سرائيل تغتال.. غزة تحصد الضباط والجنود بالجملة… والمقاومة تدمر مقرات قيادة الحرب؟
ا
ما اسباب نجاح الاغتيالات؟ واين الخرق؟؟
اليد العليا لمن؟
بيروت؛٢٥/١/٢٠٢٤
ميخائيل عوض
اسئلة بالجملة عن اسباب نجاح إسرائيل في اغتيال القادة والكوادر من بيروت الى دمشق وبغداد.
هل هو الترهل ام العجز؟ ام التفوق الاسرائيلي الكاسح؟ وماذا عن الاختراقات الامنية؟
الحرب الجارية هي حرب صدامية.. اي اعلى مستويات واشكال الحرب واكثرها عصفا وميادينها ترسم مستقبل الحرب وصورة النصر….
اتخذت صفة الحرب الكبرى والواسعة والإقليمية ولأول مرة توحدت الساحات والجبهات وادخلت البحار الاربع الاهم في التجارة الدولية والسيطرة البحرية .
تعصف وتشتد في غزة وتتصاعد في الجنوب اللبناني بينما تتحول الى استنزاف في بحر العرب والاحمر وتحقق اذلال البحرية الامريكية البريطانية المفترض انها سيدة البحار وحاكمة الامواج المتحكمة بالعالم.
ومن العراق تتسع دائرة الاستهداف وتصل الصواريخ والمسيرات الى ساحل فلسطين والبحر المتوسط الذي بات ضساحة اشتباك لتبديد وهم سيطرة امريكا وبريطانيا.
إسرائيل وحلفها والضباط والقوى المقاتلة الامريكية من دلتا فورس والمارينز يتعثرون في غزة وتحصدهم عبوات الكتائب والفصائل بالجملة وتظهر علامات الاعياء والهزيمة عليهم في الاقليم والعالم.
مسارات الحرب ومسارحها كلها وبتفاصيلها تؤسس لنصر فرط استراتيجي.
بالمقابل نجحت اسرائيل باغتيال قادة قوة القدس في سورية، واغتيال قادة وكوادر اساسيون في المقاومة في بيروت والجنوب، وامريكا في بغداد تستهدف قادة ومواقع…
تبدو المفارقة كبيرة والسؤال؛ اين وما هو عمق ومدى الاختراقات الاسرائيلية الامريكية؟ وهل ستحقق لها الاغتيالات نصرا يعوضها عن هزائم الميدان ؟
الوقائع تجزم بان النجاحات الإسرائيلية امر عادي؛ ففي لبنان اختراقات واسعة وكثيفة في المجتمع والدولة والاجهزة والاحزاب. وفي سورية اختراقاتها المجتمعية واسعة وكثيفة. اما في العراق فأمريكا قوة حاكمة وتهندس الدولة والجيش والاجهزة ومحمية بكتل شعبية وتفاهمات وكشريك محوري في الدولة والعملية السياسية والدستورية.
وفوق كل هذا فإسرائيل واجهزتها مسنودة بكل الاجهزة الامنية العربية والاسلامية والعالمية العاملة في الساحات ولها باع طويل في التقانة والشبكات وبرامج التجسس والتعقب والحرب السرية والسيطرة الجوية والسيبرانية.
الحرب السرية والناعمة والاعلامية هي فرع منخفض الوتيرة ومستدامة بين الاعداء والمتحاربين وهكذا بين المقاومة واسرائيل وحلفها الكوني وعبر التاريخ لم تحسم الحرب السرية ولا تحقق النصر وهي تهيء للحرب وتؤثر فيها وتنخفض اهميتها عند ما تنشب الحرب الصدامية فتصبح ثانوية في تأثيراتها.
نتنياهو لاذ بها للتخفيف من وطأة هزائمه في الحرب وللتعويض المعنوي ولشد معنويات جيشه ومجتمعه المأزوم ولن تفيده قط.
تنجح إسرائيل ليس لأنها متفوقة في هذا الميدان ولها اختراقات وكل الاجهزة تعمل لصالحها فحسب.
بل لان المقاومة وفرت لها اهداف سهلة….. كيف ولماذا؟؟
المقاومة بادرت في طوفان الاقصى واستعدت للحرب والحرب وقعت وتشتد وكسرت بمبادرة منها قواعد الاشتباك، وتضرب وتدوزن دور الجبهات ودرجة عصفها وتخوضها كحرب مفصلية واسرائيل اعلنتها حرب وجودية، ولم تنجح اسرائيل برغم تفوقها الامني والسيبراني الكاسح ووجود اختراقات وتساندها امريكا وبريطانيا والعالم الانجلو ساكسوني وعرب ومسلمون في تحقيق اية مكاسب في الحرب عموما والسرية خاصة وبرغم اعلاناتها وتركيز جهدها على اغتيال القادة والكوادر في غزة واليمن والسبب ان فصائل غزة واليمن والمجتمعات تخوضها كحرب واعتمدت فورا اجراءاتها الاحترازية والوقائية والامنية لحماية القادة والكوادر…
في الجبهات الاخرى تجاهلت المقاومة اهمية تشغيل اجهزة حماية الكوادر والقادة بطاقاتها الحربية القصوى. وتركت القادة والكوادر يعيشون ويمارسون حياتهم وأنشطتهم وكان الامور عادية وكأنها ليست في حالة حرب. فلم تعتمد الاجراءات اللازمة والوقائية التي تجيدها فلم تغير الأمكنة ووسائل النقل والاتصال ولم تعتمد قواعد التخفي والتضليل برغم انها استاذه في هذه الامور ويشهد لها.
لماذا؟؟ نحن امام احتمالان؛ الاول الاسترخاء والاعتداد بالقوة وتحكم قوة العادة وتفضيل منطقة وحياة الراحة على اتخاذ الاجراءات الصارمة ولثقتها بنفسها وانها مؤسساتية قادرة على التعويض عن القادة والكوادر بسرعة ويسر. وهذه بكل الاحوال نقيصة وخطا قاتل وغير مبرر وبمثابة تقديم هدايا مجانية للعدو وتحمل خسائر بلا مبرر .
الاحتمال الثاني؛ انها قررت عن سبق تصور وتصميم ولأهداف بعيدة واستراتيجية ان تحارب دون اعلان حالة الحرب لتأكيد انها لا تسعى الى الحرب العاصفة حرب يوم القيامة. وتاليا هي لا تريد خلق حالة ذعر وتوتر في بنيتها ومجتمعاتها فتركت الامور على مجاريها العادية ما وفر لإسرائيل فرص الاغتيالات.
ايهما الارجح؟ ليس بيدنا معطيات للترجيح وقد يكون الاحتمالان معا .
بكل الاحوال؛ وقعت الاغتيالات وخسرت المقاومة قادة وكوادر والصحيح ان خسارتهم ثمينة لكنها لن تؤثر نوعيا في نتيجة الحرب. فالميدان هو من يصنع النتائج الكبيرة ويحسم الحرب وفي الميادين كلها يدها العليا.
وتتأكد هذه الحقائق الواقعية والمعاشة من جولات غزة فقد ابدعت الكتائب والفصائل في نصب الكمائن والاشتباك وتفجير شاحنات الذخائر والاكثر نوعية وابداعية عملية المغازي التي تقطع بالفطنة والذكاء والتحكم والسيطرة والقدرة العبقرية على التعامل مع التطورات والاستثمار بها. فقد قرر الاشاوس من المقاتلين ان يجعلوا من افخاخ وعبوات اسرائيل التي تستخدم لنسف البيوت والمربعات السكنية بمثابة كمائن للمقاومة تحصد العشرات بضربة واحدة وبعملية نظيفة ينفذها مجاهد او اثنين فتكبد اسرائيل خسائر كبيرة في العتاد والعدد والمعنويات والصورة وتكرس حقيقة ان الميدان هو من يحسم وان المقاومة تعرف كيف واين ترد. فقيمة كل كادر وقائد تساوي العشرات من عدوها والاهم تدمير مقرات وقواعد التحكم والاتصال والادارة والقيادة.
الحرب سجال ويحكم عليها بنتائجها وليس بشدتها او مدتها او كلفتها.
والمقاومة تخوض الحرب على توقيتها وتبعا لخططها واستهدافاتها وايضا ملزمة بحماية القادة والكوادر وعدم التفريط بهم.