخذ هذا القانون وقته في الدراسة والبحث، وكانت الكتلة تبحث من خلال الوزير محمد فنيش عن الآلية الأنسب للتعيينات حيث أنّ التوجّه لديها هو قوننة هذا الموضوع وعدم تركه بالشكل الحالي.أمين سرّ تكتل “الجمهورية القوية” فادي كرم، يرى أنّ “اقرار قانون التعيينات هو المدخل الحقيقي نحو الإصلاح في الدولة، وأنّ من يعتبر طرح القانون هو ردٌّ على موضوع الوزيرة مي شدياق هدفه الدفاع عن التحاصص وليس الإصلاح. وفي هذا الإطار، يرى كرم، أنّ “من حق كلّ وزير في الحكومة المطالبة بصلاحيات وزارته القانونية، ومن حق وزارة الدولية لشؤون التنمية الإدارية الإشراف على التعيينات في الفئة الأولى”. ويعتبر، أنّ “من حق أيّ كان أن يعيّن في منصب في حال يمتلك المواصفات المطلوبة بعيدًا من التبعية والتحاصص، مشدّدًا، على أن لا إصلاح من دون اعتماد آلية للتعيينات.مصادر نيابيّة من التيار الوطني الحرّ، تعتبر، أنّ اقتراح “القوات” مخالف للدستور الذي يكفل حق كل وزير في تعيينات وزارته، وبناءً على هذه القاعدة صوَّت التيار ضد مقترح “القوات”.أمّا حركة أمل، فتفيد مصادرها، أنّها تحفّظت على هذا القانون على أن يتم كشف كل ما حصل في الجلسات التشريعية خلال الأيام المقبلة.اذًا، بين محاولة تمرير قانون آلية التعيينات على عجلٍ وبين السعي إلى دراسته، لا يبدو أنّ أحدًا في المجلس النيابي يعارض آلية الكفاءة بعيدًا من المحاصصة إلّا أنّ الشيطان دائمًا ما يكمن في التفاصيل، فكيف مع كتل نيابية لبنانية يعجز هو أحيانًا عن مجاراة شيطنتها.