خمسون عاما ويوم – السادس من تشرين يوم الانتصارات
فؤاد دبور
مثلت حرب تشرين التحريرية في السادس من تشرين الأول عام 1973 منعطفا تاريخيا في مسيرة الأمة العربية وذلك عبر تجسيدها لحضور العرب وقوتهم والأثر الفعال للتضامن العربي في انتصارات هذه الحرب حيث قاتل الجنود العرب من الغرب إلى الشرق معا وامتزجت الدماء الزكية مؤكدة حقيقة الأمة العربية الواحدة مثلما أعادت الثقة إليها بالنفس ونقلت الأمة من الضعف والانهزام إلى القوة والقدرة والاقتدار عبر تحقيقها انتصارات عسكرية وسياسية على طريق استرداد مسلوب من الأرض والحقوق، كما شكلت هذه الحرب عاملا هاما في إعادة الأمل لامتنا العربية وحافزا للصمود والتصدي لأعداء الأمة بعامة وللصهاينة الغاصبين للأرض والحقوق بخاصة، لان حرب تشرين التحريرية لم تكن مجرد معركة عسكرية فقط بل كانت معركة سياسية واقتصادية واختبارا تاريخيا لإرادة الأمة العربية وحيويتها وتضامنها ووقوفها في صف واحد تواجه العدو الغاصب لأرضها والطامع في ثرواتها وسيادتها واستقلالها وتهويد مقدساتها، امام هذا الواقع المعادي للأمة المتمثل في العدو الصهيوني والشريك الاستراتيجي لهذا العدو الولايات المتحدة الأمريكية. نعم الشريك الداعم لهذا العدو وهذا ما اعترف به اليهودي هنري كسنجر الذي كان وزير خارجية امريكا في وقت الحرب، حيث اكد على انهيار جولدا مائير رئيسة حكومة العدو، وموشي ديان وزير الحرب الصهيوني اثناء الحرب. ومعها الدول الاستعمارية بعامة وبريطانيا التي أسهمت اسهاما كبيرا في إنشاء الكيان الصهيوني على ارض فلسطين العربية بخاصة التقت الإرادات العربية وتجسد الحضور القومي وسال الدم العربي من اجل درء الخطر عن الأمة واستعادة المسلوب من أرضها وحقوقها. وكانت مصر العربية الجناح الجنوبي وسورية الجناح الشمالي لهذه الحرب حيث قامت بدور متميز عبرت فيه عن مشاعر وتطلعات أبناء الأمة العربية جمعاء في التحرير واستعادة الكرامة والحقوق وقد تجسدت في سورية الوحدة الوطنية في أبهى مظاهرها مثلما تجلت وحدة قومية أيضا في أبهى صورها، حيث توحدت الصفوف وتعاون الجميع للدفاع عن الوطن والأمة. ولكن وذكرى حرب تشرين تطل علينا هذه الأيام، اين العرب من القضية الفلسطينية وشعب فلسطين الذي تعرض للقتل والاعتقال والحصار؟ اين العرب من المسجد الاقصى ايضا هذه الايام؟ أين العرب وجامعتهم وأنظمتهم العربية من سورية التي قدمت وضحت وقاتلت؟ أين التضامن العربي؟ أين الموقف العربي من العدو الصهيوني والمشاريع الامريكية وبخاصة التي تستهدف القدس العربية والجولان العربي السوري وجنوب لبنان وأمن الأمة العربية؟
ها هي سورية اليوم تتعرض لحرب كونية تستهدف الدولة والشعب ومؤسساته وتستهدف الإرادة المستقلة لهذه الدولة وتستهدف الدور المقاوم والمدافع عن الأمة، نتساءل عن التضامن العربي البناء من اجل الدفاع عن الأمة وتحقيق مصالحها واستعادة حقوقها والحفاظ على سيادتها واستقلالها هل الهجمة على سورية من دول معادية سلحت ودربت ومولت وعملت على إدخال الإرهابيين إلى سورية العروبة والمقاومة والشهادة والتضحية ومواجهة أعداء الأمة في حرب السادس من تشرين حيث مثلت إرادة الأمة في تلك الحرب ودفاعاً عنها؟ أين نحن من ثقافة المقاومة التي أكدتها تلك الحرب؟ وأين الامة اليوم من إقامة علاقات سياسية واقتصادية وأمنية مع العدو الصهيوني؟
نقول هذا والأمل يحدونا في المقاومة التي تصدت وما زالت، للعدو الصهيوني والامبريالي، وكذلك للعصابات الإرهابية التي استهدفت، ولا تزال، اقطار الامة وفي المقدمة منها سورية العربية. والمقاومة التي واجهت الاحتلال الأمريكي للعراق في الحرب العدوانية عام 2003م هذه المقاومة التي ما زالت تمسك بالزناد وتعمل ليل نهار لتبقى جاهزة للرد على العدوان ومواجهة الأخطار والتحديات والمخططات الصهيونية الأمريكية الاستعمارية التي تستهدف الأمة بل المنطقة بأسرها.
نعود لنؤكد على أهمية التضامن العربي الذي حقق انتصارات تشرين ونأمل في عودة الذين خرجوا من العرب من هذا التضامن الوقوف مع النفس والخروج من التبعية لأعداء الامة والخروج من التطبيع مع العدو الصهيوني الاجرامي إلى جادة الصواب والشعور بالمسؤولية في حماية الأمة من الأخطار المحدقة بها والتي تهدد حاضرها ومستقبل أجيالها وان يتجهوا فعليا نحو اتخاذ سياسات ومواقف جادة ومخلصة للدفاع عن الأمة.
ولتبعث الأمة من جديد شعلة تشرين تضيء الطريق امام الأجيال تنير لهم درب التضحية والشهادة والفداء من اجل الوطن والكرامة والحرية والسيادة. من اجل التصدي للعدوان والإرهاب الذي يستهدف فلسطين، سورية، لبنان، بل الامة كل الامة. الإرهاب الذي يمارس أبشع أنواع القتل والتدمير ويعمل على إلحاق أكبر الخسائر والأضرار البشرية والمادية والاقتصادية في سورية في العراق في لبنان وفلسطين وفي مصر والأردن وغيرها من أقطار الوطن العربي.
وعندما نركز على سورية لأنها الأبرز هذه الأيام في مواجهة الإرهاب حيث تقوم قواتها الباسلة في التصدي لهذا الإرهاب تدعمها جماهير الشعب المخلصة للوطن المؤمنة بسيادته وحريته وسيادة الأمة وحريتها لأنها تدرك بأن الاستهداف للأمة عبر سورية المدافعة عن الأمة الرافضة لتصفية القضية الفلسطينية لصالح العدو الصهيوني الغاصب والتي تجسد هذا الرفض بشكل عملي عبر دعم قوتها وقوة المقاومة التي تواجه العدو في لبنان وفلسطين. ولهذه الأسباب وغيرها تتعرض سورية السادس من تشرين. سورية الصمود والمقاومة إلى الحرب الكونية الأمريكية الصهيونية الغربية والتركية. وستبقى سورية رافعة مشعل العروبة والقومية والوحدة، وستبقى متمسكة بالهوية العربية وستبقى مقاومة وداعمة للمقاومة. وسوف تحرر سورية كل ارضها من العصابات الإرهابية ومن الأمريكي والتركي الفرنسي البريطاني الذي يحتل ارضاً من سورية.
فــــــــــــــــــؤاد دبـــــــــــــور
5/10/2023