الإرهاق العاطفي صناعة التعب في زمن اللاشعور الجماعي

الإرهاق العاطفي صناعة التعب في زمن اللاشعور الجماعي
بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
اننا في عالم يُقاس فيه الإنسان بما يُنجز لا بما يشعر يتحول
الإرهاق العاطفي من حالة نفسية إلى ظاهرة اجتماعية
ومن عرض فردي إلى بنية ثقافية تُنتجها السياسة وتُكرّسها التربية وتُشرعنها الأسرة وتُعيد صياغتها وسائل الإعلام
إنه التعب الذي لا يُعالج بالراحة بل بإعادة تعريف الإنسان نفسه النفس التي تنهار بصمت
الإرهاق العاطفي هو استنزاف داخلي ناتج عن ضغط مزمن يفوق قدرة الفرد على التكيف لا يُعلن عن نفسه بصراخ بل يتسلل عبر أعراض متفرقة تبلد قلق انسحاب فقدان الحماس اضطرابات جسدية وسلوكية
إنه انهيار داخلي لا يُرى لكنه يُغيّر كل شيء
الدين بين التطهير الروحي وقمع الشعورفي الخطاب الديني التقليدي يُطلب من الفرد أن يصبر أن يحتسب أن لا يشتكي وكأن التعب العاطفي ضعف في الإيمان
لكن حين يُفهم الدين كعلاقة حية مع الخالق لا كمنظومة أوامر يصبح التعب مساحة للتطهر والدعاء فعل
مقاومة
والبكاء أمام الله اعترافا بالإنسانية لا خللا فيهاالفلسفة
سؤال المعنى في زمن العبث الفلاسفة الوجوديون رأوا الإرهاق العاطفي كنتاج لصراع الإنسان مع العبث مع الحرية مع الذات
في عالم بلا يقين يصبح التعب نتيجة حتمية للوعي الزائد
أما الفلسفة الشرقية فتدعو إلى الانفصال عن التعلق وإلى التأمل كوسيلة لفهم الذات وتجاوز الألم
كلا الاتجاهين يعترف بأن التعب ليس خللا بل علامة على أن الإنسان يفكرالسياسة تحييد المواطن عبر الإنهاك
في الأنظمة التي تفتقر إلى العدالة يُستخدم الإرهاق العاطفي كأداة للسيطرة
المواطن المنهك لا يحتج لا يطالب لا يفكر يُغرق في صراع البقاء ويُطلب منه أن يتفهم فشل السلطة كقدر
لا يُرد التعب هنا ليس عرضا
بل سياسةالإعلام هندسة المشاعر وتخدير الوعي
الإعلام لا يُخفف الإرهاق بل يُعيد إنتاجه يُضخ خطاب التهوين والتبرير ويُعرض الألم كخبر عابر تُستخدم القصص الإنسانية لتفريغ الشحنة العاطفية دون تحفيز الفعل
وفي المقابل يُغذّى التوتر والخوف والانقسام ليبقى الفرد في حالة استنزاف دائم
ففي النظام الرأسمالي يُنظر إلى الإنسان كعامل إنتاج يُطلب منه أن يعمل أكثر أن يُنجز أسرع أن يُنافس بلا توقف
لا يُمنح وقتًا للتعافي بل يُستبدل
الإرهاق هنا ليس خللا فرديا بل نتيجة حتمية لنظام يُكافئ الإنجاز ويُعاقب التباطؤ
التربية المدرسة التي تُدرّس الضغط منذ الطفولة يُغرس في الفرد أن قيمته تُقاس بالدرجات بالترتيب بالمقارنة يُطلب منه أن يتفوق لا أن يفهم أن يُنافس لا أن يتعاون
هذا الضغط المبكر يُنتج أجيالا منهكة عاطفيا قبل أن تدخل سوق العمل
المدرسة لا تُعلّم الشعور بل تُدرّب على كتمانه
الأسرة الحاضنة التي تُربّي على الإنكارفي كثير من البيوت يُطلب من الطفل أن لا يبكي أن يكون قويا أن لا يشتكي يُربّى على كبت مشاعره وعلى التضحية بصوته الداخلي من أجل الانسجام
وحين يكبر يحمل هذا الإرث معه ويصبح التعب جزءا من هويته الثقافة
منظومة التوقعات المستحيلةالثقافة السائدة تُكرّس صورة مثالية للإنسان القوي المنتج المتفائل دائمًا تُدين الضعف وتُحوّل المشاعر إلى مادة للعار أو التندر في هذه الثقافة يُطلب من الفرد أن يتماسك حتى وهو ينهار وأن يواصل حتى وهو يتآكل
الفن صرخة النفس عبر اللوحة واللحن
الفن يمنح الإرهاق العاطفي صوتا يُحوّل الألم إلى جمال والفراغ إلى تعبير من لوحات مونش إلى أغاني واي هاواجس يتجلى التعب كصرخة وجودية لا تُسمع إلا عبر الفن
إنه مساحة آمنة للضعف وللأسئلة التي لا تُجاب
السيكولوجيا تفكيك العقل المنهك
علم النفس يُفكك الإرهاق العاطفي كاستجابة طبيعية لضغط مزمن يُحلّله عبر نظريات التوتر الاحتراق النفسي
الدفاعات وحتى التحليل العميق لا يُدين التعب بل يُفسّره ويُقدّم أدوات لفهم الذات وإعادة التوازن
فحين يصبح الشعور عبئًافي عالم يُقاس فيه النجاح بعدد الإنجازات الإرهاق العاطفي صناعة التعب في زمن اللاشعور الجماعي
بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
في عالم يُقاس فيه الإنسان بما يُنجز لا بما يشعر يتحول الإرهاق العاطفي من حالة نفسية إلى ظاهرة اجتماعية ومن عرض فردي إلى بنية ثقافية تُنتجها السياسة وتُكرّسها التربية وتُشرعنها الأسرة وتُعيد صياغتها وسائل الإعلام
إنه التعب الذي لا يُعالج بالراحة بل بإعادة تعريف الإنسان نفسه
النفس التي تنهار بصمت
الإرهاق العاطفي هو استنزاف داخلي ناتج عن ضغط مزمن يفوق قدرة الفرد على التكيف
لا يُعلن عن نفسه بصراخ بل يتسلل عبر أعراض متفرقة تبلد قلق انسحاب فقدان الحماس اضطرابات جسدية وسلوكية
إنه انهيار داخلي لا يُرى لكنه يُغيّر كل شيء
الدين بين التطهير الروحي وقمع الشعور
في الخطاب الديني التقليدي يُطلب من الفرد أن يصبر أن يحتسب أن لا يشتكي وكأن التعب العاطفي ضعف في الإيمان
لكن حين يُفهم الدين كعلاقة حية مع الخالق لا كمنظومة أوامر يصبح التعب مساحة للتطهر والدعاء فعل مقاومة والبكاء أمام الله اعترافًا بالإنسانية لا خللًا فيها
الفلسفة سؤال المعنى في زمن العبث
الفلاسفة الوجوديون رأوا الإرهاق العاطفي كنتاج لصراع الإنسان مع العبث مع الحرية مع الذات
في عالم بلا يقين يصبح التعب نتيجة حتمية للوعي الزائد
أما الفلسفة الشرقية فتدعو إلى الانفصال عن التعلق وإلى التأمل كوسيلة لفهم الذات وتجاوز الألم
كلا الاتجاهين يعترف بأن التعب ليس خللًا بل علامة على أن الإنسان يفكر
السياسة تحييد المواطن عبر الإنهاك
في الأنظمة التي تفتقر إلى العدالة يُستخدم الإرهاق العاطفي كأداة للسيطرة
المواطن المنهك لا يحتج لا يطالب لا يفكر
يُغرق في صراع البقاء ويُطلب منه أن يتفهم فشل السلطة كقدر لا يُرد
التعب هنا ليس عرضًا بل سياسة
الإعلام هندسة المشاعر وتخدير الوعي
الإعلام لا يُخفف الإرهاق بل يُعيد إنتاجه
يُضخ خطاب التهوين والتبرير ويُعرض الألم كخبر عابر
تُستخدم القصص الإنسانية لتفريغ الشحنة العاطفية دون تحفيز الفعل
وفي المقابل يُغذّى التوتر والخوف والانقسام ليبقى الفرد في حالة استنزاف دائم
الاقتصاد السوق الذي يستهلك الإنسان
في النظام الرأسمالي يُنظر إلى الإنسان كعامل إنتاج
يُطلب منه أن يعمل أكثر أن يُنجز أسرع أن يُنافس بلا توقف
لا يُمنح وقتًا للتعافي بل يُستبدل
الإرهاق هنا ليس خللًا فرديًا بل نتيجة حتمية لنظام يُكافئ الإنجاز ويُعاقب التباطؤ
التربية المدرسة التي تُدرّس الضغط
منذ الطفولة يُغرس في الفرد أن قيمته تُقاس بالدرجات بالترتيب بالمقارنة
يُطلب منه أن يتفوق لا أن يفهم أن يُنافس لا أن يتعاون
هذا الضغط المبكر يُنتج أجيالًا منهكة عاطفيًا قبل أن تدخل سوق العمل
المدرسة لا تُعلّم الشعور بل تُدرّب على كتمانه
الأسرة الحاضنة التي تُربّي على الإنكار
في كثير من البيوت يُطلب من الطفل أن لا يبكي أن يكون قويًا أن لا يشتكي
يُربّى على كبت مشاعره وعلى التضحية بصوته الداخلي من أجل الانسجام
وحين يكبر يحمل هذا الإرث معه ويصبح التعب جزءًا من هويته
الثقافة منظومة التوقعات المستحيلة
الثقافة السائدة تُكرّس صورة مثالية للإنسان القوي المنتج المتفائل دائمًا
تُدين الضعف وتُحوّل المشاعر إلى مادة للعار أو التندر
في هذه الثقافة يُطلب من الفرد أن يتماسك حتى وهو ينهار وأن يواصل حتى وهو يتآكل
الفن صرخة النفس عبر اللوحة واللحن
الفن يمنح الإرهاق العاطفي صوتًا
يُحوّل الألم إلى جمال والفراغ إلى تعبير
من لوحات مونش إلى أغاني واينهاوس يتجلى التعب كصرخة وجودية لا تُسمع إلا عبر الفن
إنه مساحة آمنة للضعف وللأسئلة التي لا تُجاب
السيكولوجيا تفكيك العقل المنهك
علم النفس يُفكك الإرهاق العاطفي كاستجابة طبيعية لضغط مزمن
يُحلّله عبر نظريات التوتر الاحتراق النفسي الدفاعات وحتى التحليل العميق
لا يُدين التعب بل يُفسّره ويُقدّم أدوات لفهم الذات وإعادة التوازن
حين يصبح الشعور عبئًا
في عالم يُقاس فيه النجاح بعدد الإنجازات لا بعدد الأنفاس المستعادة يصبح التعب العاطفي جريمة غير معلنة
يُطلب منك أن تبتسم وأنت تنزف داخليًا أن تُنجز وأنت تتآكل أن تُحب وأنت منهك
الإرهاق العاطفي ليس خللًا فيك بل خلل في منظومة لا تعترف بأن الإنسان ليس آلة
ربما آن الأوان لنسأل هل نحن متعبون لأننا نحب أكثر مما ينبغي أم لأننا نعيش في عالم لا يعرف كيف يحب
وفي الحالتين يبدو أن القلب يدفع الثمن
بعدد الأنفاس المستعادة يصبح التعب العاطفي جريمة غير معلنة يُطلب منك أن تبتسم وأنت تنزف داخليا
أن تُنجز وأنت تتآكل أن تُحب وأنت منهك الإرهاق
العاطفي ليس خللا فيك بل خلل في منظومة لا تعترف بأن الإنسان ليس آلة
ربما آن الأوان لنسأل هل نحن متعبون لأننا نحب أكثر مما ينبغي
أم لأننا نعيش في عالم لا يعرف كيف يحب وفي الحالتين يبدو أن القلب يدفع الثمن
لمتابعة آخر الأخبار والتّطورات على موقعنا الإلكتروني : 👇👇
www.aksaletgah.com#عكس_الاتجاه_نيوز#الحقيقة_الكاملة #معاَ_نصنع_إعلاماً_جديداًلمتابعة آخر الأخبار والتّطورات على موقعنا الإلكتروني :
👇👇www.aksaletgah.com