مقالات

شمشون حزب الله وبونابرت إسرائيل .. ووترلو نتنياهو !!

✍️ نارام سرجون

عجبي كيف يظن البعض أن حزب الله يتعرض للهزيمة او يمكن أن يتعرض لهزيمة أو يمكن أن يتزحزح قيد شعرة او أن يعطي الجنوب لأية قوة في الكون وهو الذي اجتمع الكون عليه مرة لإعادة جنديين ولم يفعل ..اولاً .. دعوني أقول ان غياب السيد حسن نصرالله وتعثر الحزب في الأيام الأولى للمواجهة الأمنية التي غيبت بعض قياداته جعل الناس تسقط في خيبة أمل النكسة لأنها كانت تبني آمالا عريضة وأبراجا مشيدة للتفوق الذي يملكه حزب الله .. وكانت وصلت بها الثقة بالنفس أن معادلة المدني بالمدني والبناء بالبناء ردعت اسرائيل سنوات طويلة إلى أن تجرأت اسرائيل وكسرتها وتجاوزتها .. وتحول المذعور نتنياهو إلى طاووس يريد أن يغير الشرق الأوسط .. وهو الذي يعرف ان اسرائيل تغيرت من داخلها .. وتحولت إلى أفعى تعض على جراحها كي لا تتقيح وتقتلها ..ماأشبه اليوم بالأمس عندما حدثت النكسة وأفاق الناس على صدمة خسارة الحرب ولم يكسر عبد الناصر عظام إسرائيل بل تكسرت عظام جيشه .. الصدمة كانت من أن الناس رفعت جداً من سقف توقعاتها بسبب التغيرات الثورية الكبيرة ونجاحات عبد الناصر العديدة منذ معركة السويس وانتشاره في العالم العربي كزعيم لاينافسه زعيم ويحظى بمحبة وثقة الجماهير من المحيط إلى الخليج .. ولذلك كان القرار الغربي والعربي بإنهاء ظاهرة عبد الناصر ..حزب الله خاض معارك عظيمة ولذلك توقعت الناس ان هذه الحرب ستظهر كل مالديه من فائض القوة التي انتظره محبو محور المقاومة .. وقد بقي الإيمان به حتى لحظة غياب السيد حسن نصرالله .. التي كانت مثل صدمة حزيران بمشاعرها .. لأنه الرجل القوي الذي وعد بالنصر .. ولكنه غاب قبل النصر بطريقة تراجيدية بالنسبة للجمهور في غياب مفاجئ لم يتوقعه أحد ..هذا الشعور بالانكسار الذي يحاول الإسرائيلي أن يستثمره كما حدث عندما أسقط تمثال الرئيس صدام حسين في ساحة الفردوس وخلع قلوب من توقع ان تقاتل بغداد لسنوات .. جعل الناس تعكس خيبتها بسبب إصرار حزب الله على التمسك بخيار غامض لايفهمه الناس ولايفسرونه .. وهو أنه يمتلك ترسانة رهيبة جدا من السلاح بما يسمح له بجعل اسرائيل كلها تندم على مافعلت .. ولكن الحزب امتص الصدمات واكتفى بالصمت الصاروخي .. إلا أنه أمسك بالجبهة البرية وأظهر شراسة غير مسبوقة في القتال البري ..الضربات الإيرانية كانت مناورة لاختبار الدفاع الجوي الاسرائيلي اذا ماأعطته الأقمار الصناعية إنذاراً قبل المطر الصاروخي بعشر دقائق .. ولكن ترسانة الحزب تفصلها دقيقة او دقيقتان عن أهدافها الإسرائيلية الدسمة .. مما طمأن الحزب وحلفاءه إلى ان اليد الصاروخية للحزب ستكون عنيفة الأثر وليس في مقدور اسرائيل إلا الاستسلام لقدرها إذا ماوثبت صواريخ حزب الله من مكامنها ..ليس أمام الاسرائيليين إلا الضرب على المدنيين وارغام الحزب على التسليم لإنقاذ بيئته وجمهوره والحفاظ على تماسكها معه .. والإسرائيليون لم يعد في جعبتهم إلا الضغط المدني ولكنهم يخشون من أمرين .. الأول أن بيئة حزب الله لن تكون أقل عنادا من بيئة غزة .. ولذلك فإنها قد تنتقل إلى ضرب المدنيين اللبنانيين دون تمييز لإعادة أجواء غزو عام 82 حيث كانت منظمة التحرير الفلسطينية والقوات السورية المحاصرة في بيروت صامدة وتقاتل بشكل ضار أدمى الجيش الإسرائيلي .. الذي تعمد قصف المدنيين اللبنانيين في بيروت مما دفع قادة وزعماء الطوائف اللبنانية إلى الطلب من القوات الفلسطينية والسورية بالتوقف والقبول بإتفاق خروج المقاتلين من بيروت لحمايتها .. وتجنيب المدنيين دفع ثمن المعركة بين الفلسطينيين والإسرائيلييين على أرضهم .. وكانت نصيحة السوريين أن القتال افضل من الخروج من بيروت .. لكن منظمة التحرير قررت القبول بالاقتراح اللبناني والخروج من بيروت رغم أنها كانت قادرة على الصمود إلى اللانهاية .. وهنا استفاد الإسرائيليون كالعادة من ضرب المدنيين ..الأمر الثاني الذي يخشاه الاسرائيليون هو أن الصمت الصاروخي للحزب لايعني ابدا أنه ضعف أو أنه استغناء عن هذا الخيار .. بل يعرفون أن الحزب لايزال يحس بقوته العسكرية ولايجد نفسه مضطرا لاخراج الصوايخ عن صمتها .. ولكن الاسراف في استهداف المدنيين اللبنانيين وخاصة من خارج بيئته ستدفع بأصابع العسكريين الذين ينتظرون بجانب الصواريخ إلى الضغط على الأزرار الجهنمية .. وتثب الصواريخ وتهتز تل أبيب خاصة أن المناورة الإيرانية أثبتت هشاشة القبب الحديدية وكل وسائل الدفاع الجوي .. وهذا هو مقتل اسرائيل .. حرب المدن ..إسرائيل يهمها جدا تحييد المدن والمدنيين ليس حبا بالمدنيين ولكنها كمشروع استثماري تريد تكريس حقيقة أنها مكان آمن للمدنيين مهما كانت حروبها وهذا مانجحت به طوال 70 سنة من وجودها .. بل أنها ضحت بعساكرها في تفاهم نيسان مقابل أن يتم تحييد المدن والمدنيين .. والأكثر من ذلك أن حرب 2006 انتهت بسرعة لأن حزب الله صمد بشراسة ولكنه دخل المدن الاسرائيلية لأول مرة بصواريخه وارتعب الاسرائيليون من شعار (حيفا ومابعد بعد حيفا) .. وتخشى اسرائيل ان تكون في السيرة الذاتية للمدن الاسرائيلية أنها أنهت إطمئنانا عمره 70 سنة وأنها سقطت في الحراق والدمار .. وهذا يعني أن اي عودة للازدهار والنشاط ولو بعد الحرب سيستغرق سنوات طويلة .. والازدهار والثراء هو مايجذب الهجرة إليها ويغري اليهود بالبقاء فيها .. ولكن عندما تغيب الاستثمارات ويصاب اليهود بالضائقة الاقتصادية ويتراجع النشاط السكاني ويتدنى الشعور بالجدوى الاقتصادية بسبب أن رأس المال يريد دوما استقرارا طويل الأمد وليس مؤقتا .. وبسبب قلة الشعور بالأمان وضعف الاستثمارات فإنهم سيرحلون ويعود الخلل الديموغرافي سلبيا بشدة .. ولذلك تهدد اسرائيل أنها ستضرب بقسوة مفرطة إذا ماضربت فيها المباني والمدن .. وهي تطبق على سماء لبنان بكل انواع المسيرات والأقمار الصناعية الامريكية لكشف تحركات الصواريخ الثقيلة والتنبؤ بها وضربها في مرابضها ان استطاعت قبل ان تنطلق ..حزب الله فقد زعيمه الأغلى .. وبقاء الحزب من غير زعيمه سيجعله حزبا خطرا جدا .. لأنه سيعيش عقدة الانتقام .. والحزب لايزال يمسك كتلة هائلة من المتفجرات في ترسانته الصاروخية .. وهو أن اقترب من لحظة الضغط على الأزرار فإنه لن يكترث بأي تهديد ولن يبالي بأي تهديد إسرائيلي .. لأنه يدرك أن استسلامه أو قبوله بما لم يقبل به السيد حسن نصرالله هو خيانة للسيد .. ولذلك فلا أمل في إملاء اي شيء عليه بعد الآن .. ويبدو أن التخلص من قيادات الحزب سيترك الحزب في قبضة من يسميهم البعض مجانين متهورين متعطشين للثأر والانتحار ولكنهم سيهدمون المعبد والهيكل على كل شيء في اسرائيل .. وعليهم ..من جهة اخرى يدرك الاسرائيليون حقيقة أخطر من ذلك .. وهي أن سورية تعرف إلى حد اليقين أن هزيمة حزب الله تعني نهاية الدور السوري القوي في المنطقة حيث ستفقد سورية أهم حليف لها وأهم نافذة نار على اسرائيل باعتبار أن الجولان مرتفع ولاتقدر عمليات المقاومة ان تكون سهلة لحرب العصابات .. وقد يجعل قدرة المناورة السورية ضعيفة في الإقليم وستكون سورية معزولة أكثر .. وكذلك فإن إيران تدرك جدا أن غياب حزب الله او إبعاده عن الحدود سيعني أنها خرجت نهائيا من الإقليم .. بتراجع الدور السوري .. وتراجع دورها المهم بالنسبة لروسيا والصين في مواجهة الغرب .. والحزب هو في الحقيقة أهم من قبنلتها النووية .. لأنه هو قنبلتها النووية .. ولذلك فإن سورية وإيران ستقاتلان مع الحزب حرب قاتل أو مقتول ضد اسرائيل .. ولن تسمحا بإهانته ..الاسرائيليون يفكرون بطريقة المجانين من أن أمريكا ستتدخل في هذه الحالة لفرط إيقاع المعارك وكسر الشرق الأوسط القديم .. وهنا سيتذكر الأمريكيون أنهم دخلوا عام 1982 ولكن استشهاديا من حزب الله سحق المارينز بعملية استشهادية عنيفة لاتزال توجع ذاكرة الأمريكيين الذين حملوا 242 نعشا معهم وهم يغادرون .. ويظن الاسرائيليون أن الأمريكيين سيقصفون من البحر ومن مسافات بعيدة بكل مالديهم .. ليتجنبوا الاستشهاديين .. ولكن عليهم ان يفكروا في 75 صاروخ ياخونت البحري التي يملكها الحزب وتكفي 3 أو 5 منها لإغراق حاملة طائرات .. ويفكر الأمريكيون بحذر من احتمال ان يكون لحزب الله ضفادع بشرية انتحارية تسبب الأذى لإسطولهم مما سيستدعي تورطا اميريكا مباشرا ومنازلة دموية لاتعرف كيف تنتهي امام حزب يحس بتعطش للانتقام ممن قتل السيد وساعد في ذلك .. وعلى الأرض سيكون أمام الاميريكيين مئات من الاستشهاديين الذين سيكسرون ظهر القوة الأمريكية إذا مانزلت إلى البر اللبناني ..الأنكى من ذلك أن القواعد الأمريكية والدوريات الأمريكية في سورية والتنف والعراق لاتحتاج أعمال مقاومة وحرب عصابات .. بل نقل بعض الصواريخ مثل فلق وغيرها أو طيران مسير يغير به الحزب يومياً على كل قاعدة ويلاحق الدوريات الأمريكية على الطرقات .. وقد شوهدت لقطات من ملاحقة الجنود الاسرائيليين بالمسيرات وقتلهم .. مما سيجعل الأمريكي يحذر جدا من التورط المباشر .في القصص التوراتية دليلة وشمشون .. شمشون الذي ظن البعض أنه فقد قوته بمكر دليلة وخديعتها .. فهدم شمشون المعبد على من فيه .. ولكن اليوم هناك حزب الله شمشون الشرق .. الذي ظن البعض أنه خسر المعركة بعد ضربة أمنية واختراق استخباراتي .. فقد خرق القمة ولكن القاعدة بقيت متماسكة جدا .. ولذلك فإن وضع اسرائيل واميريكا يزداد صعوبة بغياب السيد .. الرجل الذي كان يمكن ان يفاوض وتقبل بقراره كل بيئته .. ولكنه اليوم رحل وقد ترك معضلة لا حل لها على الاطلاق .. وهي وصية لايقدر أحد من اتباعه ومحبيه ان يتجرأ وجدانيا وعاطفيا على انكارها أو التلاعب بها .. وهي الجليل المحرر .. وإخراج القوات الأميركية من المنطقة ..نتنياهو يذكرنا بما حل بنابوليون بونابرت الذي انتشى بانتصاراته .. وعندما حل المساء عشية معركة ووترلو وكانت فرقة الفرسان الفرنسية تتقدم وتلاحق الكتائب الانكليزية التي تتقهقر .. ذهب إلى عربته وقال لمساعده بكل ثقة (الوقت الآن هو السادسة مساء .. أرسل إلى باريس أخبار النصر لتنشر غدا صباحا) .. ولكن لم يطلع الصبح حتى أبيد الجيش الفرنسي في ووترلو .. وكانت أقسى هزيمة يتعرض لها نابوليون وتتعرض لها فرنسا .. وانتهت أسطورة نابوليون والحروب النابوليونية ..نتنياهو ليس نابوليون .. بل هو مرتزق لأنه جندي عند الناتو وعند الاميريكيين والانغلو ساكسون .. ولايقدر أن يصنع أي قرار – على عكس نابوليون – دون ابلاغ رؤسائه في اميريكا .. وهم من أعطاه كل شيء من الرصاصة إلى الـ ف 35 .. ليكسب بعض الجولات الهامة في الأسابيع الأخيرة ..ولكن بيننا وبينه .. الأيام .. والليالي .. والميدان .. والسيد حسن نصرالله ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى