مقالات

انتصرت غزة…ماذا عن اليوم الثاني؟؟

ميخائيل عوض

بيروت ٢٣/١١/٢٠٢٣

ليس من خبير عسكري او باحث في العلوم العسكرية والحروب الا ويصادق على ان الهدنة في حرب غزة تؤشر الى تحقيها نصرا كاملا. فالحروب تحتسب ليس بمساراتها ولا بأكلافها انما بنتائجها وبمدى مطابقتها للأهداف التي خيضت لتحقيقها.

واسرائيل هزمت لأنها لم تحقق اي من اهداف الحرب التي اعلنتها سوى انكشافها عدوانية عنصرية سافرة تضرب بعرض الحائط كل القوانيين والشرعيات الوضعية والسماوية ولم تفلح الا بقصف المشافي والمدارس والمدنيين وتكبدت في هجومها البري خسائر كبيرة في الرجال والعتاد.

عن اليوم الثاني؛اكثر من سيناريو محتمل للتطورات منها؛

–  تحول الحرب العدوانية الاسرائيلية للشمال ومحاولات التعويض عن الهزيمة والاخفاق في غزة باستهداف لبنان وحزب الله، وهذه لن يفعلها الا احمق او انتحاري جاهل بعلوم الحروب والجيوش. فقوة وجغرافية الحرب مع لبنان هي اخطر واعظم بمئات المرات مما هي عليه في غزة ومن هزم في غزة هل يفعلها في لبنان،؟ والحرب على لبنان ستجعل من الحرب حرب يوم القيامة بمعنى ستلتهب الجبهة السورية العراقية وغزة ومن اليمن الامر الذي لا تتحمله إسرائيل والمنطقي الا تغطيها امريكا واوروبا ولن يجرؤ نتنياهو على التورط بها ولذلك حظوظها محدودة.-        ان تقوم اسرائيل بتصعيد اعتداءاتها على سورية بوتائر وشدة اعلى من المعتاد في محاولة لترميم ردعها المفقود، وللثأر من سورية ودورها في اسناد وتسليح فصائل المقاومة . برغم ان هذا احتمال له حظوظ الا انه يحمل خطورة بتشغيل جبهة الجولان والحدود السورية العراقية وقد تدفع سورية وحلفائها الى تطليق استراتيجية الصبر ويدنو الزمان والمكان المناسبين، والانخراط بحرب عاصفة بمنطق ليس لدى سورية والعراق ما يخسراه، وقد تستدعي دخول جبهة الجنوب والتصعيد النوعي من اليمن بما في ذلك اقفال باب المندب والملاحة في البحر الاحمر بما يشكله من هزه عنيفة في الاقتصاد العالمي وخاصة الاسرائيلي الاوروبي.

سيناريو العودة الاسرائيلية الى التصعيد في غزة، بعد نفاذ وقف النار وهذه ستعني فرض حرب الاستنزاف وعودة جبهات سورية العراق والبحر الاحمر الى الفاعلية وهذه المرة بوتائر اكبر واكثر شدة، ولن تتمكن اسرائيل بعد خمسة ايام على وقف النار من احداث تغير في مسارات الحرب ولن تتوفر في الايام الخمسة اية عناصر قوة اضافية لإسرائيل لتعديل موازين القوة على عكس قدرة وفرص المقاومة في تعويض ذخائرها وخسائرها واعادة تموضع قوتها ووحداتها لتعزيز خطوط الاشتباك الاساسية والحاسمة. وهذا سيناريو له حظوظه لكنه ليس راجحا.

تعزيز وقف النار ومد ايامه وتحويله لهدنة، والشروع في البحث عن حلول سياسية ودبلوماسية تحت يافطة العودة الى حل الدولتين ومبادرة عبد الله وقمة بيروت وهذه ترسخ الهدنة وتفتح التطورات على سياقات وسيناريوهات مختلفة، مع بقاء سيف الحرب مشهرا.

واذا لم يتفق على سحب القوة الاسرائيلية من غزة الى حدود ما قبل ٧ تشرين اول، فستنشط عمليات المقاومة وتتنوع لاستهداف القوات المنتشرة على تخوم المناطق السكنية وعلى بعض الاسترادات والساحات والمساحات المفتوحة، وستتصاعد المقاومة في الضفة.في اسرائيل وعن المتطرفين والاحزاب اليمينية ستضغط لإسقاط الهدنة ولنتنياهو المقامر بمستقبل اسرائيل مصلحة في استمرار الحرب ليحمي نفسه وفريقه، الا ان هذه الحرب وقرارها لم يعد بيد نتنياهو وقيادة اركانه بل انتقل الى يد امريكا وضباطها المنتدبين.والمؤكد ان امريكا هي التي فرضت على نتنياهو الهدنة ووقف النار والاستجابة لشروط حماس.

والمؤكد في المعطيات الملموسة ان القرار الامريكي الذي الزم نتنياهو بوقف النار جاء لأسباب وبنتيجة تطورات نوعية شهدتها الحرب في الايام الاخيرة في اهمها التصعيد الكبير في ضربات المقاومة في لبنان كما ونوعا واسلحة.

كما كان لجدية الحوثيين وتفعيل انذارهم للسفن الاسرائيلية في البحر الاحمر ووضع انذاراتهم موضع التطبيق بعملية السيطرة على سفينة اسرائيلية بما يؤكد جدية تحويل البحر الاحمر وباب المندب الى مسرح عمليات وساحة حرب مع ما يحمله ذلك من تهديد جدي للتجارة العالمية وخاصة للاقتصاد الاوروبي المأزوم وعلى الاقتصاد الاسرائيلي فقد دلت الارقام الى ان ٧٦% من التجارة الاسرائيلية وتلبية حاجتها تمر عبر باب المندب والبحر الاحمر.

لما تقدم يصبح الاحتمال والسيناريو الاكثر ترجيحا ان تجري عملية تمديد وقف النار والتحول بها الى هدنة طويلة نسبيا، ولتأمينها ستبدأ جهود دبلوماسية وتعقد مؤتمرات اقليمية ودولية واجتماعات لمجلس الامن والمنظمات ذات الصلة تحت عناوين الجهد الاممي لتحريك حل الدولتين.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى