ارمِهم على أول رصيف وامشِ مرفوع الرّأس

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
في عالمٍ يزدحم بالوجوه وتضجّ فيه الأصوات تبقى الكرامة هي الصّمت الذي يصرخ في وجه كلّ من يحاول أن ينقص من قيمتك
هي الوقوف شامخاً حين يحاول الآخرون أن يحنوا ظهرك هي أن تقول لا حين يُطلب منك أن تصمت أن تبتعد حين يُطلب منك أن تتنازل أن تختار نفسك حين تُعرض عليك علاقة تُهينك
ما نفع الإنسان إن عاش بلا كرامة
أن تكون حاضراً في حياة الآخرين كظلّ لا يُرى إلا حين تُشرق شمس حاجاتهم فذلك موت بطيء لا يُشبه الحياة
أن تُجبر على التبرير على التحمل على التنازل فقط لتبقى في علاقة لا تُشبهك فذلك انتحار للروح لا يُسجل في سجلات الطب بل في دفاتر الوجدان
الصداقة بلا احترام
كوب ماء ملوث قد يُطفئ عطشك للحظة لكنه يترك فيك سماً لا يُشفى
العلاقات التي تُبنى على المجاملة على التسلّق على الاستغلال لا تستحق أن تُروى في دفاتر الذكريات بل تُرمى على أول رصيف وتُنسى كما تُنسى الأحلام الرديئة
الكرامة ليست كبرياء فارغ بل هي جوهر الإنسان هي ما يجعلك تختار الرحيل وأنت تعلم أن البقاء قد يُرضيهم لكنه يُهينك
هي ما يجعلك تبتسم وأنت تُغلق بابا خلفك لأنك تعلم أن ما خلفه لا يستحق قلبك ولا وقتك ولا حتى سلامك الداخلي
لا ترفع سقف توقعاتك في علاقات لا تعرف معنى الاحترام
ولا تضع قلبك في يد من لا يعرف كيف يصونه
ولا تبرر غياب من اعتاد أن يختفي حين تحتاجه
ولا تصنع أعذاراً لمن يتقن فن التجاهل
فأنت لست محطة انتظار ولا مرآة تعكس حضور الآخرين
الكرامة أن تعرف متى تنسحب ومتى تصمت ومتى تقول كفى
أن لا تشرح نفسك ألف مرة لمن لا يريد أن يفهم
أن لا تطرق باباً أغلق في وجهك مراراً
أن لا تلهث خلف من يرى وجودك عبئاً
أن لا تبيع نفسك في سوق العلاقات الرخيصة
الكرامة أن تمشي وحدك وأنت تعلم أن الطريق طويل
لكنك تمشي بثبات لأنك اخترت نفسك
أن تبكي بصمت لأنك رفضت أن تُهان
أن تضحك لأنك نجوت من علاقة كانت تسرق منك كل شيء
أن تنام مرتاح الضمير لأنك لم تخن نفسك
فلا تتنازل ولا تساوم ولا تبرر
كن كما أنت
صادقاً قويّاً وفيّاً لنفسك
فمن لا يحترمك لا يستحقك
ومن لا يرى قيمتك لا يستحق وقتك
ومن لا يصون كرامتك لا يستحق حتى ذكراك
وفي النهاية
لا أحد يستحق أن تُطفئ نورك لأجله
ولا أحد يستحق أن تُنقص من نفسك لتناسبه
ولا أحد يستحق أن تُهين كرامتك لتبقى في حياته
فمن لا يرى قيمتك في حضورك لن يفتقدك في غيابك
ومن لا يحترمك في قربك لن يشتاقك في بعدك
اختر نفسك
اختر كرامتك
اختر السلام الذي لا يُشترى
فأنت أثمن من أن تكون خيارا مؤقتا
وأغلى من أن تُعامل كشيء قابل للاستبدال
كن كما أنت
ولا تعتذر عن قوتك
ولا تندم على انسحابك
فمن لا يعرف كيف يصونك لا يستحق أن يرافقك في الطّريق
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً