نحن والفئران التجارب

نحن والفئران
بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
مختبر الشعوب بين المسرح والسياسةفي لحظة مسرحية نادرة وقف محمد صبحي لا ليؤدي دورًا بل ليكشف مصيرًا كان يتقمص شخصية شخصية انسان يخضع للتجارب بنفس التجارب التي تختبر على الفأر
لكن شيئًا ما في أدائه جعل الجمهور يلتفت إلى نفسه
الفأر لم يكن فأرًا كان نحن كان الإنسان الذي يكتشف متأخرًا أنه ليس خارج التجربة بل في قلبها
ليس خارج القفص بل داخله ليس خارج المجهر بل تحته
منذ تلك اللحظة لم تعد الفئران وحدها من تُحقن وتُراقب وتُستخدم نحن أيضًا لكننا نضحك نصفق نغرد ونكتب عن الحرية بينما تُجرى علينا التجارب
هذه ليست مبالغة مسرحية بل توصيف دقيق لحالة اجتماعية وسياسية تُدار منذ عقود تحت مسمى الاستقرار لكنها في جوهرها ليست سوى تجربة طويلة الأمد تُجرى على شعوب كاملة بأدوات أكثر أناقة من الحقن وأكثر فتكًا من السموم
فكان الفأر الذي يشبهنا أكثر مما نحب أن نعترف
في العلوم السلوكية يُستخدم الفأر لاختبار ردود الفعل في السياسات الدولية يُستخدم الإنسان لنفس الغرض لكن الفرق أن الفأر لا يملك وعيًا أما الإنسان فغالبا ما يُخدّر بالخطاب يُلهى بالإعلام يُراقب وهو يضحك ويُساق نحو التجربة التالية وهو يصفق
نحن فئران تجارب لكننا نرتدي بدلات رسمية ونحمل هواتف ذكية ونكتب منشورات عن الحرية
فالدول العظمى علماء بلا ضمير
الدول الكبرى لا تحتاج إلى مختبرات بيولوجية يكفيها أن تراقب رد فعلنا تجاه التضخم تجاه الحرب تجاه الشائعة تجاه بعضنا البعض تُطلق أزمة هنا تُشعل صراعًا هناك تُغذي خطابا متطرفا هنالك ثم تراقب النتائج هل ينهار المجتمع؟
هل يتكيف؟
هل يثور؟
كل ذلك يُسجل ويُحلل ويُستخدم لاحقا في تجربة أخرى على شعب آخرنحن لسنا سوى نقاط بيانات في جداولهم نُستخدم لصياغة سياساتهم وتطوير أدوات سيطرتهم
ونرى ان الإعلامهم كأداة تخدير جماعي
فحين يُجرى اختبار على فأر يُعزل عن المؤثرات أما الإنسان فيُغرق بها إعلام ترفيه خوف شائعات تطبيع تحريض كل ذلك يُستخدم لتوجيه رد فعله لتحديد سلوكه ولضمان أن يبقى داخل القفص حتى لو كان القفص ذهبيا ومزودا بخدمة واي فاي
فآن الفأر الذي قرر أن يفهم بحق لضبط سلوكه مرة اخرى تناقض عجيب ورهيب بيننا وبين ما يحصل من حولنا يجسدها الانسان في مسرحية كومدية ساخرو
ولكن المسرحية لم تكن دعوة للاستسلام بل للوعي
الفأر اكتشف الحقيقة
والإنسان يستطيع أن يفعل ذلك أيضا حين يدرك أنه يُستخدم يتحول من كائن تجريبي إلى كائن مقاومالوعي
لا يُباع في الصيدليات لكنه يُكتسب حين تتوقف عن تصديق الإعلانات عن تكرار الشعارات
عن الخوف من الأسئلة
فكانت كلمات الفنان محمد صبحي دعوة للرفض لسنا فئران إلا إذا قبلنا أن نكون
كذلك التجربة لا تنجح إلا إذا وافق الفأر على البقاء داخل القفص فلنكن نحن من يكسر القفص لا من يزيّنه فلنرفض أن نكون مجرد عينات في مختبرات الآخرين ولنبدأ في بناء مختبراتنا الخاصة
حيث نختبر الحقيقة لا الوهم…
.واللقصة بقية #عكس_الاتجاه_نيوز
#الحقيقة_الكاملة
#معاَ_نصنع_إعلاماً_جديداً
لمتابعة آخر الأخبار والتّطورات على موقعنا الإلكتروني
: 👇👇
www.aksaletgah.com