مقالات

ماذا حدث في مصياف؟ الحقيقة الكاملة

باسل علي الخطيب…

.في مسرحية (سهرية) للعبقري زياد الرحباني، في أحد مشاهدها، وفي قهوة (نخلة التنين)، التي يملكها ويغني فيها جوزيف صقر، يقوم هذا باستئجار مجموعة من (الهتافين والرديدة)، لكي يهتفوا ويصفقوا له بعد كل (اوف)، وأثناء الاتفاق معهم تجري محادثة ظريفة حول (التسعيرة)، ومن خلال تلك المحادثة نعلم أن هؤلاء (ردادون) محترفون، يقدمون خدماتهم في مجالات عدة مقابل المال….ذات محكمة أنشأت على دماء رفيق الحريري للإيقاع بسورية، كانت السرديات والاخبار والاتهامات التي يلوكها ويعلكها رهط الرابع عشر من آذار تمر وفق ذات القناة، يكتب السردية أحد الكتبة الفريسيين من ذاك الرهط، يسربه إلى (دير شبيغل)، يأخذه هؤلاء، ويصيغونه وفق طريقتهم مع بعض (البهارات)، وتحته توقيع هذا المحرر المرموق أو ذاك، ولأنها دير شبيغل، أحد أركان الصحافة الغربية (الديمقراطية ذات المصداقية)، يصير الخبر وكأنه حقيقة دامغة تقارب التنزيل لايقبل النقاش أو الدحض، هنا يأتي دور (الرديدة)، تتلقف وسائل الإعلام اللبنانية والخليجية المعادية لسورية والمقاومة السردية إياها، وتنشر الخبر نسخاً ولصقاً، لياتي بعد ذلك دور الفريق الثاني من (الرديدة) من سياسي ذاك الرهط، حيث يجترون تلك الأخبار من كل المنابر على انها دلائل قطعية على تورط سورية والمقاومة في اغتيال الحريري…كان من أكبر نتائج حرب تموز عام 2006 أن الجيش الصهيوني فقد مصداقيته أمام مشغليه في الغرب، وهذا يعني حكماً أن الكيان سيفقد دوره الوظيفي، بعد أن فقد الجيش قوته القاهرة التي كانت قادرة على فرض الواقع السياسي المطلوب، وقد تم إرساء توازن ردع لم يعهده الكيان سابقاً في كل تاريخه….أتى طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر ليثبت الحقيقة السابقة اعلاه، لذا كان تداعي كل تلك الأساطيل والقوات والمساعدات الغربية إلى الكيان، ومع تقدم الحرب على غزة حتى تاريخه، والأخفاق في تحقيق الهدفين الأساس، استعادة الرهائن والقضاء على المقاومة مع نفاذ بنك الأهداف واستعمال كل القوة المسموحة، بدأ يطفو على السطح الصراع بين المستويين السياسي والعسكري في الكيان، فالمستوى العسكري يريد انهاء الحرب، أنه لايمكن تحقيق أكثر مما تم تحقيقه، وانهم يعزون سبب الإخفاق في عدم عودة الرهائن الى نتنياهو، أما المستوى سياسي الذي يتزعمه نتنياهو فيحمل الجيش المسؤولية عن كل شيء بما فيها الاخفاق يوم 7 تشرين الاول…الجيش يريد أن يثبت أنه مازال تلك العصا الغليظة التي يمكن أن يعتمد عليها الغرب، ويريد أن يثبت لجمهوره أنه مازال الترس والرمح الذي يمكن لمستوطني الكيان أن يركنوا اليه، ولكن هذا يحتاج إلى انتصار نوعي، لذا كان اخراج هذا الفلم الهوليوودي…..مصدر عسكري صهيوني يكتب السردية، ينقلها إلى موقع (اكسيوس) الاخباري الأمريكي، يقوم هؤلاء بصياغتها وفق اسلوبهم: عملية معقدة ينفذها الجيش الصهيوني في مصياف السورية، العملية استهدفت مركز الأبحاث هناك، الهجوم تضمن عدة غارات و أنزالاً برياً قامت به القوات الخاصة من المروحيات، الهدف الحصول على وثائق مهمة من المنشاة، وأسر شخصيات ذات مكانة عسكرية أو قيمة علمية كبيرة موجودة في المنشأة، السردية تأخذ منحاً آخراً في النيويورك تايمز، الغاية تدمير المنشاة، ولايمكن ذلك إلا من البر، لذا قامت القوات الخاصة بانزال قرب المنشاة، زرعت فيها متفجرات خاصة ودمرتها، السردية تتابع، تم ضرب الطرق لمنع وصول قوات الإسناد السورية، تم التغطية على الإنزال والانسحاب بغارات عنيفة استعملت فيها المسيرات التي أطلقت من الطائرات المغيرة…الخبر يتضمن تفصيلاً آخر، أن الصهاينة يراقبون تلك المنشأة منذ سنوات، وان هذه المنشأة بنيت عام 2018 من قبل الإيرانيين، وهي تصمم وتصنع صواريخاً دقيقة لصالح المقاومة اللبنانية، الغاية من هذه الجزئية الإيحاء أن الجيش جاهز للحرب مع حزب الله، وأنه قادر أن يطال مواقعه في أي مكان…طبعاً الإشارة إلى أن المنشأة يستثمرها الايرانيون وليست تابعة لوزارة الدفاع السورية، يأتي في سياق التحريض المستمر ضد ايران، واستثارة الرأي العام الشعبي السوري عليها، لاسيما بعد ارتقاء عدد كبير من الشهداء نتيجة الغارة…انتهى الخبر….هنا جاء دور الردادة، أقصد الصحافة الصهيونية ومن يواليها من الصحف والمواقع الاعرابية، يتم نشر الخبر نسخاً و لصقاً دون تعديل، المعلقون الصهاينة يسردون الخبر عبر القنوات الصهيونية التلفزيونية وكانهم يقصون حكاية أحد افلام (جيمس بوند)….القنوات الاعرابية تقوم بدورها على أكمل وجه، تستدعي المحللين العسكريين والاستراتيجيين، لا ليناقشوا صحة الخبر، أنما ليحللوا الخبر على أنه حقيقة دامغة..الهمج الرعاع اتباع كل ناعق من هنا وهناك يكملون المشهد ويقومون بدرهم عن جهالة، والغاية اللايكات أو السبق أو المتابعة أو أن يظهروا بمظهر العارف…على فكرة لم يتوقف أحد ليسأل، كيف عبرت المروحيات الصهيونية ولم تسقطها الدفاعات الجوية السورية؟؟!!.. والكيان يتهيب ويتجنب دخول طائراته الأجواء السورية منذ أن اسقطت دفاعاتنا الجوية طائرة F16 في شباط 2018، لذا صارت الغارات تحصل دائما من خارج الأجواء السورية…نعم، هذا هو الفلم الهوليوودي الذي تم إخراجه في تلك الليلة، ولكن ذلك استدعى مؤثرات بصرية عديدة وكبيرة ومكلفة، أولها كان عدد و عنف الغارات غير المسبوق، ثانيها مدة العدوان وأنه على عدة موجات للإيحاء أن بعضها للتمهيد وبعضها للاخلاء، ثالثها قصف الطرقات لإثبات فرضية منع وصول قوات اسناد، رابعها الإيحاء باستعمال مسيرات أطلقت عن قرب، واخيرا اصوات المروحيات التي تم سماعها من قبل بعض الأهالي وهي ليست إلا اصوات. المسيرات التي أطلقت من البحر….الذي حصل حقيقة هو غارات غير مسبوقة، وتصدي غير مسبوق من دفاعاتنا الجوية بما تملك من إمكانات ضعيفة، لم يحصل أي أنزال، والمنشآة المستهدفة سليمة، ولايمكن لاي غارات كانت أن تدمرها….ولمن يصر أن القوات الصهيونية قادرة على القيام بالانزال، تقول لهم ومن مبدأ المسايرة، نعم قد ينزلوا ولكن لن يطلعوا….

شاركوا المنشور وعمموه لو سمحتم لدحض كل الافتراءات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى