الأخبار العالميّة

الغباء الصناعي .. حلب ستفاجئ الدنيا .. نهاية زمن الباصات الخضراء

نارام سرجون

لطالما سمعت وسمعتم بمصطلح الذكاء الصناعي .. ولكن كما لكل شيء نقيض من نوعه وجنسه فان للذكاء الصناعي نقيضا .. هو الغباء الصناعي الذي يتم انتاجه في الفضائيات العربية والنفطية .. وكذلك في المؤسسات الدينية العربية .. التي تحولت منذ حرب افغانستان الى مصانع للغباء الصناعي .. حيث يحقن دماغ الضحية في المساجد بأفكار تبرمج عقله ليكون غبيا جدا الى حد يفوق نسب الغباء الطبيعي ..
الفضائيات العربية والنفطية هي مصانع الغباء الصناعي .. وهذه الفضائيات والواقع العربية تقوم بتصنيع الغباء الصناعي وتوزيعه مجانا .. ولذلك كان الناس يستغربون من كم البلادة في الجمهور العربي الذي رأى ان غزة تقدم له افضل فرصة للانتصار والتحرر حتى من الاستبداد الداخلي بكسر انف اسرائيل التي تتخادم مع النظام الرسمي العربي الاستبدادي .. وكان كسرها لاشك سيقوي من مكانة المواطن العربي الذي مثله يحي السنوار الانسان المحاصر والسجين في سجن غزة الكبير ولكنه انتصر على السجان وعلى الضعف .. الا ان الجمهور العربي البليد كان ينظر ببلاهة منقطعة النظير الى المحرقة في غزة ولايتحرك الا بمقاطعة سندويش وبطاطا ماكدونالد وقهوة ستاربكس التي انتهت الان بنهاية فيلم الرعب في غزة .. لأن العربي كان يشاهد فيلما للعرب وقد انتهى العرض فالعربي البليد تعب من مقاطعة ماكدونالد وستاربكس وصار يبحث عن مقاطعة النظام السوري .. واليوم في غزوة حلب تكتشف ان الغباء الصناعي منتشر جدا ومستفحل جدا وأنه صار صفة عامة كالأوبئة التي تنتشر بواسطة الهواء والرذاذ والماء والمأكولات ..

فرغم ان توقيت الغزوة كان طعنة نجلاء في ظهر غزة فان كل الاسلاميين هللوا وزغردوا وتركوا مواقعهم التي كانت تراقب غزة ونقلوا المواجهة من المواجهة مع نتنياهو الى المواجهة مع الأسد ومحور ايران .. ولذلك فان غزة قد تنحر بليل للأسف وتباد ولن يسمع صراخها أحد .. واذا ماتت فلن يصلي عليها أحد من جماعة (الله أكبر تكبير) ..

الغريب اننا وقعنا في نفس الوهم الذي وقعنا فيه في أول ايام الربيع العربي المشؤوم .. فقد ظننا يومها في الايام الاولى ان الشعوب العربية تتوق الى الحرية لتعبر عن رغبتها في ان تتغير سياسات أنظمتها وترفع من قوة التحدي للغرب واسرائيل .. فسقط بن علي ثم سقك مبارك .. وكنا نظن ان الشعب العربي سيكمل مسيرته نحو ممالك بني هاشم وآل سعود وحليفة ومشيخلا الالات .. لأنها أنظمة من القرون الوسطى ولأنها تخاذلت في معركة التحرر مع الغرب وفي معركة فلسطين وتسببت بكارثة سقوط بغداد .. وكنا نظن ان الشعوب العربي ستتوقف أمام سورية وتنحني احتراما وهي تتجه لتدمير الملكيات الخائنة .. لأننا في سورية لم نقصر بالجهاد والنكفاح ولم نصافح اسرائيليا واحدا .. وكانت سماؤنا نظيفة من اي علم اسرائيلي .. وكان هواؤنا نظيفا من اي كلام تطبيعي .. وكنا نقدم اوراق اعتمادنا للشعوب العربية بفخر من اننا هزمنا الاميركيين في العراق وهزمنا الاسرائيليين في عام 2006 في لبنان .. ولم يكن هناك مبرر واحد امام الشعوب العربية لتكرهنا وتهاجمنا كالوحوش المسعورة أحيانا في اعلامها وفي وسائل التواصل وفي بعضها ارسل متطوعين وانتحاريين ليقتل أطفالنا .. ولم نكن نعلم يومها ان الشعوب العربية كانت تعاني من سطوة الغباء الصناعي الذي صنعته الفضائيات (الذكية) والمساجد (الاسرائيلية) والوعاظ الذين أرضعتهم ال سي اي ايه .. ولذلك كنا مدهوشين ان تغير القوة الهائجة اتجاهها ومسارها وتسقط أنظمة جمهورية وطنية كانت على الاقل لاترتاح لها اسرائيل والغرب .. فتوجهت مدحلة الغباء الى مدننا وسعبنا وفعلت مافعلت ..
اليوم تعود نفس المعضلة .. ونفس المأساة .. فنحن من وقف مع غزة .. ونحن من اعطى السلاح لغزة ونحن من مررنا السلاح والاموال لغزة .. ونحن من شكرنا يحي السنوار واعترف بفضلنا على حماس وغزة .. ونحن من اعطينا حزب الله السلاح والمسيرات التي تدك بيت نتنياهو وتوقف اسرائيل وتشلها .. وبعد كل هذا نتعرض في أول طعنة تقوم بها تركيا للنكران من الاسلاميين العرب .. ويهيج بعض العرب على السوشيال ميديا ويتفوقون على نتنياهو واسرائيل في كراهيتنا ..

ورغم ان نتنياهو قد قال علنا انه سينتقم من الاسد لأنه يلعب بالنار مع اسرائيل وعقب هذا التهديد الصريح الذي دخل اذن كل العالم العربي وكل العالم الاسلامي فان ماكينات العقل العربي والاسلامي لم تقدر ان تفهم لماذا لايخص نتنياهو الا الرئيس الاسد بالتهديد .. لم يقدر حتى الذكاء الطبيعي ولا الصناعي تجاوز معضلة الغباء الصناعي الكثيف الذي حقنت به العقول العربية .. فالمنطق يقول ان عدو غزة قتل السنوار وهنية وقائد حزب الله .. وقتل 100 ألف غزاوي فلا شك ان تهديده للأسد له علاقة بحرب غزة وبنصرة أهل غزة .. ولاشك انه لن يهدد الاسد لأن الاسد لايعطي السوريين الحرية بل بسبب عداوة الاسد لاسرائيل .. والذكاء الطبيعي يجب ان يقول (نكاية بنتنياهو مجرم غزة سأقف مع كل من يكرهه نتنياهو) .. ولكن الغباء الصناعي الكثيف المحقون في العقول لن يوصل العقل الى هذه النتيجة واعتبر الامر لايعنيه ولاعلاقة له بمعركة غزة وليست دليلا على ان الاسد عدو نتنياهو الاساسي وليس ابو محمد الجولاني الذي لم يحرك حتى تصريحا واحدا ضد نتنياهو .. يخل الجولاني على غزة حتى بتصريح تضامني ..

ورغم ان الصواريخ التي اهانت اسرائيل ونتنياهو ووصلت الى بيته هي صناعة سورية ورغم ان السلاح الذي قتل الاسرائيليين هو سلاح سوري .. فان العقل البليد العربي المسمن بالغباء الصناعي .. لم يقدر ان يستوعب كل هذا .. فعقله لايقرأ سوى رسالة وحيدة وهي ان الاسد رغم كل مواقفه هو عدوه وهو المستبد وان حربه مع النظام السوري اهم من فتح مكة .. وهذا لانه مليء بالتدين والغباء الصناعي الذي برمجه على ان المذاهب هي قلبه وروحه .. وانه لايريد القدس ولا الاقصى بل ان يعود الى حرب المذاهب التي هي هوايته وفق الغباء الصناعي الذي يتزود به عقله يوميا .. من فضائيات الجزيرة والاعلام العربي .. وللاسف فان عملية صناعة الغباء الصناعي ناجحة ونجد ان متنجاتها تنتشر في كل الوطن العربي .. وانها لايمكن معالجتها مثل البرامج الفيروسية المعقدة التي تصيب أجهزة الكومبيوتر ..

لذلك عليكم ان تتوقعوا ان معركة حلب ستعيد الساعة الطائفية وتعلق على جدران البيوت العربية وتدق كل ساعة تذكرهم انهم سنة وشيعة ومذاهب وانهم بلاهوية .. ومن هنا فان علينا ان نخوض معركة حلب وادلب اليوم بأنها الطريقة الوحيدة لكسر الساعات الطائفية والعقل المتبلد وخربطة برامج الغباء الصناعي .. التي حولت 400 مليون عربي الى كائنات مجهولة الهوية وفاقدة للذاكرة .. وفاقدة للمنطق .. خاصة ان الغباء الصناعي يقدم افيخاي ادرعي (ممثلا عن الرأي الاخر) بينما تمنع برنامج الغباء الصناعي الحديث مع الحكومة السورية الرسمية ..

وانا أجد ان هذه المعركة الفاصلة يجب ان تكون فاصلة في انهاء زمن الغباء الصناعي .. لان النصر ينهي مفعول الغباء .. ويعيد التفكير والتأمل .. ولأن النصر يجب ان يتلوه برنامج لاحياء الذكاءالطبيعي والفطري لدى الناس .. وهذه هي مهمة الدولة التي يجب ان يكون احد اهم ش روطها على الدول التي تريد اعادة العلاقلا معها ان تسمح لها بنشر مقابلات في اعلامها الرسمي لشرح ظروف الحرب السورية واعادة تنشيط الفكر السليم .. والتقصير في هذا الهدف سيعني انها تساهم في الغباء الصناعي وتسرع في انتشاره افقيا وعموديا ..
الغباء الطبيعي التركي في عسل حلب:

من الواضح ان اردوغان حسم أمره وقرر الابتعاد عن روسيا لأنه صار يدرك ان روسيا لن تحتاج اليه بعد اقتراب نهاية الحرب في اوكرانيا .. فوصول ترامب سيعني نهايةو الحرب فيها .. وبالتالي فان روسيا ستساند المطالب السورية بتنفيذ اتفاقات أستانة .. فقرر اردوغان ان يستولي على حلب وأن يشتريها من ترامب من أجل ان يحصل على مقابل ودور جديد .. فحلب في نظر ترامب ستساعده في اقصاء ايران أكثر وابعادها عن سورية بالقوة بعد تقطيع شرايينها .. وستساعده في فرض اتفاق صارم يضبط فيه تسليح حزب الله .. ولذلك فان تركيا درست خياراتها وخرجت بهذه النتيجة وهي لاتملك غير هذا الخيار او ان تعود الى أزماتها الداخلية خاصة ان اردوغان صارت لديه مشاكل اقتصادية أكثر .. وبدأت الليرة التركية تزحف نحو قيم أعلى مقابل الدولار اثر التدخل التركي الذي قد يعني مواجهة تركية مع سورية وحلفائها .. والحقيقة اننا اذا استثنينا الغدر التركي الذي لايدل على ذكاء فان مستوى الغباء التركي قياسي في طريقة مقاربة وضع حلب وضمها في قائمة العرض والطلب في المفاوضات مع اميريكا وروسيا .. فدخول التركي ليلعق من جرة العسل الحلبية سيكتشف انه لم يكن قرارا حصيفا ..

أنا في الحقيقة أجد ان معركة حلب الثانية يمكن ان نحولها الى فرصة والى هدية من السماء .. لتحرير العقل العربي والتركي من مرضيهما وعللهما المستفحلة .. فلايهمني كيف يفكر المريض بي او المجنون .. ولايهمني كيف يظن وكيف يحدق في عيني .. فأنا امام مريض معاق ومشلول دماغيا ونفسيا .. وقد تعرض لمحنة او خضة خربت له أجهزة عقله وكل مراكز التفكير ..

وهدف هذه المعركة سيكون التخلص نهائيا من المسلحين ونهاية زمن الباصات الخضراء .. فالعائلات السورية في هذا الشتاء أولى بكمية المحروقات التي تتطلبها الباصات للقيام برحلات ترفيهية للمجاهدين .. خاصة ان محطة ادلب ستقفل وسيتم الغاء المحطة نهائيا ..
أنا أعتقد ان نهاية المعركة ربما لن تنتظر وصول ترامب لأن ايران بالذات لاتريد لترامب ان يصل ويجد في يديه ورقة مساومة اضافية ضدها .. ولأن روسيا لاتريد ان تظهر امام الرأي العام الروسي وامام ترامب انها خدعت مرتين .. مرة في اوكرانيا ومرة في سورية .. وهذه الخسارة ستجعلها في نظر من يعتمد عليها من الافارقة وغيرهم دولة لاتقدر على حماية ضماناتها .. والاهم ان روسيا باقرارها بخسارة حلب فانها تهلن هزيمتها امام الاوكران الذي شاركوا في اقتحام حلب .. الذين سيأخذون المقاتلين من حلب الى حزدو روسيا والقرم .. وسيكون الأوكران قريبين جدا من قاعدة حميميم جوهرة القيصر في البحر المتوسط التي سيغادرونها بسبب ضرب الطيران المسير الذي سيهطل عليهم من مسافة قريبة جدا ..

ولأن سورية لاتريد ان يطول غياب حلب كما حدث في المرة الماضية لأنها تحتاج حلب وشعبها واقتصادها ويهمها جدا ان توصل الرسالة الى كل أتراك العالم ان ينسوا حلب نهائيا من أوهامهم العثمانية لأن التحرير الثاني سيعني ان تركيا صارت تتقاتل مع أوهامها التي لاتقبل الحياة .. وحجم الحشود التي تتدفق يدل على ان معركة طاحنة ولكن يراد لها ان تكون سريعة ستنتظرنا وستحاول القوات انجاز ماأمكن خاصة ان البرد والشتاء قد يصلان الى نقطة تبطئ تحرك القوات ..
الغباء الصناعي سيستمر في انتاج البغاء السياسي .. ولكن هذا ديدن الوجود حيث كان الغباء مما خلق الله الى جانب الذكاء وهو جزء من عملية التطور .. ولكن مهمتنا هي اعادة التوازن للحياة بتقليل نسب الغباء الطبيعي .. وايقاف انتاج الغباء والبغاء الصناعي .. ولاشيء مثل النصر كمصل مضاد للغباء والاغبياء ..

الحماس المنقطع النظير للقتال لم اجد له نظيرا منذ زمن طويل .. والاندفاع الذي تندفعه النفوس للحرب يثير دهشتي وتعجبي .. ألم يتعب هؤلاء المقاتلون من الحرب؟ سؤال سألته لأحد المقاتلين المتوجهين الى حلب الذي قال لي: والله قتلتنا الهدنة التي طالت .. ويجب ان ننهي الامر الان .. ثم التtت لي وقال: أتعرف ان اجمل ماقلته في مقالتك الاخيرة هو (لكل أردوغان أسد) ..
على نسق العبارة الشهيرة (لكل بشير حبيب) .. حبيب الشرتوني الذي نفذ حكم الاعدام بالخائن بشير الجميل ..

وأنا سأضيف .. لكل حلب جيش من غضب ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى