حريق حرج السفيرة مرّ بأقل الأضرار: هل كان مفتعلاً؟…
كشف الحريق الذي اندلع في حرج السفيرة الصنوبري في الضنّية أول من أمس الإثنين عن مخاطر جدّية تهدّد الغطاء الأخضر الواسع الذي تنعم به الضنّية، وشكّل جرس إنذار لما يمكن أن يصيب المساحات الواسعة من الأحراج والأشجار الدهرية المعمّرة من مخاطر يحتمل أن تصيبها في المدى المنظور، ويقلص من حجمها.
هذه المخاطر التي جعلت الأهالي والناشطين والمهتمين بالبيئة في الضنية يصابون بقلق، تعود أسبابه إلى أن حرج السفيرة، الذي تقارب مساحته ثلاثة ملايين متراً مربعاً، ويتوزّع بين ثلاث بلدات، هي: السفيرة، بطرماز وطاران، يشكل برأيهم “الرئة الخضراء” التي يتنفسون من خلالها وهو الذي يمدهم بالهواء النقي والأوكسجين، كما هو حال الضنية التي تشكل المساحات الحرجية الكبيرة فيها “الرئة” التي يتنفس من خلال لبنان.
فما إنْ اندلعت شرارة الحريق في حرج السفيرة، الذي يعتبر أكبر حرج صنوبري في لبنان والشرق الأوسط، وشوهدت ألسنة اللهب وأعمدة الدخان الأسود ترتفع من الحرج، حتى وجّه الأهالي مناشدات للإسراع في إخماد الحريق قبل تمدّده، وسط مخاوف من عدم القدرة على إطفائه، أو السيطرة عليه، لأنه اندلع في نقطة لا توجد أي إمكانية في الوصول إليها عبر السيارات، وتحديداً سيّارات الدّفاع المدني وآليات الإطفاء، لأنه لا توجد طرقات ولو ترابية داخل الحرج، بل دروب مشاة ضيقة.
فقد تبين أن الحريق إندلع في درب مخصّص للمشاة داخل الحرج، وأنه قضى على قرابة 5 آلاف مترا مربعا من الأشجار الحرجية أغلبها من الصنوبر، وأنه من أجل التمكّن من إخماده فقد استنفرت مراكز الدفاع المدني عناصرها، إضافة إلى مساعدة الجيش اللبناني، واستقدام طوافة للمساعدة في عملية الإطفاء، إضافة إلى مشاركة عناصر بلدية السفيرة، ومأموري الأحراج في المنطقة، وأهالي بلدات السفيرة وطاران وبطرماز، الذين استطاعوا بعد جهود مضنية إمتدت أكثر من أربع ساعات في إخماد الحريق قبل تمدّد رقعته وفقدان السيطرة عليه.
ومع أن القوى الأمنية قد فتحت تحقيقاً لمعرفة ملابسات الحريق، برغم أن شهر أيلول يعتبر في لبنان شهر الحرائق التي تندلع طبيعياً بسبب ارتفاع دراجات الحرارة، فإن فتح التحقيق أبرز شكوكاً عدة من أن يكون الحريق مفتعلاً، لأنه وقع في جوار درب مخصص للمشاة داخل الحرج، أي أن أشخاصاً يحتمل أنهم مرّوا داخل الحرج هم من افتعلوا الحريق، برغم أن هذا الأمر ما يزال إحتمالاً لا توجد أدلة عليه، إلا أن مسلسل الحرائق الذي اندلع العام الماضي في الضنية، والذي تبين أن أغلبها كان مفتعلاً لأسباب مختلفة، جعل الشكوك تشير بقوة بعد حريق أول من أمس في أن يكون حريق حرج السفيرة مفتعلاً، إلى أن يثبت العكس.
هذه المخاوف شكّلت دافعاً لكثيرين من أجل حثّ الجهات المعنية، من بلديات ومأموري أحراج وقوى أمن داخلي، إلى التحوّط والتنبّه ومراقبة المناطق الحرجية خلال هذه الفترة، إلى حين هطول الأمطار، واتخاذ كل التدابير المطلوبة من أجل حماية المناطق الحرجية، وردع مفتعلي الحرائق عن ارتكابها، لأن خسارة أي رقعة حرجية، من أجل تحقيق بعض الأشخاص مصالح مالية في تجارة الحطب أو الفحم، أو وضع يدهم على أراض ذات ملكية عامة، أو العابثين، لا يمكن تعويضها بسهولة، وهو ما يشكل خطراً بيئياً على حاضر ومستقبل الضنية في السنوات المقبلة، ويهدّد الثروة الحرجية بالتقلص والإنحسار.
السفير: عبد الكافي الصمد