ما بعد كورونا لن يكون كما قبله …! عثمان بدر
(كورونا) بكل ما حمل من مأسٍ وويلات وخوف ورعب للبشرية جمعاء،الاّ انه كشف العورات وفضح زيف الادّعاءات وبيّن ان المشكلة في العالم ليست مشكلة وباء ينتشر بسرعة البرق وينتقل من بلدٍ الى اخر دون رادع او حسيب او رقيب ولا هي مشكلة اقتصاديّة،بل هي مشكلة انسانيّة_اخلاقيّة بامتياز،فقد اسقط ورقة التوت الاخيرة عن (الغرب) الذي لطالما اتحفنا بشعاراته الانسانية البرّاقة والطنّانة،وبرّهن ان (امريكا) التي حاولت ان تحتكر دواء كورونا لنفسها للاستفادة الماليّة ليست عدو شعوب العالم فحسب بل عدو شعبها او شعوبها ايضاً وان الاقتصاد والثروات الماليّة لديها مقّدم حتى على ارواح مواطنيها.
ولعل اولى التداعيات الكبرى على الصعيد العالمي ستكون تفكك (الاتحاد الاوروبي) اذ ان (الشعب الايطالي) لن يقبل بعد انتهاء الازمة ان يبقى في (اتحاد) شكلي مع دول وشعوب رفضت ان تمد له يد العون والمساعدة في ازمة كبرى اودت بحياة آلآف الضحايا الايطاليين وتنصّلت من المواثيق والعهود امام اول اختبار او امتحان،وتركت المساعدات تاتي لها من خارج حدود القارّة وتحديداً من الصين وكوبا.
اما على الصعيدين اللبناني والفلسطيني فقد اثبتت ازمة (كورونا) زيف ادّعاءات غالبية القوّى والاحزاب والتيارات والفصائل السياسيّة واكّدت عجزها وعقمها وقلّة حيلتها واسقطتها في مستنقع العجز بالضربّة القاضيّة،لذلك فاننا سنجد بعد انتهاء الازمة تبدّلاً في المزاج الشعبي ولا سيما في المناطق الشعبية والاشد فقراً وفي المخيمات الفلسطينية خاصّة وان البيئة واحدة وان اختلفت اسماء الاحزاب والقوى و(المتزعمين) والمعاناة واحدة وليست هناك اي اختلاف في الظروف،لذلك ستشهد مرحلة ما بعد كورونا صعود قيادات شابّة لديها الاستعداد للعطاء والتضحيّة ولم تبخل على فقراء القوم ضمن امكانياتها لتحلّ محل القيادات التقليديّة العاجزة التي بخلت بمد يد العون حتى الى مؤييدها ومناصريها من الفقراء،وبرهنت بالملموس ان مصالحها الخاصّة والشخصيّة والعائليّة فوق مصالح الوطن والناس واكتفت بحجر انفسها واموالها وحجب تقديماتها وهي قادرة على ذلك…
ولان الفقراء بطبيعتهم اوفياء ويخلصون لمن يساعدهم ويساندهم ويمد لهم يد العون والمساعدّة،فانهم لن ينسوا وقوف بعض فاعلي الخير الى جانبهم ومدّهم بكل اسباب الصمود وسدّوا رمق اطفالهم وجنّبوهم قرّصة الجوع وذل السؤال في وقت تخلّى فيه عنهم من كانوا يصفقون لهم ويهتفون باسمهم،وخلاصة القول ان بعد كورونا لن يكون كما قبلها وسنشهد تغيّرات كبرى في القواعد الشعبيّة للعديد من الاحزاب والتيارات والشخصيات..!!