مقالات

الحرب بين إسرائيل وحماس والسياسة الأمريكية..

تحديث

تناقش لجنة من الخبراء وضع الأزمة بعد ما يقرب من أسبوعين من القتال بين إسرائيل و “حماس”، مع التركيز على زيارة الرئيس بايدن، وطبيعة المساعدة الإنسانية ومعالمها، وجهود وقف التصعيد المستمرة، وأمور أخرى. ف

غيث العمري هو زميل أقدم في معهد واشنطن وكان سابقاً المدير التنفيذي لـ “فرقة العمل الأمريكية المعنية بفلسطين”. وشغل قبل ذلك مناصب عدّة داخل السلطة الفلسطينية بما فيها وظيفة مستشار لفريق المفاوضات خلال محادثات الوضع الدائم التي أجريت بين عامَي 1999 و2001. ف

زوهار بالتي شغل مؤخراً منصب رئيس “المكتب السياسي العسكري” في وزارة الدفاع الإسرائيلية. وسابقاً، قاد “مديرية استخبارات الموساد” وشغل منصب نائب رئيس “قسم الأبحاث” في “سلاح استخبارات جيش الدفاع الإسرائيلي” برتبة عقيد. فط

ديفيد ماكوفسكي هو زميل زيغلر المميز ومدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن. فط

نعومي نيومان هي زميلة زائرة في معهد واشنطن، حيث تركز على الشؤون الفلسطينية. وعملت سابقاً كرئيسة لوحدة الأبحاث في “وكالة الأمن الإسرائيلية”، أو “الشاباك”، وفي وزارة الخارجية الإسرائيلية. ومؤخراً بدأت نيومان دراسة الدكتوراه في جامعة تل أبيب. ف

غرانت روملي هو زميل أقدم في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، حيث يتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية في الشرق الأوسط. ف

“في 18 تشرين الأول/أكتوبر، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع زوهار بالتي، وديفيد ماكوفسكي، وغرانت روملي، وغيث العمري، ونعومي نيومان. وبالتي هو “زميل فيتربي الدولي” في المعهد والرئيس السابق لـ “مكتب السياسات والسياسة العسكرية” بوزارة الدفاع الإسرائيلية. وماكوفسكي هو “زميل زيغلر المميز” في المعهد ومدير “مشروع كوريت” حول العلاقات العربية الإسرائيلية. وروملي، هو مسؤول سابق في البنتاغون، و”زميل غولدبرغر” في “برنامج مؤسسة دايين وغيلفورد غليزر” التابع للمعهد حول “منافسة القوى العظمى والشرق الأوسط”. والعمري هو زميل أقدم في “مؤسسة روزاليند وآرثر جيلبرت” في المعهد ومستشار سابق “للسلطة الفلسطينية”. ونيومان هي زميلة زائرة في المعهد ورئيسة سابقة لوحدة الأبحاث في “وكالة الأمن الإسرائيلية”. وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتهم”.

زوهار بالتي
لم تخلّف زيارة الرئيس بايدن إلى إسرائيل نتائج مؤكدة، إلا أنها تركت بصمة لا تمحى لدى الشعب الإسرائيلي. فبايدن صهيوني عطوف ومتعاطف معهم وهو الرجل المناسب تماماً في هذه المرحلة، إذ يفهم حالة الصدمة التي يعيشها الشعب الإسرائيلي ويرى أن الأمة موحدة في حزنها ومستعدة للقضاء على “حماس”. كما طَلب من إسرائيل عدم التدخل في تقديم مصر مساعدات إنسانية إلى غزة، وأعلن مجلس الوزراء الإسرائيلي أنه سوف يستجيب لهذه الرغبة.

وفي هذه اللحظة الحاسمة، يتجاوز الدعم الأمريكي مكتب الرئيس بايدن. فالهجوم المروع الذي وقع في 7 تشرين الأول/أكتوبر أدى أيضاً إلى تحفيز دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الأمريكي لتقديم مساعدات عسكرية إلى إسرائيل، كما أن وزارة الدفاع الإسرائيلية على اتصال وثيق مع “البنتاغون” بشأن إعادة إمداد “جيش الدفاع الإسرائيلي”.

سوف تكون المعركة طويلة ومؤلمة، لكن إسرائيل مستعدة للقيام بكل ما يلزم لإنهاء سيطرة “حماس” على غزة. لقد أرهق الهجوم إسرائيل، وهذا الواقع الجديد يتطلب إعادة صياغة كاملة للسياسة المعتمدة تجاه القطاع. إن إسرائيل مستعدة للإطاحة بقيادة الحركة وبنيتها التحتية وقدراتها العسكرية مع القضاء بشكل حاسم على وجودها في غزة.

وفي حين أن هذه العملية ستظل محور التركيز الأساسي لإسرائيل، إلّا أنه لا يمكنها أن تغفل عن التطورات التدريجية في الضفة الغربية وشمال البلاد، بما أن هذه المناطق قد تكون متقلبة وعرضة للتصعيد. ويُعتبر ردع “حزب الله” على وجه الخصوص من الانخراط في الحرب أمراً ضرورياً.

ديفيد ماكوفسكي
طرحت زيارة بايدن رسالتين واضحتين: التضامن مع إسرائيل وردع خصومها. فتعاطف بايدن ووضوحه الأخلاقي وتماهيه مع الصهيونية واستعداده لتحمل المخاطر السياسية يؤكد إخلاصه لإسرائيل وعلاقته الوثيقة بشعبها. كما أن وجود حاملة طائرات أمريكية بالقرب من المياه الإسرائيلية يوجه رسالة قوية إلى الخصوم ولكنه يوضح أيضاً جهود بايدن لتجنب التصعيد. ومن الممكن أن يؤدي اندلاع جبهة ثانية، خاصة على الحدود اللبنانية، إلى انخراط القوات الأمريكية في الحرب الأمر الذي سيكون مكلفاً لجميع الأطراف المشاركة في القتال.

وفي هذا النزاع، تشكل العلاقة الوطيدة لإسرائيل مع الولايات المتحدة نعمة وتحدياً للبلاد في آن واحد. فالانخراط الأمريكي يزيد من الرهانات المرتبطة بقرارات إسرائيل في زمن الحرب ويورط واشنطن في عواقبها، في حين تكشف جهود بايدن الرامية إلى فتح ممر إنساني الضغوط التي قد تواجهها القدس من حليفتها مع استمرار الحرب.

وعلى الجبهة الداخلية، لا تزال السياسة الإسرائيلية ديناميكية، لكن الدعم لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تضاءل بشكل ملحوظ منذ هجوم “حماس”. وقد تحمَّل القادة الرئيسيون على المستويين السياسي والعسكري المسؤولية عن الهجوم المفاجئ، لكن نتنياهو لم يفعل ذلك بعد. ومع هذا، فقد منحت حكومة الوحدة الوطنية الجديدة الكثير من الإسرائيليين ثقة مجددة في قيادتهم السياسية، وأظهرت استطلاعات الرأي أن 80 في المائة منهم يؤيدون هذا الائتلاف. وعلى الرغم من أن البعض دعا نتنياهو إلى الاستقالة، إلا أن إسرائيل لا تزال تركز على الحرب في الوقت الحالي؛ وستأتي التداعيات السياسية في الوقت المناسب.

جرانت روملي
يركز الدعم الأمريكي لإسرائيل على ثلاثة محاور من الجهود: الموقف العسكري، والرسائل، والمساعدة الأمنية. ففي أعقاب هجوم “حماس”، تحركت الولايات المتحدة بسرعة لنقل حاملة طائراتها الأكبر حجماً والأكثر تقدماً، “يو إس إس جيرالد ر. فورد”، من غرب البحر الأبيض المتوسط ​​إلى مسافة أقرب من شواطئ إسرائيل. وتتجه حالياً مجموعة حاملة طائرات هجومية أخرى، بقيادة سفينة “يو إس إس دوايت إي. أيزنهاور”، إلى المنطقة، كما تلقت “مجموعة يو إس إس باتان البرمائية الجاهزة” أوامر بالانتقال من الخليج العربي إلى مسافة أقرب من إسرائيل. وتوفر هذه المجموعات قدرات حاسمة، بدءاً من الدفاع الجوي وإلى الضربات الدقيقة بعيدة المدى والاعتراضات البحرية. وتبعث هذه التحركات مجتمعةً رسالة واضحة إلى الخصوم.

وفيما يتعلق بالمساعدة الأمنية، تسعى إسرائيل إلى إعادة إمداد منظومة “القبة الحديدية” بالصواريخ الاعتراضية، فضلاً عن إمدادات الذخائر الموجهة بدقة، وقذائف المدفعية والذخائر، وتبادل المعلومات الاستخبارية بشأن التهديدات الإقليمية. وقد أعرب المسؤولون الأمريكيون مراراً وتكراراً عن ثقتهم في امتلاك الصلاحيات والإمدادات اللازمة لتلبية هذه الطلبات على المدى القصير، لكن الإدارة الأمريكية ستحتاج إلى الحصول على مزيد من التمويل من الكونغرس للحصول على الدعم على المدى الطويل. وحالياً، تحظى المساعدات العسكرية لإسرائيل بدعم واسع النطاق، ولكن مدة الحرب وتوسعها المحتمل – إلى جانب استمرار احتياجات إعادة الإمداد في أوكرانيا – يمكن أن يؤثرا على هذا الموقف في المستقبل. وتعتقد إدارة بايدن أن المستوى الحالي لدعمها الدفاعي يتناسب مع المستوى الحالي للأعمال العدائية، لكن من شأن فتح جبهة ثانية في لبنان أو أي دولة أخرى أن يضغط على دفاعات إسرائيل، ويؤدي إلى إجهاد الإمدادات الأمريكية، وربما يجر الولايات المتحدة إلى انخراط عسكري مباشر.

غيث العمري
لقد كشف الهجوم المروّع على إسرائيل عن انقسامات حادة في توجهات العالم العربي تجاه إسرائيل. فبينما أدان شركاء السلام مثل الإمارات العربية المتحدة والمغرب والبحرين، حركة “حماس”، إلّا أن جهات فاعلة إقليمية أخرى (مثل قطر وسوريا والعراق) ألقت اللوم على إسرائيل على خلفية الهجوم. ويُعتبر الوضع بالنسبة لمصر والأردن المجاورتين حساساً بشكل خاص، ويتعين على زعمائهما أن يتعاملوا بحذر لتجنب إثارة ردود فعل سلبية في الداخل وسط التهديدات الأمنية المتغيرة.

وخلال هذه الفترة، يجب أن تكون الدبلوماسية الأمريكية مرنة وقابلة للتكيف لضمان عدم تصعيد الحرب أو خلق المزيد من عدم الاستقرار الإقليمي. ويشمل ذلك مطالبة إسرائيل بتقليل الخسائر في صفوف المدنيين وضمان احترام قوانين الحرب، مع السماح أيضاً بإرجاع الفضل للحلفاء الإقليميين في أي انتصارات يتم تحقيقها على جبهة المساعدات الإنسانية.

ومن جانبهم، يتعين على زعماء المنطقة أن يوازنوا بين الضغوط الداخلية والدبلوماسية المتضاربة من أجل استرضاء شعوبهم. وفي الواقع، تتحول المصالح المحلية أكثر فأكثر إلى محور التركيز الأساسي. فالكثير من القادة العرب يراقبون الرأي العام عن كثب، وعندما يرون أنهم غير قادرين على تغييره، يحاولون عموماً استباقه – كما ظهر مؤخراً في الإدانة السريعة التي شهدتها المنطقة لإسرائيل في أعقاب التقارير الخاطئة عن مأساة “المستشفى الأهلي” في غزة.

وفي غضون ذلك، لا يزال الوضع في الضفة الغربية متقلباً. وقد أدّى التدهور الأمني ​​التدريجي في المنطقة، إلى جانب عجز شرعية “السلطة الفلسطينية”، إلى خلق الظروف المثلى لانجرافها إلى الحرب. سيتعين على المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين مراقبة التوترات المتفاقمة عن كثب، لأن التصعيد الإضافي في الضفة الغربية قد يخلّف آثاراً غير مباشرة تمتد إلى الأردن ودول أخرى، وربما يؤدي إلى إضفاء طابع إقليمي على النزاع.

نعومي نيومان
حتى في خضم هذه الفترة المؤلمة، على إسرائيل وشركائها أن يفكروا في “اليوم التالي”، للمساعدة في تحديد معالم الوضع القائم والحد من حالة عدم اليقين بشأن نتيجة الحرب. إن هدف إسرائيل الواضح من التطورات هو: القضاء على قيادة “حماس” وقدراتها العسكرية وإزالة أي تهديدات متبقية أو فراغ في السلطة في غزة. وعلى الرغم من أن تحقيق هذا الهدف سيكون مكلفاً وسيستغرق وقتاً طويلاً ومؤلماً، إلا أنه لا يزال يتعين على إسرائيل أن تسعى إلى مغادرة غزة في أسرع وقت ممكن مع ضمان بأن يكون هناك عنواناً للمدنيين لإعادة بناء القطاع.

ومن حسن الحظ أن أغلب المدنيين في غزة لا يدعمون “حماس”. فوفقاً لاستطلاع معهد واشنطن الذي أُجري قبل الحرب، يؤيد 70 في المائة منهم تولي السلطة الفلسطينية إدارة غزة. وعلى الرغم من أن السلطة الفلسطينية تفتقر إلى القدرة والاستقرار السياسي للقيام بذلك في الوقت الراهن، إلّا أنها تبقى البديل العملي الوحيد عن “حماس” على المدى الطويل. وفي أعقاب الحرب، سوف تلعب الدول العربية دوراً حاسماً في تمويل وإدارة عملية إعادة تأهيل غزة في مرحلة ما بعد “حماس”.

إن هذه الحرب ليست نزاعاً بين إسرائيل و”حماس” فحسب، بل أيضاً بين أيديولوجيتين متنافستين، بين الحرية الديمقراطية والعنف المتعصب. ومَنْ يتذكر دروس الانتفاضة الثانية يعلم أن العنف ليس أداة فعالة لتحقيق الرفاه أو الحرية. من الضروري أن تقضي إسرائيل على “حماس” لإظهار المرونة الوطنية وإعادة بناء الردع – ولكن أيضاً لهزيمة أيديولوجية العنف كأداة سياسية مشروعة.

أعدت هذا الملخص سيدني هيلبوش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى