المخيمات الفلسطينية في لبنان .. نار تحت الرماد .. عثمان بدر
بخروج القوات الفلسطينية من لبنان عام 1982 اثر حصار بيروت بدأت معاناة ابناء المخيمات الفلسطينية في لبنان خاصّة وان (منظمة عكس الاتجاهر) قد نقلت اموالها من البنوك اللبنانية واغلقت مؤسساتها التي كانت تحتضن مئات العمال والتقنيين ك(صامد) و(معمل الحلاوة) و(التعاونيات) و(اللجنة العلميّة) و(مركز الابحاث) و(مؤسسة الدراسات) وغيرها مما خلّف جيشاً من العاطلين عن العمل اذ ان الرواتب الشهرية لم تعد تصل الاّ لنفٍر قليلٍ من المنتمين ل(الفصائل)،كما ان الدولة اللبنانيّة تتشدّد في اجراءاتها ضد العمال الفلسطينيين الذين يُمنعون طبقاً للقانون من مزاولة اكثر من 72 مهنة وحرفة،وقد تفاقمت ازمة المخيمات المعيشيّة والاقتصادية اثر توقيع (اتفاقيات اوسلو ) بين (منظمة عكس الاتجاهر) و(اسرائيل) اذ عمدت (وكالة هيئة الامم المتحّدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين في لبنان) المعروفة باسم (الاونروا) الى تقليص خدماتها عن اللاجئين تحت مسمّى نقل الخدمات الى (الداخل الفلسطيني) تحت عنوان انه اصبح للفلسطينيين دولة،وباتت خدماتها لا سيما على صعيد (الاعاشات) تُقدّم لفئة معينة تم استحداثها باسم (الشؤون الاجتماعيّة) وأُطلق علىها اسم (العائلات ذوي العسر الشديد) وقد شملت التقليصات الطبابة بحيث اصبح لزاماً على اللاجيء الفلسطيني ان يدفع جزءاً من تكاليف العلاج في المستشفيات،وكذلك بات على اهل الطلاب ان يشتروا لاولادهم (القرطاسيّة) بعد ان كانت توزّع عليهم بالمجان وهذا ما انعكس سلباً على الفقراء من الاهل الذين بات العام الدراسي يُشكّل عبئاً كبيراً عليهم،كما تم الغاء (المطاعم) التي كانت تسد بعضاً من احتياجات العديد من العائلات المخيماتيّة.
.ومن البديهي ان تنعكس (الثورة) في لبنان على المخيمات سلباً اذ ان دورة الحياة الاقتصادية أصيبت بالشلل الكلّي وباتت غالبية العائلات الفلسطينية تئن تحت وطأة الجوع وعلى شفير الانهيار،وهذا ما دفع بابناء المخيمات للتظاهر والاعتصام من اجل مطالبة (الاونروا) بمساعدات مالية عاجلّة في محاولة انقاذيّة،واللافت ان الفصائل الفلسطينية كان لها الدور الابرز في عكس الاتجاهض على هذه الاحتجاجات رغم انها احدى الجهات المسؤولة عن اللاجئين وعن الاوضاع المأساوية التي وصلوا اليها وهي محاولة للتنصّل من مسؤولياتها تجاههم، ولذر الرماد في العيون ولامتصاص النقمة العارمة فقد قامت بعض التنظيمات بتوزيع مساعدات هي في واقع الامر لا تسمن ولا تُغني من جوع وقد تم توزيع غالبيتها على (الازلام) و(الاتباع) و(المحسوبين) كما هي العادة، وهذا ما فاقم حالة الغضب لدى ابناء المخيمات الذين يبدو من خلال مجريات الامورانه لم يعد بالمستطاع الضحك عليهم ودغدغة عواطفهم ب(كرتونة مواد غذائيّة) من هنا،او ب(ربطة خبز) من هناك او ب(قطعة لحمة) من هنالك وان ما ينشدونه اكبر من ذلك بكثير وهو مساعدة مالية عاجلة لانقاذ انفسهم من الانهيار الذي اذا ما استمرت الاوضاع على ما هي عليه فانه سيكون امراً لا مفر منه،ما يعني ان المخيمات (نار تحت رماد) وتعيش على (برميل بارود) لا يعلم الاّ الله متى ينفجر بوجوه الجميع…!!!