الشيخ نعيم قاسم: قائد معركة الكرامة ومكمل درب الشهيد الأقدس نحو النصر
فراس رفعت زعيتر
وسط تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، وفي خضم لحظة من التحدي والصمود، أعلن حزب الله انتخاب سماحة الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً للحزب، خلفاً للشهيد الأقدس سماحة السيد حسن نصرالله، الذي اغتالته آلة العدو الغادرة. في خطوة تعكس صلابة هذا التنظيم وعمقه المؤسساتي، يأتي هذا الانتخاب كرسالة واضحة أن الحزب ماضٍ في مسيرته مهما قست الظروف، وأن استشهاد القادة لن يثني المقاومة عن مواقفها ولن يُضعف من عزمها. بهذا الانتخاب، يظهر امتداداً حياً لمسيرة السيد نصرالله، محمّلاً أمانة الراية ليكمل طريقاً مليئاً بالثبات والتضحية.
يدرك القائد الجديد أن المعركة الحالية تتجاوز المواجهة العسكرية، لتصبح معركة كرامة ووجود، حيث يتصدر المشهد في مرحلة حرجة من الصراع مع العدو الإسرائيلي الذي يستعد لتوسيع عدوانه. لكنه، بما يملك من خبرة عميقة واطلاع على خبايا الميدان، يتقدم ليؤكد استعداده “لمسك رسن العدو” وضبط جموحه، في خطوة تجسد قدرة المقاومة على ترويض عنجهية المعتدي وإعادته إلى حظيرة الانكسار، مهما بلغت قوته. فقد كان دوماً في قلب هذه المسيرة، نائباً للأمين العام وعضواً مؤسساً في كل محطة من محطات النضال، ما أهّله اليوم ليكون القائد الأنسب في هذه اللحظة التاريخية.
ولم يكن هذا الامتداد الثابت في معركة الكرامة إلا تأكيداً على إرث المقاومة التي كبدت العدو خسائر فادحة. فإسرائيل، برغم تفوقها الجوي، وجدت نفسها عاجزة عن إحداث تأثير حاسم في المعركة؛ إذ أن القصف الجوي ورغم ضراوته لم يفلح في إنهاء صمود المقاومين، كما أنه لم يحسم مسار المعركة كما كان يأمل العدو. وعلى الأرض، أثبتت المقاومة قدرتها على قلب موازين الصراع، وأفشلت خطط الاحتلال للتوغل، لتؤكد أن للبر كلمة الفصل، وأن المعركة البرية هي الساحة التي تحدد هوية المنتصر الحقيقي.
رغم تكبد المقاومة لبعض الخسائر في الأيام الأولى من العدوان، إلا أن الميدان سرعان ما قلب الطاولة على المعتدي. فقد ظن البعض أن استهداف العدو لمراكز حساسة سيؤدي إلى رفع الراية البيضاء، إلا أن المقاومة، بتكتيكاتها المرنة واستراتيجياتها الحربية، استطاعت النهوض بقوة أكبر وإعادة توجيه ضرباتها بفاعلية أعادت الرعب إلى قلب العدو. لقد تتابعت الضربات لتكسر شوكة إسرائيل، وتفرض عليها واقعاً جديداً لم تكن تتوقعه، حيث واجهت مقاومة صلبة لا تنحني، بل تتكيف مع المعركة وتقلب نتائجها لصالحها.
أمام هذا الثبات، بدا واضحاً أن الرهان الإسرائيلي على فرض الاستسلام عبر استهداف المواقع لن يجدي نفعاً، وأن العدو بات محاصراً في دائرة من الفشل العسكري المتكرر، مع استمرار المقاومة في تحقيق مكاسب ميدانية نوعية، جعلته يعيد حساباته، ويزداد قلقاً من استنزاف قواته على الأرض. فبينما تعجز آلته العسكرية عن تحقيق نصر مؤكد، تستمر المقاومة في إرسال رسائلها عبر الميدان، مفادها أن هذا الشعب يرفض الخضوع، وأن سلاحه هو العزيمة التي لا تنكسر.
إن انتخاب هذا القائد في هذه المرحلة هو دليل إضافي على أن هذا التنظيم، بما يملكه من قوة عسكرية وإرادة صلبة، لن يتراجع أمام أي تهديد، وأن روح المقاومة ستبقى متقدة في وجه العدو. في كل جبهة، ومع كل تقدم للمقاومة، تُسحق أحلام العدو وتزداد أوهامه بالانتصار بعداً عن الواقع، ليظل مسجوناً في دائرة من الخوف والارتباك.
ومع تزايد التحديات، يعيد هذا الانتخاب تجديد العهد بأن الراية ستبقى مرفوعة، وأن المقاومة، بقوتها وشجاعة رجالها، ستظل صامدة، تثبت للعالم أن معركة الكرامة لم تنتهِ بعد، وأن لبنان، بفضل مقاومته، سيظل حصناً منيعاً في وجه الطغيان