مقالات

على محمد بن سلمان أن يقرر ما إذا سيكون لـ “أوبك+” جيشها الخاص

ألكسندر نازاروف

تاريخ النشر:31.08.2023 | 11:50 GMT |

فوجئ كثيرون بارتفاع وتيرة التعاون بين روسيا والسعودية في إطار “أوبك+” من أجل الحفاظ على أسعار النفط المناسبة.في الوقت نفسه، أشير إلى أن ذلك يحدث على خلفية تبادل الأسواق بين المملكة العربية السعودية وروسيا دون أي خلاف، فقد حركت روسيا السعودية إلى حد ما في أسواق الهند والصين، فيما حلت السعودية إلى حد كبير محل روسيا في توفير النفط لأوروبا.كذلك فوجئ الجميع بالمصالحة ما بين المملكة العربية السعودية وإيران بوساطة صينية.في الوقت نفسه، تعتزم المملكة العربية السعودية وإيران وباكستان والهند ودول أخرى في شمال غرب المحيط الهندي تشكيل تحالف بحري مشترك، يمثل، فيما يبدو، تحديا للسيطرة الأمريكية على الاتصالات البحرية في المنطقة. نلاحظ هنا وجود الهند في هذا التحالف، خصم الصين وحليف الولايات المتحدة حتى الآن، لكنها في المستقبل، زعيم إقليمي مستقل.لقد كتبت سابقا أن التغيير الحالي في العصور يمكن مقارنته من حيث الحجم بانهيار الإمبراطورية الرومانية. الآن أعتقد أن التغييرات الراهنة أكبر بعدة مرات.كان تطور الحضارة الإنسانية مصحوبا بزيادة مستمرة في استهلاك الطاقة للفرد، لكن موارد الكوكب محدودة، بينما تتزايد تكلفة إنتاج النفط والغاز، التي يجب استخراجها من أعماق أكبر من أي وقت مضى، فيما يجري حفر الآبار بزوايا، وما إلى ذلك.لم يعد المستوى الحالي لتطور العلوم يضمن نمو استهلاك الفرد للطاقة على هذا الكوكب، بل، وأكثر من ذلك، لن يوفر ذلك في المستقبل القريب. تنمو البشرية بسرعة كبيرة، وتنفد الموارد بسرعة كبيرة، في الوقت الذي لا توجد فيه إنجازات علمية في مجال توليد الطاقة.ولا يمكن للمليار الذهبي أن يعيش إلا بشرط أن يستهلك سكانه طاقة تقدر بعشرات أو مئات المرات أكثر من استهلاك سكان البلدان النامية.على سبيل المثال، يبلغ استهلاك الكهرباء لكل فرد في الولايات المتحدة 11840 كيلووات/ساعة سنويا. في السودان 273 (43 مرة أقل)، في جمهورية الكونغو الديمقراطية 83 (142 مرة أقل). والوضع مشابه في أنواع الطاقة الأخرى.ومع ذلك، فإن الصين والهند وغيرها من البلدان النامية تلحق تدريجيا بالغرب في التطور التكنولوجي والاقتصادي، ويشكلون مليارات أخرى من مستهلكي الطاقة.في الوقت نفسه، لا يكسب الغرب ما يكفي للحفاظ على مستوى معيشته المرتفع، لهذا فإن الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة هي مظهر من مظاهر عدم قدرة النظام على الاستمرار، كما أن الحفاظ على مستوى معيشة الغرب لا يمكن تحقيقه سوى بالقوة.وقد أدرك أنصار العولمة، أسياد الاقتصاد العالمي، هذه الحقيقة جيدا منذ عقود.وكل ما نراه من فرض هستيريا مثليي الجنس ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسيا LGBT، وطرح غذاء من الحشرات، و”الطاقة الخضراء” التي غير المتحققة اقتصاديا، وربما حتى الحرب النووية بين الأنغلوساكونيين وروسيا والصين، كل هذه ليست سوى طرق لمكافحة كارثة الموارد الوشيكة على الانتهاء، بالحد من عدد سكان الكوكب، وفرض القيود غير الطوعية على الاستهلاك.لا أعرف ما إذا كان حكام ممالك النفط في الخليج يشعرون بكونهم حملان في أرض خالية تضم عشرات النمور؟ ولأن ذلك تحديدا هو الوضع، فإن شراسة الصراع على الموارد بين الغرب والصين والهند، مستهلكي الطاقة الكبار خلال العقود وربما القرون القادمة، لن يزداد إلا شراسة.ومع ذلك، ففي الساحة، بالإضافة إلى الحملان والنمور، هناك فيل يأكل العشب (ولديه من نفطه الخاص الكثير)، ولا يهتم بمهاجمة الحملان من أجل الغذاء، تلك هي روسيا. وفي المستقبل يمكن أن تصبح روسيا المصدر الرئيسي للأمن في العالم.لذا تواجه المملكة العربية السعودية، شأنها في ذلك شأن دول الخليج، خيارا سيحدد مستقبلها خلال القرن القادم، ولا يدور الحديث هنا عن تغيير/اختيار شريك كبير.يدور الحديث عن اختيار بين نماذج العلاقة:فإما أن تصبح هذه الدول مصدر المواد الخام لاقتصاد الشريك الأكبر، فتمنحه الجزء الرئيسي أو جزءا كبيرا من الأرباح. ذلك طريق أسهل ولكن بربح أقل.إدارة الموارد التي لا تقدر بثمن على نحو مستقل، وهذا طريق أكثر صعوبة من الناحية الأمنية، إلا أنه يعظم الأرباح بشكل كبير.أي أن الاختيار هنا بين التحالف مع أحد مستهلكي الطاقة وبين تشكيل تحالف عسكري لمنتجي الطاقة. حتى الآن ما نراه هو محاولات للمناورة دون وجود خيار واضح.فالتعاون مع موسكو، وتطبيع العلاقات مع إيران، والانضمام إلى “بريكس”، هو حركة نحو الخيار الثاني. إلا أن هذا هو أمر لم تقدم عليه المملكة العربية السعودية من قبل، وليس لديها خبرة أو يقين من إمكانية تحقيقه.لم تحسم المملكة أمرها بعد، لكني أعتقد أن القرار سيتخذ خلال العامين المقبلين.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى