زيارة الرئيس الأسد الى الصين هو الممر لولادة النظام العالمي الجديد
معن بشور
25/9/2023
في أواخر شهر تشرين اول/ اوكتوبر 2011، أي بعد أشهر قليلة من بدء الحرب الكونية على سورية، حاول التحالف الأميركي – الأطلسي أن ينتزع قراراً من مجلس الامن يهدد باتخاذ “إجراءات” محدودة الاهداف ضد سورية ، لولا فيتو مزدوج اعلنه مندوبو الاتحاد الروسي وجمهورية الصين الشعبية.
يومها وفي لقاء عقدناه في دمشق مع الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد أجراه وفد من المنتدى العربي الدولي لمناهضة التدخل الخارجي ودعم الحوار والإصلاح في سورية الذي كان قد انعقد قبل أيام في بيروت بدعوة من المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن قال الرئيس الأسد :” لقد سمعنا مثلكم في وسائل الاعلام عن الفيتو الروسي الصيني دون أن تعلمنا حكومتا موسكو وبكين عن نيتهما باتخاذ ذلك الموقف .”
واستطرد الرئيس الأسد قائلا:” يبدو ان الأصدقاء في موسكو وبكين قد ادركوا طبيعة الحرب على سورية وأهدافها التي لا تنحصر بتدمير بلدنا فقط ، بل تسعى الى الهيمنة الكاملة على غرب آسيا وصولاً الى تهديد الأمن القومي لكل من الاتحاد الروسي وجمهورية الصين الشعبية.”
لم تكن موسكو يومها قد أتخذت قرارها مع طهران وحزب الله بالمشاركة عسكرياً في ردع هذه المؤامرة الكونية على سورية والمنطقة بأسرها ، وكان واضحاً ان شعوراً متنامياً لدى كل القوى المناهضة للهيمنة الاستعمارية بأن مستقبل العالم كله مرهون بنتائج الحرب على سورية ، وأنه كما كانت الحرب على العراق وأفغانستان هي بداية هيمنة النظام العالمي الآحادي القطبية بقيادة واشنطن على العالم، فانه على ضوء نتائج الحرب على سورية يتقرر مستقبل هذا النظام، فإما أن يجري تكريسه لعقود أو أن يتراجع أمام قيام نظام عالمي متعدد الأقطاب.
وما الاستقبال الحار والمميّز للرئيس السوري في الصين هذه الأيام ، إلا إعلاناً عن تنامي هذا النظام الجديد المتحرر من هيمنة القطب الأمريكي الآحادي، وهو اعلان يأتي في اطار جملة تطورات تؤكد هذا الاتجاه لا سيّما على صعيد تنامي التجمعات الدولية الخارجة عن هيمنة واشنطن وحلفائها من البريكس الى شانغهاي وصولاً الى قمة هافانا لمجموعة 77+ الصين، التي انعقدت قبل أيام في كوبا لفك الحصار التاريخي على هذه القاعدة المتقدمة في مقاومة الامبريالية العالمية والواقعة على بعد كيلومترات قليلة عن مركز هذه الامبريالية العالمية أي الولايات المتحدة الأميركية.
وبهذا المعنى، فإن الاستقبال الحار المميّز للرئيس الأسد من إحدى أكبر وأغنى دول العالم لا ينحصر فيما يمكن ان تقدمه الصين من دعم لاعمار شامل لسورية وإزالة اثار العدوان الكوني عليها فحسب، بل انه مؤشر بأن العالم بدأ يدخل نظاماً عالمياً جديداً لا حصار فيه ولا عقوبات، ولا سيّما وان واشنطن وحلفاءها لم يعودوا يملكون من أسلحة يستخدمونها بوجه الشعوب المتمردة سوى بسلاح الفتنة الداخلية والحصار الخارجي مستفيدين طبعاً من ثغرات وخلل في العلاقات الداخلية في هذه الدول…
فهل تسعى الشعوب التي تواجه الفتنة والحصار الى تشكيل جبهة عالمية لمقاومة الفتن والحصار تشمل كل الدول المعنية والداعمة لهم.