موسم القمح في ريف حلب .. مخاوف من تكرار خسائر الأعوام السابقة مع تفاقم أزمة الرّي والدّعم

إعداد : عبد الستار الموسى
الواقع الزّراعي في ريف حلب الشّرقي و الفلاح بين فكيّ العجز والإهمال ..
يعتبر القمح من المحاصيل الاستراتيجية في سوريا و الركيزة الأولى للامن الغذائي و مقوم من مقومات الزراعة السورية التي كانت تعتبر عماد الاقتصاد الوطني .
هنا في عمق السهول الممتدة شرقي حلب، حيث تمتد أراضي منطقة السفيرة ومحيطها حتى مشارف مسكنة، يقف الفلاح السوري اليوم أمام موسمٍ زراعي يبدو أكثر قسوة من الأعوام السابقة. الأرض العطشى ، والأسمدة ذات الأسعار المرتفعة ، تتسع الهوّة ما بين الحلم بالحصاد والواقع الذي يرهق المزارعين يوماً بعد يوم.
يصرخ الفلاحون ، بصوت يختلط فيه الإصرار مع الخذلان:
“نحن مقبلون على موسم زراعة القمح، والقمح بالنسبة لنا ليس محصولاً فقط، بل هو خبز أولادنا وأمن بلدنا الغذائي . لكن من أين نبدأ؟
البذور الغير متوفرة والتي لا نملك ثمنها نقداً، الأسمدة بما سمي بالسعر المدعومة لا تغطي سوا أقل من نسبة ال 10٪ ولا فارق بينها وما بين أسعار السوق السوداء التي لا تُطاق،مما يجعل الطريق الوحيد والمرغم الفلاح على سلكه هو طريق اللجوء للمرابين لتأمين مستلزمات الأنتاج بأسعار تحسب عليهم أدبال السعر العادي مقدرة بسعر القطع الأجنبي و تقلباته الماء غير متوفرة في أوقات الذروة… فكيف نزرع ؟ “
خسائر تتراكم ومواسم تتهاوى
خلال الأعوام السابقة وفي زمان الظلم والفساد وتهميش الفلاح والزراعة ، تكبد الفلاحون في ريف حلب الشرقي خسائر فادحة بسبب ضعف الإنتاج، الناتج عن غياب مقومات الزراعة الأساسية. فعدم توفر الأسمدة المدعومة، إضافةً إلى ارتفاع أسعار المبيدات الزراعية، وارتفاع اجور الفلاحة والحصاد جعل الزراعة مغامرة خاسرة في نظر الكثيرين.
تُقدَّر خسائر الفلاحين في العام الفائت وفق شهادات ميدانية بنسبة تجاوزت 40% ، وخاصة في القرى الواقعة على أطراف السفيرة مشروع مسكنة غرب،في المزارع 21-25-26 والمزارع الأخرى حيث انخفض منسوب مياه الري في قنوات المشروع الزراعي، ما أدى إلى تلف آلاف الدونمات من الأراضي المزروعة بالقمح والشعير والخضروات.
القمح… معركة الأمن الغذائي
بحسب باحثون في الشؤون الزراعية ، يزداد القلق الشعبي والرسمي على حد سواء خاصة بعد تحول سوريا من بلد مصدر للقمح إلى بلد مستورد لهذه السلعة . حيث يعتبر القمح ركيزة أساسية للأمن الغذائي السوري، وأي تراجع في إنتاجه ينعكس مباشرةً على سعر رغيف الخبز وقوت الناس اليومي.
غير أن الفلاحين في ريف حلب لا يملكون اليوم سوى القلق، بعد أن تخلّت المؤسسات الزراعية عن دورها في تأمين مستلزمات الإنتاج، وتركوا الفلاح تحت رحمة السوق السوداء والمحتكرين، الذين يبيعون الأسمدة والمبيدات بأسعار تضاعف سعرها الرسمي عدة مرات.
غياب المياه… ضربة موجعة للموسم:
تعاني مناطق مشروع مسكنة غرب من ضعف حاد في وصول مياه الري إلى الأراضي الزراعية، خصوصاً في فترات الذروة الإنتاجية. ويؤكد الفلاحون أن عدم انتظام ضخ المياه أدى إلى تلف المحاصيل في مراحل حساسة من نموها، ما جعل إنتاجية الدونم الواحد تنخفض بشكل كارثي.
ويطالب المزارعون الجهات المعنية بضرورة ضمان عدالة توزيع مياه الري بين الفلاحين، وتأمينها بشكلٍ مستدام، لتفادي خسائر جديدة قد تطيح بالموسم القادم.
الحلول المقترحة
يرى الفلاحون والخبراء الزراعيون أن الحلول ليست مستحيلة، لكنها تحتاج إلى إرادة وتنظيم وتعاون مؤسساتي.
ومن أبرز المقترحات التي خرج بها الأهالي:
- تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي من بذور وأسمدة ومبيدات (مثل مبيد الآفات الدريفلان) عبر المنظمات الدولية الداعمة للقطاع الزراعي مثل منظمة الفاو.
- تفعيل نظام “الدين المؤجل” من خلال المصارف الزراعية، بحيث يحصل الفلاح على احتياجاته الإنتاجية مقابل تسديدها بعد الحصاد، بعيداً عن جشع المحتكرين والمرابين.
- تحسين إدارة مشاريع الري،ولا سيما في مشروع مسكنة غرب، عبر تأمين المياه بشكل دوري ومنظم من تفعيل نظام الضخ الأعظمي ، مع مراقبة توزيعها بعدالة بين الفلاحين.وضمان عدم إقحام المياه كسلاح يستخدم للضغط على الحكومة وتحيدها عن السياسة والعمليات العكسرية من خلال الضامن والمنظمات الدولية 4.استلامالمحاصيلبأسعارتشجيعية تتناسب مع تكاليف الإنتاج وتقلبات سعر الصرف، لكسر الفجوة مابين ما يصرفه الفلاح ومايجنيه من بيعمحاصيله.
مع الاسراع في صرف ثمنها .
ونحن بدورنا ندعو إلى إلى إعادة مراكز البحوث الزراعية والحافظ على القمح السوري بنوعيه القاسي والطري والذي يعتبر من الأصناف النادرة في العالم ومحاربة البذور الدخيلة لكون القمح السوري من الاصناف النادرة
وفي نهاية هذا التقرير ننوه
إلى انه بين يدي الفلاح السوري اليوم أرضٌ خصبة ولكنها منهكة، وماءٌ موجود ولكنه محجوب، وأملٌ يتشبث بالبقاء.
فإذا كان القمح رمز الصمود السوري، فإن الفلاح هو حارسه الأول، والاهتمام به ليس ترفاً اقتصادياً، بل ضرورة وطنية تُعيد التوازن إلى مائدة الشعب، وتُبقي جذور الحياة حيّة في تراب وطننا المعطاء.
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً




