يوم ليس كباقي الايام
16 تموز 2006
معن بشور
16/7/2023
الكثير قيل ويقال في حرب “الوعد الصادق” التي انتصر فيها لبنان المقاوم على العدوان الصهيوني وداعميه ومشجعيه الكثر.
والكثير تحدّث عن أسباب تلك الحرب العدوانية، التي استمرت قرابة شهر من الزمن، كما عن نتائجها.
لكن الجديد الذي يمكن قوله في ضوء المأزق الصهيوني المتفاقم بسبب بطولات المقاومين في فلسطين، كل فلسطين، وآخرها ملحمة جنين،وبسبب ارتجاجات الداخل الصهيوني ذاته.
لقد شكلّت هزيمة العدوان الصهيوني في لبنان صيف 2006 نقطة تحوّل استراتيجية كبرى في تاريخ الصراع مع العدو .
صحيح أنها لم تكن الحرب الاولى التي برز فيها صمود اسطوري، كما كان الحال في الحرب العربية الاسرائيلية الخامسة على الارض اللبنانية صيف عام 1982، والتي شارك فيها وطنيون لبنانيون ومقاومون فلسطينيون وقوات عربية سورية ومتطوعون عرب واحرار من العالم، لكن الدعم الاميركي والصمت الرسمي العربي وتواطؤ بعض المحليين نجح يومها في إخراج منظمة التحرير الفلسطينية والجيش العربي السوري من بيروت ومناطق واسعة من لبنان.
وصحيح ايضاً أن جيشا مصر وسورية ،ومعهم جيوش الأمة وقدراتها، قد انتصروا في حرب تشرين المجيدة عام 1973، وكاد كيان العدو برمته أن ينهار لولا الجسر العسكري الاميركي له ، لكن “بعض” الادارة السياسية لتلك الحرب قد أجهضت انتصارنا وأخذتنا الى مكان آخر ما زلنا ندفع ثمنه حتى الان.
في حرب السادس عشر من تموز 2006 التي خاضها مقاومون لبنانيون مدعومون من سورية وإيران ومن أخوتهم الفلسطينيين كان الامر مختلفاً.
كان هناك صمود وثبات لدى المقاومة وداعميها، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية العماد المقاوم اميل لحود، وهو صمود لم تربكه الضغوط والمناورات والآلاعيب المتعددة،
وكان هناك انتصار ميداني محصّن بإرادة سياسية لم تتنازل قط عن مطالبها، ولاسيما اطلاق سراح عميد الاسرى العرب في سجون الاحتلال الشهيد الحاج سمير القنطار، ولم ترضخ لضغوط الخارج والداخل بإستبدال قوات الطوارئ الدولية ومهامها بقوات متعددة الجنسيات ذات مهام مختلفة .
لكن ما هو اهم من ذلك كله ان تلك الحرب افتتحت مرحلة من المواجهة مع العدو لم يعد قادراً فيها ان يقوم باجتياح عسكري “برّي” لا في لبنان او فلسطين ولا في غيرهما، بل بات يحسب الف حساب قبل ان يُقدم على اي خطوة بهذا الإتجاه، خصوصاً مع التنامي المذهل في قدرات المقاومة في لبنان وفلسطين والاقليم، كما ظهر مؤخراً في ملحمة جنين التي يمكن اعتبارها احتفالاً اخويا فلسطينياً بنصر تموز في لبنان.
إن نجاح لبنان المقاوم في إخراج مصطلح “الحرب البرية” من التداول الصهيوني، وبروز نجاحات مماثلة في حروب غزة ومواجهات الضفة الفلسطينية تؤكد هذه الحقيقة، قد نقل الصراع مع العدو الى مرحلة جديدة تبشّر بقرب نهاية الكيان المؤقت إذا احسنّا تحصين الانجازات الميدانية بمبادرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية فاعلة تُسقط رهانات العدو على ثغرات يمكنه التسلل منها للإجهاز على كل انتصاراتنا.