لحظة الصراع الكبرى حول سوريا
بقلم نبيه البرجي
إنه مأزق بنيامين نتنياهو ، العالق في عنق الزجاجة (أم على بوابة الزنزانة؟).
لا يستطيع المضي في الحرب ضد لبنان، لأن اتفاق وقف القتال قرار أميركي، ويتعلق بالمسار الاستراتيجي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولا يمكنه أن يفرض رؤيته للسلم في غزة، بنفي وجود ملايين الفلسطينيين ككائنات بشرية.في هذه الحال هل يكون الحل بالهروب الى سوريا؟ لكن الروس أبلغوه بأن أي عملية عسكرية ضد دمشق هي ضد موسكو، ولأنها دمشق التي لا يمكن لأهلها أياً كانت اتجاهاتهم، أن يتصوروا نجمة داود ترفرف على ضريح صلاح الدين الأيوبي، أو على مقام محيي الدين بن عربي.حتى الآن، لا يمكننا أن نتخيل سقوط مدينة كبرى مثل حلب بتلك السهولة، لكأنها خيمة في صحراء، ليوحي ذلك بالسؤال ـ الصدمة… ومتى تسقط دمشق؟من زمان رأى “الحاخام” عوفاديا يوسف، وفي تأويله للنص التوراتي، أن مجد أورشليم لا يقوم الا بخراب دمشق. سفر اشعيا قال “وتزول دمشق من بين المدن وتصبح ركاماً من الأنقاض”.
بمعنى آخر ان قيام “اسرائيل” الكبرى يقتضي سقوط سوريا، و”تشتيت ذئاب الشمال”، حين تقول الأوساط الاعلامية الأوروبية ان بيد نتنياهو أكثر من ورقة في الداخل السوري، وبوسعه أن يستخدمها ساعة يشاء، دون أن تكون لديه أي مشكلة في اللعب بالرؤوس الفارغة.المفارقة هنا أن زعيم “الليكود”، الذي يدعم خطوة (أو خطة) رجب طيب اردوغان العبث بالخارطة السورية، والى حد تفكيكها، يتوجس من وصول الجيش التركي، بالنزعة العثمانية، الى حدود الجولان، خصوصاً بعد محاولات احياء السلطنة من خلال دفع “الاخوان المسلمين” ومشتقاتهم، الى السلطة في مصر وسوريا، وصولاً الى ليبيا وتونس، وحتى الى بلدان الخليج. ولكن هل مسموح لأنقرة أن تتوسع خلافاً لمقررات لوزان، أو لأي مقررات أخرى تم تكريسها بعد الحرب العالمية الأولى. الأهم خلافاً لاستراتيجية الاحتواء التي أطلقها البيت الأبيض منذ منتصف الخمسينات من القرن الفائت.استطراداً، الساحة السورية ليست مشرعة أمام نتنياهو. هناك الأتراك الذين لهم أطماعهم في الشمال السوري، كما أن لديهم مشكلتهم مع الأكراد الذين وعدتهم كل من واشنطن و”تل أبيب” بدعم جهودهم لاقامة دولتهم المستقلة. الروس ايضاً، وحيث لا وجود لهم الا في سوريا الحليفة التاريخية. بطبيعة الحال هناك العراق وهناك ايران، ما يستتبع السؤال عن أماكن تواجد المستشارين العسكرين الذين لم نلاحظ لهم أي أثر على خطوط التماس مع الفصائل المعارضة، وقد فوجئنأ كيف أن الغارات “الاسرائيلية” تستهدفهم في منطقة المزة. هل مهمتهم تقديم الشورى لشرطة السير في الشارع هناك؟آراء ومعلومات كثيرة تتمحور حول الوضع في سوريا، التي تبدو اليوم أمام منعطفات تاريخية (كذلك نحن في لبنان ولكن دون المس بوحدة الأراضي اللبنانية، بالرغم من وصف “الجيروزاليم بوست” للجنوب اللبناني بالشمال الاسرائيلي).
من ضمن تلك الآراء والمعلومات، أن اردوغان الذي يحتفظ بتلك الكمية الهائلة من المسلحين في المناطق المحتلة، لم يلق أي نتيجة في الضغط السياسي على الرئيس السوري بشار الأسد لاعادة هيكلة السلطة باشراك “الاخوان المسلمين” فيها، فكان لا بد من الضغط العسكري، لاعتقاده أن هذا هو الوقت الذهبي للصفقات ذات الطبيعة الاستراتيجية .
الرجل يخشى أن يكون بين “كوكتيل الصفقات”، وفي ضوء التفاعلات التي حدثت خلال السنوات المنصرمة بين الشمال والشرق السوري، انشاء دولة كردية ما يشكل تهديداً بنيوياً للدولة التركية، خصوصاً بعد رفض الرئيس السوري التعاون معه في هذا الاتجاه قبل خروج القوات التركية من بلاده. ولكن ما هو مفهوم اردوغان للشراكة في السلطة في سوريا، سوى أن يزرع “الاخوان” فيها، وهم الذين عرفوا بتأجير ظهورهم أو ببيع ظهورهم لمن يشاء.واذ نرى، من موقع الغيرة على سوريا ضرورة اشراك أدمغة نظيفة ومميزة من المعارضة السلمية في مراكز القرار، نسأل اردوغان عن أي ديمقراطية يتحدث، وهو الذي يستأثر بالسلطة ويلعب بالدستور كيفما شاء للبقاء على عرش السلطان. ثم ألا يشكل “الاخوان” المرشد الروحي للأنظمة الثيوقراطية والتوتاليتارية، ما يشكل تهديداً للتشكيل السوسيولوجي للدولة السورية؟ ومع اعتبار أن هناك دولاً عربية خليجية ومؤثرة ترفض وبصورة قاطعة، أي دور لتلك الجماعة في السلطة.موقع تركيا الجغرافي بجناحيها الآسيوي والأوروبي، وبامساكها بمضيق الدردنيل، يجعلها حاجة روسية وحاجة ايرانية. ولكن هل يمكن له اللعب العسكري على الساحة السورية بالصورة التي تهدد الوجود الروسي والوجود الايراني على السواء؟الاستعدادات العسكرية السورية على قدم وساق. هذه المرة تهديد بتحطيم “المخالب العثمانية”، لكن المشكلة في هول الضحايا، وفي تدمير مدينة هي العصب الصناعي للبلاد. هنا تظهر الكوة الديبلوماسية بعقد أطراف عملية آستانا اجتماعاً لهم في الدوحة بدايات الشهر المقبل. في كل الأحوال انها لحظة الصراع الكبرى حول سوريا. ربما حول المنطقة
…
الديارلبنانكتّاب الديارإقتصادأخبار عربيةاخبار دوليةمنوعاترياضةالصحيفةشروط الإستخدام إتصل بنا
حتى الآن، لا يمكننا أن نتخيل سقوط مدينة كبرى مثل حلب بتلك السهولة، لكأنها خيمة في صحراء، ليوحي ذلك بالسؤال ـ الصدمة… ومتى تسقط دمشق؟
من زمان رأى “الحاخام” عوفاديا يوسف، وفي تأويله للنص التوراتي، أن مجد أورشليم لا يقوم الا بخراب دمشق. سفر اشعيا قال “وتزول دمشق من بين المدن وتصبح ركاماً من الأنقاض”. بمعنى آخر ان قيام “اسرائيل” الكبرى يقتضي سقوط سوريا، و”تشتيت ذئاب الشمال”، حين تقول الأوساط الاعلامية الأوروبية ان بيد نتنياهو أكثر من ورقة في الداخل السوري، وبوسعه أن يستخدمها ساعة يشاء، دون أن تكون لديه أي مشكلة في اللعب بالرؤوس الفارغة.
المفارقة هنا أن زعيم “الليكود”، الذي يدعم خطوة (أو خطة) رجب طيب اردوغان العبث بالخارطة السورية، والى حد تفكيكها، يتوجس من وصول الجيش التركي، بالنزعة العثمانية، الى حدود الجولان، خصوصاً بعد محاولات احياء السلطنة من خلال دفع “الاخوان المسلمين” ومشتقاتهم، الى السلطة في مصر وسوريا، وصولاً الى ليبيا وتونس، وحتى الى بلدان الخليج. ولكن هل مسموح لأنقرة أن تتوسع خلافاً لمقررات لوزان، أو لأي مقررات أخرى تم تكريسها بعد الحرب العالمية الأولى. الأهم خلافاً لاستراتيجية الاحتواء التي أطلقها البيت الأبيض منذ منتصف الخمسينات من القرن الفائت.
استطراداً، الساحة السورية ليست مشرعة أمام نتنياهو. هناك الأتراك الذين لهم أطماعهم في الشمال السوري، كما أن لديهم مشكلتهم مع الأكراد الذين وعدتهم كل من واشنطن و”تل أبيب” بدعم جهودهم لاقامة دولتهم المستقلة. الروس ايضاً، وحيث لا وجود لهم الا في سوريا الحليفة التاريخية. بطبيعة الحال هناك العراق وهناك ايران، ما يستتبع السؤال عن أماكن تواجد المستشارين العسكرين الذين لم نلاحظ لهم أي أثر على خطوط التماس مع الفصائل المعارضة، وقد فوجئنأ كيف أن الغارات “الاسرائيلية” تستهدفهم في منطقة المزة. هل مهمتهم تقديم الشورى لشرطة السير في الشارع هناك؟
آراء ومعلومات كثيرة تتمحور حول الوضع في سوريا، التي تبدو اليوم أمام منعطفات تاريخية (كذلك نحن في لبنان ولكن دون المس بوحدة الأراضي اللبنانية، بالرغم من وصف “الجيروزاليم بوست” للجنوب اللبناني بالشمال الاسرائيلي).
من ضمن تلك الآراء والمعلومات، أن اردوغان الذي يحتفظ بتلك الكمية الهائلة من المسلحين في المناطق المحتلة، لم يلق أي نتيجة في الضغط السياسي على الرئيس السوري بشار الأسد لاعادة هيكلة السلطة باشراك “الاخوان المسلمين” فيها، فكان لا بد من الضغط العسكري، لاعتقاده أن هذا هو الوقت الذهبي للصفقات ذات الطبيعة الاستراتيجية.
الرجل يخشى أن يكون بين “كوكتيل الصفقات”، وفي ضوء التفاعلات التي حدثت خلال السنوات المنصرمة بين الشمال والشرق السوري، انشاء دولة كردية ما يشكل تهديداً بنيوياً للدولة التركية، خصوصاً بعد رفض الرئيس السوري التعاون معه في هذا الاتجاه قبل خروج القوات التركية من بلاده. ولكن ما هو مفهوم اردوغان للشراكة في السلطة في سوريا، سوى أن يزرع “الاخوان” فيها، وهم الذين عرفوا بتأجير ظهورهم أو ببيع ظهورهم لمن يشاء.
واذ نرى، من موقع الغيرة على سوريا ضرورة اشراك أدمغة نظيفة ومميزة من المعارضة السلمية في مراكز القرار، نسأل اردوغان عن أي ديمقراطية يتحدث، وهو الذي يستأثر بالسلطة ويلعب بالدستور كيفما شاء للبقاء على عرش السلطان. ثم ألا يشكل “الاخوان” المرشد الروحي للأنظمة الثيوقراطية والتوتاليتارية، ما يشكل تهديداً للتشكيل السوسيولوجي للدولة السورية؟ ومع اعتبار أن هناك دولاً عربية خليجية ومؤثرة ترفض وبصورة قاطعة، أي دور لتلك الجماعة في السلطة.
موقع تركيا الجغرافي بجناحيها الآسيوي والأوروبي، وبامساكها بمضيق الدردنيل، يجعلها حاجة روسية وحاجة ايرانية. ولكن هل يمكن له اللعب العسكري على الساحة السورية بالصورة التي تهدد الوجود الروسي والوجود الايراني على السواء؟
الاستعدادات العسكرية السورية على قدم وساق. هذه المرة تهديد بتحطيم “المخالب العثمانية”، لكن المشكلة في هول الضحايا، وفي تدمير مدينة هي العصب الصناعي للبلاد. هنا تظهر الكوة الديبلوماسية بعقد أطراف عملية آستانا اجتماعاً لهم في الدوحة بدايات الشهر المقبل. في كل الأحوال انها لحظة الصراع الكبرى حول سوريا. ربما حول المنطقة…