غزة العنيدة 332 ق.م- 2023م..
ما اشبه اليوم بالامس، غزة التي نراها اليوم في العام 2023 تقاوم تحت النار، الحصار والعدوان والدمار، الشهداء النساء والاطفال . هذا المشهد هو نسخة من ذلك المشهد الذي حدث في غزة ذاتها قبل اكثر من 2300 عام . ففي عام 332ق.م هاجم الاسكندر المقدوني، أعظم اباطرة وقادة التاريخ، هاجم غزة بجيشه الذي لا يقهر، ذلك الجيش الاسطوري الذي حطم الامبراطوريات والممالك تحت عجلات عرباته وسيوف جنوده. ضرب الاسكندر حصارا شديدا على غزة ،والتي ابت ان تسلم له. وحاول اقتحامها عدة مرات الا انه فشل فشلا ذريعا في ذلك ، فالغزييون قاوموا بشراسة منقطعة النظير ذلك الهجوم الساحق بقيادة قائدهم الغزي باتيس. لم يكتف الغزييون بالمقاومة بل هاجموا منشئات الحصار التي يبنيها جيش المقدوني في غلاف غزة، وقد اضطر الاسكندر بنفسه وحرسه الخاص ان يواجه تلك الهجمات الغزية ،وقد اصيب اصابة بالغة في كتفه بعد احدى المعارك.
اشتد غيظ الاسكندر من غزة واهلها فطلب التعزيزات ليشن هجوما كاسحا اخيرا على تلك القلعة الحصينة. استمر الغزييون في مقاومة ذلك الهجوم الكاسح رغم تعرض اغلب اجزاء المدينة للدمار بما فيها ابراجها وأسوارها، وبعد ثلاث محاولات فاشلة نجح الاسكندر أخيرًا في دخول المدينة وانتقم من أهلها اشد انتقام ، حيث أمر بقتل رجالها والذين بلغوا أكثر من 11 الف رجل ، حيث تناثرت جثثهم على أطلال الركام، وعلق بعضها على ما تبقى من أسوار المدينة المدمرة وشرد نسائها وأطفالها، أما قائد المدينة الفلسطيني باتيس فقد رفض أن يجثو على ركبتيه لطلب الرحمة من الاسكندر، فربطه بعربة من قدميه و جره حياً حول أسوار المدينة في تقليد لما فعله أخيل بهكتور. حسب الاسطورة الاغريقية القديمة.
تابع الاسكندر حملته العسكرية لكنه لم ينس ذلك الجرح في كتفه والذي خطه الغزييون بدمائهم عليه وعند الحديث عن ذلك الصمود الاسطوري لغزة فلا يمكن ان نتجاوز عن ان الاسكندر قد واجه نفس الصمود والبأس قبلها من شقيقة غزة الكنعانية صور اللبنانية. رغم الدمار والموت والتشرد ، الذي واجهته غزة الا انها نهضت من جديد ونهض من تبقى من ابنائها ليشيدوا ذلك الحصن المنيع مرة اخرى ولتعود غزة عصية على الغزاة كما كانت وستكون ….