قساوة الملامح وعدالة القلوب في عدلية حلب

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
عدلية حلب حين تلبس الرحمة عباءة العدل
ففي زمن تتشابه فيه الوجوه وتضيع فيه الملامح خلف الأقنعة برزت وجوه قضاة عدلية حلب كأيقونات للوقار لا يبتسمون كثيرا لكنها تنطق بالعدل
وجوه قاسية في ظاهرها لكنها تفيض بالرحمة في جوهرها
عيون تخاف الله وقلوب لا تعرف إلا الإنصاف
وأيد بيضاء تخط الأحكام كما تخط القصائد
لا تهادن الظلم ولا تساوم على الحق
منذ لحظة التحرير دخلت عدلية حلب مرحلة جديدة
لا تشبه ما قبلها لم يألف الشعب هذا النوع من المعاملة حزم بلا قسوة
وصرامة بلا تجبر
وعدل يلامس الأرواح قبل أن يلامس الأوراق
قضاة لا يبتسمون كثيرا
لأنهم يحملون هم الناس على أكتافهم
لكنهم يبتسمون في قلوبهم حين ينصف مظلوم
أو يرد حق إلى صاحبه
هؤلاء القضاة لا يرفعون أصواتهم
بل يرفعون المقام لا يلوحون بالأحكام بل ينسجونها بخيوط من ضمير حي
في عدلية حلب اليوم الرحمة ليست ضعفا بل هي جوهر العدل
والعدل ليس سيفا مسلولا بل ميزان دقيق تمسكه يد تعرف الله وتخشاه
نرفع لكم القبعة لا لأنكم تبتسمون بل لأنكم لا تنحنون للباطل
نحييكم لا لأنكم تتوددون بل لأنكم ترفعون راية الحق في زمن تاهت فيه الرايات
أنتم الوجه الحقيقي للعدالة حين تتجلى في هيئة صارمة لكنها تنبض بالرحمة
في زمن يباع فيه الضمير على أرصفة المصالح أنتم الحصن الأخير
وفي مدينة عانت من الجراح أنتم البلسم الذي لا يرى لكنه يشعربه
شكرا لكم من القلب لأنكم جعلتم من عدلية حلب منارة للعدل لا تطفئها الرياح ولا تغريها الأضواء




