فاقدو الأوراق الثبوتية من الفلسطينين في لبنان محرومون من إنسانيتهم ..عثمان بدر
لسنا نذيع سرّاً حين نقول ان الاف الشبان الفلسطينيين قد حضروا من الداخل الفلسطيني ولا سيما من (غزّة هاشم) ومن (الضفّة الغربيّة) و(الاردن) و(مصر) الى لبنان للالتحاق بفصائل (المقاومة الفلسطينية) وذلك بعد النكسّة التي حلّت بالامة جمعاء عام 1967 واثر الاتفاق الشهير الذي وُقع بين (الدولة اللبنانية) و(منظمة عكس الاتجاهر الفلسطينية) برعاية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والذي عُرف باسم (اتفاق القاهرة) والذي سُمح بموجبه ل(الفدائيين الفلسطينيين) بممارسة العمل العسكري انطلاقاً من جنوب لبنان،خاصّة وان (المقاتلين الفلسطينيين) كانوا قد حضروا بغالبيتهم الى لبنان بعد احداث ايلول الاسود بين (الجيش الاردني) و(المقاومة الفلسطينية)…
من الطبيعي ان يتزوج غالبية الذين حضروا من (بنات المخيمات) او حتى ان بعضهم قد تزوح من بنات في الجوار اللبناني الشقيق خاصّة وانهم من (جيل الشباب)،ومن البديهي ان يؤسسوا عائلاتٍ وان ينجبوا اطفالاً اسوة بكل شباب العالم،ولم يكن في الحسبان ان يصبح زواجهم هذا مشكلة كبرى تلقي بظلالها المقيتة والاليمة على مئات العائلات والآف الافراد والاشخاص،ففي عام 1982 خرجت كما هو معروف (قوات الثورة الفلسطينية) من لبنان بعد حصارٍ ل(بيروت) دام لنحو ثلاثة اشهر بعد توقيع الاتفاق الشهير مع المبعوث الاميركي (فيليب حبيب)،فكان ان غادر بعض هؤلاء مع عائلاتهم الى دول المنافى غير انه بقي عشرات العائلات في لبنان وهم بغالبيتهم عائلات اولئك الذين استشهدوا وقدّموا ارواحهم من اجل فلسطين،وهنا يمكننا القول انه نشأت شريحة جديدة من شرائح المجتمع الفلسطيني يمكن ان نُطلق اسم (فاقدو الاوراق الثبوتيّة) او (لاجئو عام 1967)…
صحيح ان اللاجئيين الفلسطينيين في لبنان يعانون اشدّ المعاناة جرّاء التعاطي الامني المحض معهم من قبل الدولة اللبنانية ووزاراتها ومؤسساتها وحرمانهم من حقوقهم المدنيّة والانسانيّة والاجتماعيّة،غير ان الصحيح ايضاً ان افراد هذه الشريحة هي الاكثر معاناة فهم محرومون من حقوقهم الانسانية بشكل مضاعف مقارنة ببقية اللاجئين،فهم محرومون من الحصول على اية اوراق صادرة عن (مديرية الشؤون السياسيّة واللاجئين) وبالتالي فانهم لا يملكون (وثيقة ولادة) ولا (هويّات شخصيّة) ولا (اخراجات قيد) ولا (جوازات سفر)،وهذا يعني انهم محرومون من (حريّة التنقّل) و(الطبابة) و(الاستشفاء) ومن (التعليم الجامعي)،اما بالنسبة للزواج فان عقود زواجهم لا يجري تسجيلها في(المحاكم الشرعيّة) بل عند (شيخ) من خلال (عقد زواج) وبالتالي فان اولادهم لا يتم تسجيلهم في الدوائر الحكوميّة او لدى (الاونروا) وباختصار فانه يُمكن القول انهم (محرومون من انسانيتهم) اذ ان (وكالة هيئة الامم المتحدة_الاونروا) تحاصرهم ايضاً بالتهميش والانكار وتحرمهم من الحقوق التي يتمتع بها سواهم من اللاجئين.
لا توجد احصاءات رسميّة ل(فاقدي الاوارق التبوثيّة) ولكن تُقدّر بعض المصادر المطلعة ان اعدادهم تتراوح ما بين خمسة الاف الى ثمانية الآف شخص ينتشرون في جميع المخيمات الفلسطينية من شمال لبنان الى جنوبه،بعضهم يستعين ببطاقاتٍ تنظيمية صادرة عن بعض (الفصائل الفلسطينية) للتعريف عن نفسه وبعضهم يستخدم (ورقة تعريف) صادرة عن (السفارة الفلسطينية) في لبنان،فيما يملك بعضهم اوراقاً ثبوتيّة (اردنيّة) و(مصريّة) ولكنها منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستخدام واصحابها يعجزون عن تجديدها،وبعيداً عن كون حرمان هذه الشريحة من (الاوراق الثبوتيّة) يتعارض مع الفقرة السادسة من اعلان حقوق الانسان وانتهاكاً صارخاً وفاضحاً لها والتي تنص على انه (لكلِ انسانٍ في كل مكان ان يُعترف له بالشخصيّة القانونيّة) ولا شك ان لبنان احد الدول التي وقّعت على (الاعلان العالمي لحقوق الانسان)،فان مأساة هذه الشريحة من بني البشر قد وصلت الى مرحلة لا يجوز فيها صم الآذان والاستمرار في سياسة التجاهل والتغاضي ولا بد من ايجاد حلّ سريع وعاجل لهذه المشكلة الكبرى ويكون ذلك من خلال التنسيق بين (الدولة اللبنانية) و(منظمة عكس الاتجاهر الفلسطينية) و(الاونروا)..!!!!