لهذا تعجز امريكا عن منع هزيمة اسرائيل في حربها الوجودية وتعجز عن حمايتها من نفسها ومن تأمينها بتسويات سياسية وصفقات
ميخائيل عوض.
بيروت؛١٥/١٢/٢٠٢٣.
من المعطيات ومجريات التطورات والاحداث المعاشة نستنتج ان اسرائيل عالقة في ازمة لا افق للخروج منها. وامريكا عالقة بأزمة اسرائيل ولا تستطيع فعل الكثير لإخراجها.ازمة اسرائيل متعددة الجوانب والمستويات؛ازمة وجودية وبنيوية وهيكلية فقد انتهت صلاحياتها وفقدت دورها الوظيفي وباتت عاجزة عن تامين مصالح من انشأها وحماها ومولها، وباتت عاجزة عن حماية نفسها من تعاظم قوة محور المقاومة ومن سعيه لإزالتها.مأزومة في بنيتها ونظامها السياسي فقد عجزت بخمس انتخابات في اربع سنوات من انتاج حكومة قوية متماسكة قادرة على تجديدها وتجديد وظائفها واصبحت بقبضة اليمين والتدين والاكثر يمينية وتطرفا وحياتها السياسية متذررة واحزابها باتت شائخه ومتماثلة وضعيفة ولا جديد عندها تدير شؤونها بالصفقات والتسويات.محاولات تكييف نظامها ليطابق التحولات في بنيتها اصبحت ازمة فتاكه انفجرت بما سمي بالإصلاحات القضائية التي اعتبرها الاشكيناز والعلمانيين ” مؤسسي وبناة اسرائيل” والجيش انقلابا يمينيا يغير بنيتها وطبيعتها وهددتها بحرب اهلية.وقد ضربتها ازمة العجز العسكري فبعد فقدانها لعنصر قوتها الاستراتيجي بفرض المصالح عبر الاحتلال والخروج مهزومة من لبنان وغزة بلا قيد او شرط وفقدانها عنصر قوتها الاستراتيجية الثانية التي كانت تتجسد بذراعها الطويلة وحربها الخاطفة والسريعة والنظيفة وفي ارض الغير، بعد حرب ٢٠٠٦ وحروب غزة لاذت بالاحتماء بالجدران الإسمنتية والالكترونية واسقطها طوفان الاقصى بلمح البصر…وفي غزة بعد تجربتها في لبنان ٢٠٠٦ وغزة ٢٠٠٨ و٢٠١٤ تخسر اخر ما كانت تفترضه عنصر قوة المتجسدة بالجيش والحرب البرية والتقانة ودبابة ميركافا ومدرعة النمر وقد تحولت الى توابيت معدنية لجيشها، ولم يعد لها من عناصر قوة تعتد بها الا قصف المدارس والمشافي وقتل المسعفين والإعلامين والاطفال والنساء وهذه باتت وبالا عليها وانهضت رأي عام امريكي وأوروبي وعالمي يحاصرها ويضغط على الدول والنخب الحاكمة التي تساندها الى درجة انفجرت بين نتنياهو وبايدن والحبل على الجرار .هي ايضا خسرت تأييد الدول العربية والاسلامية وخسرت اسنادها العلني الذي كان بالحروب السابقة وباتت الضغوط عليها حادة وتشتد بحسب كلام بايدن…والاخطر من كل ما ذكر، هي خسرت عقلها وحيويتها وقدراتها على الابداع وتضربها عوارض الشيخوخة والزهايمر والاهم حالة العطالة والعجز عن اتخاذ القرارات الصح في الزمن الصح لإدارة أزماتها وحروبها، وباتت محكومة بحفنة الفاسدين يقامرون بها وبمستقبلها ويستعجلون حربها الوجودية لحماية اشخاصهم وقادة فاشلون وفاسدون وثبت انهم حمقى ومغامرون.على الضفة الاخرى المفترض انها القادرة على ضبط اسرائيل وعقلنتها ومداواة جراحاتها ومعالجة ازماتها تبدو الصورة ليس بأفضل بل ربما اكثر سوء.فأمريكا معطوبة برأسها ايضا وبتقادم نظامها وبتكلس مفاصله وبشيخوختها وبشيخوخة وخرف قادتها ورئيسها وهذه باينه للعيان .وكما ضربت اسرائيل اعراض الشيخوخة وفي اهمها اصابة قيادتها بالعطالة والعجز هكذا تبدو امريكا والشواهد اكثر من ان تحصى ومنها توتر واضطراب مواقفها من الحرب الاسرائيلية على غزة.فمن جهة تطالب اسرائيل بالالتزام بضوابط وبمدة زمنيه وبمشروعها لليوم التالي وتدعمها بكل حاجاتها، تنتقدها وهي قادرة برفع اصبع من يدها في وجهها وقف الحرب فورا.هذا الارتباك يفسره ان امريكا نفسها وهي شائخه وهرمة ترتبك في بنيتها ومصابة بمرض عضال يبدو انها عجزت عن توليد حلول لها فتعصف بها ازمة مديونية وتضخم، وركود، وتقادم النظام وعجزه عن تلبية حاجاتها والتفاعل مع الاجيال والتنوع الاثني والديموغرافي، واتساع التشققات العامودية والافقية في بنيتها، وتنحسر سيطرتها على العالم وتخسر في حربها الشاملة في اوكرانيا التي صارت على حافة فقدانها والشروع بخسارة اوروبا والاطلسي…وامريكا ايضا في حالة عجز وانحسار فقد خسرت ذراعها الطويلة واهم عناصر قوتها الاستراتيجية بخسارتها الحروب في العراق وافغانستان وسورية واليمن وانكسار قوتها وتراجع الخوف والارتياب منها، حتى ان حزب الله والحوثيين تحدوها في عصب هيمنتها واساس سيادتها وتجرؤوا على طلب منازلتها في الابيض المتوسط والاحمر وبحر العرب واصلا هي خسرت الخليج ومضيق هرمز… وهي تخسر بتسارع ذراعها الاستراتيجية الثانية الدولار كعملة عالمية، وحرب الحصارات والعقوبات التي كانت تتحكم عبرها وبالدولار بالاقتصاد العالمي وتنهب الشعوب وخيراتها ومنتجاتها ببيعها المئة دولار الورقية بقيمة ماية دولار فعليه وكلفتها سبعون سنتا فحسب.وتخسر سيطرتها على البحار والمضائق التي ورثتها عن بريطانيا وكانت احد اسباب هيمنتها العالمية والاقتصادية.وهي تخسرها بسبب مقامرات الصقور والمحافظين الجدد اصحاب نظرية المليار الذهبي والقرن الامريكي، فتجد نفسها في مازق لا هي قادرة على حماية اسرائيل وانقاذها من نفسها ولا هي قادرة على نصرتها في حربها الوجودية وايضا عاجزة عن عقلنتها.الحالة التي تعيشها امريكا واسرائيل والامر طبيعي ان تتلازمان لانهما دولتان مصنعتان في خدمة مشاريع ومصالح وشركات سادت وعبثت وبلغت شيخوختها وانكشفت على عسفها وتوحشها ولم تعد البشرية تحتملها فتمردت وتنتفض وتنفض عنها كما في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وتراجع مونتها على غالبية الدول التي كانت تامرها فتستجيب….العطالة والعجز للقيادة في الأزمنة الفاصلة وحقب الغليان والمخاض العالمي الجاري لولادة الجديد هي الحالة القاتلة والوصفة التي ميزت الامبراطوريات في ايامها الاخيرة.ان لله في خلقه شؤون وكل طير طار وارتفع وقع.فعلى من ترهبه امريكا ان ينكل على الله والميدان، ومن يراهن على امريكا لفرض مخرج من الحرب والشروع بإنتاج حل للصراع العربي الصهيوني يخبز بالفراح….