الهيئة الشبابية الفلسطينية .. ما بين تشكيك الفصائل وطموحات الشباب ..عثمان بدر
منذ عام 1982 بدأ ابناء مخيمات لبنان يشعرون بالاحباط وبالغبن نتيجة تخلّي الجميع عنهم ولا سيما (القيادة الفلسطينية) التي وقّعت اتفاقيات تنازلت بموجبها عن اكثر من 78 بالمائة من فلسطين اي الاراضي التي هُجر منها ابناء المخيمات كما تنازلت عن حق عودتهم،وبدأت بابتزازهم للموافقة على (الاتفاقيات) بتضييق الخناق عليهم من النواحي جميعاً ولا سيما اقتصادياً مما اسهم بحدود كبيرة في ايجاد شرخ كبير بين غالبية ابناء المخيمات و(القيادات) التي فُقدت الثقة بها اذ الشعور العام انهم من اوصلوا الامور الى حدود الكارثة الحقيقية على جميع الصعد ولا سيما منها الوطنيّة والمعيشيّة، مُضاف الى ذلك الاجراءات التشدديّة التي تتخذها الدولة اللبنانية ازاء العمال الفلسطينيين والتقليص الممنهج في الخدمات الذي اعتمدته (الاونروا) منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، فباتت المخيمات تحوي (جيوشاُ من العاطلين عن العمل)،وهذا ما دفع ابناء المخيمات للبحث عن الخلاص خاصّة وانهم ادركوا انه جرى التلاعب بهم وبعواطفهم ليقدموا التضحيات الجسام من اجل ان تحصد حفنة من (القيادات) دماء فلذات اكبادهم بتأسيس (كيان) هزيل وركيك لهم اي (السلطة الفلسطينية) التي كان في اعلان تأسيسها فقرة تقول انها (ليست مسؤولاً عن اللاجئين) وابقت المسؤولية عنهم في عهدةِ (منظمة عكس الاتجاهر) التي هي الوجه الاخر ل(السلطة) ولم تفعل اي شيء لتحسين ظروف الحياة في المخيمات ولا سيما على الصعيدين الحياتي اليومي والمعيشي.
لم يجد ابناء المخيمات وسيلة للخلاص مما هم فيهم من اوضاع مأساويّة سوى (الهجرة)،فشهدت المخيمات موجات من الهجرة بدءاً من عام 1977 ولكنها كانت هجرات فرديّة وقد اخذت طابعاً عائليا ما بين اعوام 1982 الى 1992،فكان ان خسرت المخيمات مئات العائلات التي اختارت بعض دول (اوروبا) ولا سيما منها (الاسكندنافيّة) و(كندا) و(استراليا) مكاناً لسكنها كي تشعر بانسانية لم تشعر فيها من قبل،وحتى هذا الوقت بقيت الهجرة قراراً فرديّاً او عائلياً ولم تأخذ منحى المطالبة الجماعيّة الاّ منذ اشهر قليلة وللتحديد بعد ان اصدر وزير العمل اللبناني الدكتور كميل ابو سليمان قراراً بتفعيل العمل ب(اجازة العمل للعمال الفلسطينين)،فكانت ان شهدت المخيمات الفلسطينية من شمالها الى جنوبها الى بقاعها والعاصمة بيروت تظاهرات واعتصامات رفضاً لهذا القرار الجائر والظالم، ولكن سرعان ما تحوّلت هذه الاحتجاجات الى المطالبة ب(الهجرة الجماعية) وتداعى بعض ابناء المخيمات لتأسيس هيئة أطلق عليها اسم (الهيئة الشبابيّة للجوء الانساني)،وبدأ الشباب الفلسطيني ومن مختلف المخيمات ينتمون اليها زرفات ووحدانا،ادركت (قيادات الفصائل الفلسطينية) خطورة ما يجري اذ انها بدأت تفقد السيطرة على الشارع المخيماتي وفلتت الامور من يدها وباتت مصالحها الشخصيّة والتنظيمية والفئويّة في خطر خاصّة وان (الهيئة) تمكنت من التظاهر امام بعض السفارات ولا سيما سفارتيّ (كندا) و(استراليا) وقد التقت ببعض الدبلوماسيين واوصلت رسالة من خلالهم للمسؤولين في البلدين وقد انضم اليها النازحين من ابناء المخيمات في سوريا،بدأت (قيادات الفصائل ) تُحارب (الهيئة الشبابيّة) مستغلة الخطأ الجسيم والكبير الذي وقعت به (الهيئة) ربما لافتقار (قيادييها) الى الخبرة في العمل السياسي والميداني وتمثل هذا الخطأ ب(المطالبة بالغاء الاونروا وتحويل ملف اللاجئين الفلسطينيين الى المفوضيّة العليا للاجئين) ظناً منهم ان هذا الامر قد يُسهم بالتعجيل في الموافقة على الهجرة،وقد غاب عن اذهانهم ان (الاونروا) من اكبر الشواهد على النكبة الكبرى التي حصلت عام 1948 وانها تتلاقى بهذا المطلب مع الاهداف (الامريكية) و(الصهيونية) الساعيّة منذ سنوات لالغاء (الاونروا).
تمكّنت (الفصائل) من اخراج بعض (القياديين) من (الهيئة) وقد استغلتهم للتشهير بها والتشكيك بنوايا القيمين عليها وبدات حملة ممنهجة من الاتهامات توجّه لهم ووصلت الى حدود الاتهام بالعمالة والجاسوسيّة وليس من شكٍ ان هذا محض افتراء اذ غاية ابناء المخيمات هو العيش بكرامة والشعور بانسانيّة مفقودة،والحقيقة التي لا مناص من الاعتراف بها انه وبعيداً عن الخطأ الجسيم والقاتل الذي وقعت به (الهيئة) فان اعداد مؤييدها يفوق باضعاف مضاعفة اعداد المؤيدين للفصائل مجتمعة وانها فعلاً تُمثل طموحات (الشباب المخيماتي) الذين بدأ بعضهم يرفع شعار (الهيئة الشبابية) هي الممثل الشرعي والوحيد لابناء المخيمات..!!!