خذلتنا يا شيخ حكمت الهجري..
تابعت الكلام الذي قاله الشيخ حكمت الهجري، الذي كنا نسميه “شيخ العقل” في طائفة بني معروف الكريمة.
حقيقة لا أستطيع أن أصف حجم المفاجأة والصدمة، التي انتابتني، وأنا أستمع إلى كلماته، التي لم أرً فيها إلا خنجراً مسموما، مصوباً إلى ظهر طائفة الموحدين الدروز، التي تشكل مكوناً جميلاً، من مكونات المجتمع السوري، قبل أن تكون موجهة إلى كل الوطن.
بعد ما سمعت من كلام الهجري، أمضيت وقتا، وانا أتساءل، لماذا يا شيخ حكمت..
** هل هو المال ؟ ؟..
ربما لستَ من الميسورين كثيراً، لكن أستطيع الجزم، أنه يأتيك من الموارد، وتمتلك ما يجعلك تعيش بكرامة… عدا عن أن كرامة الرجال، لا تباع ولا تشترى بالمال.
** هل هو وعد من أحد، بأن تكون على رأس كانتون، لن يكون إلا في أحلام الأعداء؟؟.
أعتقد أن من الحكمة، لو أنك اتخذت لك قدوة سلطان باشا الأطرش، الذي رفض تزعم الدولة الدرزية، واختار أن يكون قائداً للثورة السورية الكبرى، فتكون بذلك بطلاً وطنياً، على أن تكون زعيما على وهم.
وحتى نضع الأمور في نصابها الصحيح..
** أنت تقول إنك ضد الفساد والفاسدين؟.. فياليتك أفضت في ذلك، ونحن معك بقوة.
** وأنت تقول: إنك تنتصر للمطالب المحقة للناس، فنحن معك في هذا، ونعلي هذه الراية، وبالصوت العالي..
أما أن تخذلنا، وتنحاز ضد وطنك، وتنتصر لكل أعداء الوطن، وللرعاع، ولمن يفتي بتكفير أهلك، وبقتلك، وبهتك أعراض نسائك.. فهذه سقطة، ما بعدها سقطة، وخذلان ما بعده خذلان.
نحن هنا يا شيخ حكمت، لا ندافع عن أشخاص، لأن الوطن أكبر من الجميع.. ولا ننتصر لأحد، إلا للوطن، ونحن رأينا على مدى أكثر من اثنتي عشر عاماً، من اعتدى علينا، وتآمر لإسقاطنا، وحاول تمزيق سورية، ومن يحتل أرضنا، ويسرق ثرواتنا وخيراتنا، ويحاصرنا إلى حد الجوع، ورأينا أيضا، من وقف معنا، وقاتل معنا، واستشهد معنا.
وحتى نؤكد أننا نرى الطريق بشكل صحيح، نعرف أن المصالح تتقدم على كل شيء، لكن من الحكمة أيضاً، أن نختار من تتوافق مصالحنا معه، إلى حد أن تختلط دماءه مع دماءنا.
حقيقة خذلتنا، وأوجعتنا يا شيخ حكمت.
ولم نكن نتوقع منك هذه السقطة، والأهم لم نكن نريدها لك..
** فقد خذلتنا كلماتك، وأنت تتحدث عن احتلال إيراني.. (نتمنى أن تذكر لنا المنطقة التي يحتلونها) وتخلو كلماتك، من أي ذكر لكل الأعداء المحتلين الحقيقيين، لأجزاء من بلادنا، من الأمريكي والتركي، وقبل كل ذلك الصهيوني، الذي يحتل الجولان وكل فلسطين.
** وخذلتنا وأنت تسمي حزب الله “ميليشيا إيرانية” وتفتي بالجهاد ضده وضد إيران، وأنت تعرف دورهم في قتال داعش والعصابات الإرهابية، ولا تذكر ولو بكلمة، داعش والنصرة وأخواتها، من أكثر من 80 بلدأ، وأنت تعرف ما هو حكمهم عليك، وعلى طائفتك الكريمة.
** وخذلتنا وانت تتحدث عن الطلقة الأولى والثانية، ومن يتحدث هكذا، يكون هو من يعد للطلقة الأولى والثانية..
** وخذلتنا، وانت تخذل روح البطل عصام زهر الدين، الذي أصبح مع سلطان باشا الأطرش، عمودا آخر لبني معروف، وهو يستبسل في الدفاع عن الوطن، وارتقى شهيدا، وهو يقاتل من انحزت إليهم اليوم.
** وخذلتنا، كيف تنسى حوالي 200 شهيد، من بلدة حضر لوحدها، الذين سقطوا دفاعاً عن بلدتهم.. وكيف تنسى شهداء مطار الثعلة.. وكل القرى والبلدات، التي كانت على تماس مع المجموعات الإرهابية.
** خذلنتنا يا شيخ حكمت، وانت لم تتعظ ممن اختاروا هذا الطريق، على مدى أكثر من 12 عاما، وأعتقد أن خطيئتك أكبر، لأنك عرفت ورأيت، ماذا كان دور هؤلاء، وأين أصبحوا الآن، ولنا في الصياصنة والعرعور، أمثلة ونماذج.
وحتى لا يقول أحد، أن الصورة ليست واضحة لنا، لا ننكر هنا وجود المستشارين الإيرانيين، وعناصر حزب الله، لكن كلنا نعرف أن مهمتهم – وهذا ليس سراً – ضد العدو الصهيوني تحديداً، وللإعداد لمعركة فاصلة مع هذا العدو .. فهل هذا ما يقلقك؟.
نعم خذلتنا في كل هذا، ومن “قلة الحكمة والعقل والوفاء” أن تساوي بين الصديق والعدو، وأن تستخدم نفس التسميات، التي يستخدمها العدو الصهيوني ومن معه..
حكمة الرجال تتجلى يا شيخ حكمت، في لحظات الشدائد، ويبدو أنك لم تقرأ ما قاله الشهيد “ذوقان الأطرش” وهو على حبل مشنقة العثمانيين، بعد معركة “الكفر” عام 1910، وهو يتصدى للقوات العثمانية، بقيادة سامي باشا الفاروقي، الذي حمل على الجبل، لكسر شوكته، وإخضاعه لسيطرتهم، فترك وصيته الشهيرة، وحبل المشنقة يلتف حول عنقه، (أوصي أبناء وطني ألا يثقوا بالدولة العثمانية أبداً) وهاهم أحفاد العثمانيين، من جماعات أردوغان، يحتلون أرضنا، ويسرقون خيراتنا، و”ميليشياته” الإرهابية من النصرة وغيرها، ممن تعتدي عليهم في ادلب أهلنا الدروز، الذين كانوا على حد سكين التكفير واغتصاب نسائهم، لولا تدخل قوى كثيرة، طبعا لأجل مصالحهم، وليس انتصارا لكرامة دروز ادلب، وهم يطالبونهم اليوم، بتزويج بناتهم “للمجاهدين”.
هذا يوضح بشكل لا لبس فيه، أي طرق التيه والضلال، اخترت يا شيخ حكمت.
كنا نتمنى أن تنتبه، إلى إن التاريخ يسجل.. وذاكرة الشعوب لا ترحم.. وأن هناك من يكتب التاريخ اسمه بأحرف من نور، وهناك من يدونه في سجله الأسود.
وفي تاريخ بنو معروف، كما كل الطوائف والمكونات الاجتماعية، نماذج من الأبيض والأسود. . وسنختصرهم باثنين .. فهناك سلطان باشا الأطرش، الذي قاد الثورة السورية الكبرى، في عموم سورية، ضد المستعمر الفرنسي، وانتصر فيها، وسجل التاريخ اسمه، بأحرف من نور .. وهناك اليوم، العميل الصهيوني موفق طريف، الذي نعرف أياديه القذرة مما يجري في السويداء اليوم..
كنا نتمنى يا شيخ حكمت، أن تكون على خطى الأطرش، خاصة وأن سورية اليوم، بحاجة إلى أبطال، على مستوى الوطن، وليس فقط على مستوى طائفة، أو منطقة.. لكنك وبكل اسف، اخترت أن تكون مع موفق طريف، والحكمة تقول “غلطة الشاطر بالف”.
نحن نعرف، أن كلامك سيأخذ معه بعض البسطاء، والطيبين من أهلنا من بني معروف، ممن وضعوا ثقتهم بك، وخذلتهم وهم لا يدركون، لكن مهما كانت خطيئتك وسقطتك، يا شيخ حكمت، سيبقى أملنا كبير، بأهلنا المعروفيين، وخاصة نخبهم السياسية والوطنية والاجتماعية، وبأنهم يعرفون، وينتبهون إلى ما يحاك لسورية عموما، وللسويداء خصوصا،ً وبانهم لن ينجروا، وراء شيخ تاه وضل الطريق، وبأنهم سيبقون، ممن أنعم الله عليهم، بنعمة “الحكمة والعقل” وسيبقون على “السراط المستقيم” ولن يكونوا مع “المغضوب عليهم ولا الضالين”..
أحمد رفعت يوسف