نزاع بقاعصفرين ـ بشري: لما لا تحسم الجهات الرسمية الأمر؟… (السفير :عبد الكافي الصمد)
دخل التجاذب بين بلديتي بشري وبقاعصفرين ـ الضنية بما يخص النزاع حول إنشاء بركة مياه في منطقة سمارة، في أعالي جرود بقاعصفرين، والنزاع حول القرنة السوادء، مرحلة جديدة من السجال بين الطرفين، بعد الإجتماع الذي عقد مساء أول من أمس الأول الخميس في مكتب وزير البيئة فادي جريصاتي، وتم الإتفاق خلاله، وفق البيان الصادر عن مكتب الوزير، على “وقف الأعمال موقتاً في البركة، التي أعطي أمر المباشرة بتنفيذها من قبل المشروع الأخضر التابع لوزارة الزراعة في 22 آب الماضي، وتكليف وزارتي البيئة والزراعة إيجاد بديل عن موقع البركة الحالي، بدءاً من صباح (أمس) الجمعة، ولمدة أقصاها أسبوع”.
هذه المرحلة التي جاءت في أعقاب سجال حاد نشب بين الطرفين حول مشروع البركة والقرنة السوداء، وتأكيد كل طرف وجود موقع البركة والقرنة السوداء ضمن نطاقه الإداري، يتوقع أن تعقبها مرحلة جديدة في ضوء ما سيصدر من تقرير عن اللجنة المشتركة لوزارتي الزراعة والبيئة، فإما حسم الأمور نهائياً وإنهاء الجدل بين المنطقتين الذي اتخذ طابعاً تحريضياً وطائفياً خطيراً، أو إبقاء الأزمة على حالها، ما يعني تجددها كل سنة في مطلع فصل الصيف، مع ما يرافق ذلك من إشكالات بين أبناء المنطقتين حول الأراضي والمشاعات في أعلى قمة في لبنان وبلاد الشام، ألا وهي القرنة السوداء (3088 متراً فوق سطح البحر).
وفي ضوء ما حصل مؤخراً، يمكن التوقف عند النقاط التالية:
أولاً: سبق الإجتماع الأخير الذي عقد في مكتب جريصاتي بـ24 ساعة، كتاب وجهه رئيس بلدية بشري فرادي كيروز إلى محافظ الشمال رمزي نهرا، في 11 أيلول الجاري، طلب فيه منه وقف أعمال سهلة سمارة الواقعة ضمن نطاق القرنة السوداء، مبرراً ذلك بأن أعمال إنشاء البركة تقع على ارتفاع 2700 متراً فوق سطح البحر، وهذا مخالف للقرار الصادر عن وزير البيئة أكرم شهيب في 17 / 11 / 1998، الذي بمنع تنفيذ أي أعمال في مناطق يزيد إرتفاعها فوق 2400 متراً، لاعتبارها محمية طبيعية، وقوله إن سهلة سمارة والقرنة السوداء هما “جزء لا يتجزأ من مشاعات بلدية بشري”.
هذا الكلام كان له صدى سلبي في بقاعصفرين والضنية، لأن سهلة سمارة والقرنة السوداء تقعان ضمن نطاق بلدية بقاعصفرين، وهو ما تثبته خرائط الجيش اللبناني وتقرير أمين السجل العقاري الصادر في 12 آب 2014، الذي حدد بوضوح هذا الأمر، وأن نهرا نفسه تسلم منه هذا التقرير يومها.
ثانياً: بينما تقول بلدية بشري إن موقع بركة سمارة يقع على ارتفاع 2700 متراً فوق سطح البحر، تقول بلدية بقاعصفرين إن موقع البركة لا يزيد إرتفاعه على 2200 متراً، وهو تباين في الراي كان يمكن حله بكل سهولة، عبر وزارتي الزراعة أو البيئة، عبر الإستعانة بجهاز خاص تقاس به الإرتفاعات، وهو متوافر بسهولة في السيارات أو حتى بين المواطنين، فلماذا جرى إعطاء مهلة أسبوع من أجل حلّ هذه المشكلة البسيطة؟
ثالثاً: تبدي بلدية بشري وفاعليات الجبّة حرصاً على البيئة والمياه الجوفية لم يعثر عليه إلا عندما يتعلق الأمر بمشاريع ونشاطات زراعية لأهالي بقاعصفرين، بينما يغيب هذا الحرص تماماً بما يتعلق ببرك مياه موجودة في مرتفعات البترون وجبيل وغيرهما، شبيهة ببركة سمارة المرتقبة، موجودة على ارتفاعات تزيد على 2400 متراً فوق سطح البحر، فكيف يمكن تفسير هذا التناقض؟
رابعاً: إن طلب بلدية بشري من جهات رسمية إيقاف العمل في مشاريع ونشاطات وأعمال زراعية لمواطنين في مناطق أخرى يعتبر غريباً، وزاد من غرابته تجاوب الجهات الرسمية مع طلبها. ما يطرح تساؤلات حول إنْ كانت هذه الجهات الرسمية يمكن أن تتجاوب مع طلبات بلديات أخرى في مناطق مجاورة لبشري إيقاف مشاربع ونشاطات وأعمال زراعية لمواطنين في منطقة بشري، فهل تستجيب هذه الجهات الرسمية لهكذا طلب، وكيف سيكون رد فعل بلدية بشري وفاعلياتها عندها؟
خامساً: إن إيقاف العمل بإنشاء بركة سمارة، ولو لمدة أسبوع، أثار استياءً في بقاعصفرين والضنية، جرى التعبير عنه بوضوح عبر وسائل التواصل الإجتماعي من قبل ناشطين، أبدوا قلقاً من أن يكون ذلك مقدمة لإيقاف أي مشروع مقبل في المنطقة، تحت حجج شتى، سواء من قبل بلدية بشري أو سواها، وأن هذا التدخل من قبل بلدية بشري بمشاعات تعود ملكيتها رسمياً لبقاعصفرين، غير مقبول، وينبغي على الجهات الرسمية وضع حدّ نهائي له.