مقالات

الأخوانُ المسلمون هل تُنقذُهم غزّة؟

-يبدو للكثيرينَ إنّه سؤالٌ غريبٌ وبعيدٌ وغيرُ منطقيٍّ، والحقيقةُ أنّه سؤالٌ موضوعيٌّ وحقيقيٌّ وخطيرٌ، فـ “الأخوانُ المسلمون” ما زالوا يبحثون عن موقعهم، ويدافعون عن وجودهم، في ظلِّ متغيّراتٍ هامّةٍ جدّاً، حصلت على مستوى المنطقةِ والعالمِ!!..

-مثلما استعمَلت الولاياتُ المتحدّةُ “الأخوان المسلمين” وغيرَهم، في عدوانِها على المنطقةِ، تحت ما سمّيَ بـ “الربيعِ العربيِّ”، كذلك تخلّتْ عنهم، عندما فشِلت بتمريرِ هذا المشروعِ، وبعد أن نجحَ محورُ “دمشق – طهران”، بإلحاقِ الهزيمةِ الكبرى بها!!..

-بعضُ القوى الإقليميّةِ الأخرى، التي استُعمِلتْ إلى جانبِ “الأخوانِ”، نجحتْ بإنقاذِ نفسِها في ظلِّ بيئةٍ دوليّةٍ انقلبتْ على أدواتِها، وهي الأدواتُ التي شكّلتْ رافعةَ فوضى “الربيعِ العربيِّ”، غير أنّ “الأخوانَ المسلمين”، فشِلوا في الحفاظِ على بقائِهم حاجةً وضرورةً، في عربةِ الأمريكيّ، وهو ما جعلَهم هامشيّين وثانويين، وجعلَهم أدواتٍ غيرَ مرغوبٍ بها، بالنسبةِ للأمريكيِّ وحلفائِهِ!!..

-بقيَ “الأخوانُ” يبحثونَ عن ملفاتٍ إقليميّةٍ ودوليّةٍ، يكونون فيها حاجةً بالنسبة للأمريكيِّ وبعضِ حلفائِهِ، حيثُ أنّهم حاولوا في أكثرَ من عنوانٍ ساخنٍ، خلالَ السنواتِ القليلةِ الماضيةِ، لكنّهم لم يستطيعوا أن ينجحوا نجاحاً يخوّلهم أن ينتقلوا إلى اعتمادِهم اعتماداً كليّاً، يشبُهُ اعتمادَهم في مشروعِ فوضى “الربيعِ العربيِّ”!!..

-حاولَ “الأخوانُ” أن يلعبوا هذا الدورَ في “أوكرانيا”، من خلالِ رأسِ “النظامِ التركيِّ”، لكنّهم فشِلوا بذلك، بالرّغمِ من أنّهم قد نجحوا بأن يضعوا أنفسَهم على سكّةِ الاستعمالِ الأمريكيِّ – الأوروبيِّ، من جديدٍ، لكنّهم لم يستطيعوا أن يكونوا كما أرادوا، حيثُ بقيتْ محاولاتُهم تُعاني كثيراً!!..

-يُدركُ “الأخوانُ” جيّداً، وأكثرَ من غيرهم بكثيرِ، حاجةَ الأمريكيِّ و”الإسرائيليِّ” للأهداف التي كان من أجلِها مشروعُ “الربيعِ العربيِّ”، ويدركون حجمَ الاخفاقِ والهزيمةِ التي مُنِيَ بها، كلٌّ من الأمريكيِّ و”الإسرائيليِّ”، لذلك فهم يبحثون بشكلٍ دائمٍ ومستمرٍ، عن موقعٍ يساهمُ في منحِهم الدورَ الذي يعيدُهم إلى ما كانوا عليه، خلالَ سنواتِ “الربيعِ العربيِّ”!!..

-في ظلِّ هذا المعنى، فإنَّ كلَّ ما قامتْ وتقومُ به “قطر” و”تركيا”، كنظامين سياسيّين، بالنسبة لغزّة، ليس بعيداً عن تلك الحساباتِ “الأخوانيّة” التي تحوّلهما إلى أداةٍ إقليميّةٍ فاعلةٍ وهامَّةٍ، ولو كان ذلك على حساب دماءِ ومصيرِ الشعبِ الفلسطينيِّ، وهو جوهرُ الدور الذي لعبوهُ في غزّة، وخلالَ مراحلَ مختلفةٍ من العدوان!!..

-لقد حاولت “قطر” أن تلعبَ دوراً خطيراً، في مشروع ترحيلِ وتهجيرِ أهلِ غزّة إلى سيناء، من خلالِ تنسيقها مع الاستخباراتِ الأمريكيّة، قبل السابع من أكتوبر، كي تكونَ عمليةُ طوفانِ الأقصى، ذريعةَ عدوانٍ “إسرائيليٍّ” مفتوحٍ على غزّة، تسوقُ إلى تنفيذِ مشروعِ الترحيلِ إلى سيناء!!..

-لكنَّ المقاومة الباسلة نجحتْ إلى جانبِ حلفٍ يقفُ معها، في إسقاطِ وإفشالِ هذا المشروع، الأمر الذي دفع “قطر” كي تلعبَ دوراً جديداً، يناسبُ مرحلةً جديدةً من هذه المنازلة، عندما تقدّمتْ فريقَ إتمامِ “الهدنة” ثمّ “الصفقة”، بين المقاومةِ وبين “إسرائيل”، والحقيقةُ أنَّ “قطر” كانت في هذا الدور، وبطلبٍ أمريكيٍّ، تحاولُ أن تساهمَ بإنقاذِ “بايدن”، من الفشلِ الذي دفعَ الولايات المتحدة إليه، نتيجةَ اصطفافهِ الحادِّ، إلى جانبِ كيانِ الاحتلالِ، في عدوانِه على غزّة!!..

-من هنا فإنّنا نعتقدُ، أنّ “النظامَ القطريَّ” و”النظامَ التركيَّ”، كانا وما زالا، يلعبانِ دوراً “أخوانيّاً” عميقاً، على حسابِ دماءِ الشعبِ الفلسطينيِّ، سعياً منهما ودفاعاً، عن دورٍ أخوانيٍّ إقليميٍّ، يعيدُ لهما روحَ الحاجةِ الأمريكيِّةِ، التي تضمنُ لهما وجودَهما وموقعَهما، على خارطةِ الإقليم!!..

-نعم.. يمكنُ أن تكونَ غزّة قد أنقذتْ مبدئيّاً ومرحليّاً، “الأخوانَ” على مستوى المنطقةِ، وتكون قد منحتهمْ دوراً “أخوانيّاً” جديداً، لكنّهُ دورٌ لن ينتهيَ عندَ هذه الحدود، فهناكَ خطواتٌ أخرى مطلوبٌ من “الأخوانِ”، وتحديداً من النظامين “القطريِّ” و”التركيِّ”، القيام بها وتنفيذها، وهي خطواتٌ تتعلقُ بمستقبلِ المقاومةِ على مستوى المنطقة!!

#خالد_العبّود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى