مقالات

النتائج العكسية على الكيان: مجزرتان وحَّدتا وأيقظتا لبنان!

خليل إسماعيل رمَّال

ذاتَ يومٍ تاريخي سَالَتْ فيه دماء أهل البيت الزكية الطاهرة مِدراراً مع أصحابهم على أرض كربلاء، أعلنَتْها العقيلة إبنة العظيم علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، ووارثة شجاعته ورباطة جأشه، أمام سلطانٍ يزيدي جائر فاجر كافر “والله لن تمحو ذِكرنا”!هذه النبؤة-المُعجِزَة تحقَّقَتْ بعون الله على مرِّ التاريخ رغم الأهوال والمصائب والزلازل والمِحَن ومحاولات طمس ذِكر أهل البيت.

واليوم نرى هذا جَليَّاً في المشهد اللبناني، الجنوبي والبقاعي خصوصاً، بعد مجزرتي البيجرز واللاسلكي المُتتابِعتَيْن. هذه المقاومة العظيمة محظوظة بهذه الحاضنة الملائكية والعكس صحيح. فصُوَر ومشاهد التفاني والإيثار والتضحية والعطاء وبذل المزيد من الدماء والأرواح، ليس فقط من قِبَل الجرحى والشهداء بل من قبل أهاليهم الشرفاء الصابرين من أجل هذا الخط، هي صُوَرٌ غير مسبوقة في تاريخ الشعوب وحريٌّ بها أن لا تؤدِّ إلا إلى إحدى الحُسنيين إمَّا النصر أو الشهادة. هذه هي الثقافة الإصلاحية الحسينية من أجل الحياة الحُرَّة الكريمة والعزيزة الجانب التي رسَّختْها السيدة العظيمة زينب وأهل البيت (ع).هذا من الناحية الدينية العقيدية، أما من الناحية السياسية:

١- فقد وحَّدت الكارثة الشعب اللبناني (معظمه) وأعطت المقاومة زخماً غير معهود بعد مليارات صُرِفَتْ على شيطنتها. فرغم كل الجراح النازفة والإعاقات والدماء المباركة التي طهَّرَت الأرض، توَحَّدَتْ النفوس مع باقي إخواننا المسلمين الشرفاء في الطريق الجديدة وطرابلس وعكار وغيرها، ومع الدروز (وهنا تنويه بصحوة وموقف جنبلاط) والمسيحيين الأبرار الذين هبُّوا للتضامن مع إخوانهم المثكولين وأخص بالذكر البطل الإنساني الجرَّاح النائب إلياس جرادة الذي يُشرِّف كل أدعياء التغيير والتحرير والساقطين الشامتين الذي اختبؤا في أقبيتهم حتى لا يضطروا للتضامن ولو تمثيلاً كيلا يزعجوا أسيادهم!

٢- رغم عظمة المصيبة الإنسانيَّة، إلا أنَّها كشفَتْ مستور ما كان يُضمِرُه ويُجهِّزُه العدو في حربه واضطر لهذا الكشف الآن ربما بسبب بدء تحقيق المقاومة وشكوكها كما قيل. تصوَّروا لو قام الكيان بالمجزرتين خلال الحرب الشاملة معه!

٣- إسرائيل فتحت أبواباً كانت مُغلقَة ولن تكون في صالحها. فقد يُسبِّب هذا الإجرام غير المسبوق تحرُّكاً عالمياً ضد تلغيم آلات التواصل وجعلها أسلحة فتاكة (weaponization) والدعوة بحِدَّة لتحييدها بعد أن تُصبح موضع شُبهَة دائمة، خصوصاً من قبل الشركات المالية والإقتصاديين الذين يعتمدون على الجوَّالات واللاب توب والآي باد وغيرها مما قد يعيق عملهم ويوغر صدورهم ضد من بدأ هذا الشر!

٤- قد تُسبِّب المجزرة الوحشية حرباً سيبرانية جديدة بين أميركا وأوروبا المُحتضِرَة من جهة وروسيا والصين وكوريا الشمالية ومن يقف معهم من جهة أخرى، ويبدأ المحوران سباق تسلُّح جديد مما قد يُسرِّع في اجتياح الصين لتايوان، المُرتهَنَة مئة بالمئة لأميركا، وعندما يحصل ذلك لن يرُفَّ لنا جفن لأننا لا نُصدِّق براءة تايوان المُجرِمَة ولا حلفاءها الناتويين في بلغاريا وهنغاريا من التآمر مع العدو وإذا ثبت ذلك يجب التصرف على أنهم أعداء مثل قبرص واليونان الحقيرتين.

٥- المجزرة ستُجبِر محوَر المقاومة على إعادة النظر وتقييم قدراته العسكرية والعتادية واستيعاب الدروس والعِبَر وأخذ الحيطة والحَذَر خصوصاً من عيون ورصد الأقمار الإصطناعية والسفن والبوارج الحربية الأميركية والأطلسية المقيمة الدائمة في بحارنا وأبراج المراقبة البريطانية والأجهزة التجسُّسِيَّة الفرنسية والألمانية واعتماد التصنيع الذاتي لهذا النوع من أجهزة الإتِّصال وعدم استيرادها من الغرب!

٦- في شأن الإبتكار والبناء الذاتي للمحور باع طويل خصوصاً في إيران المُحاصَرَة منذ نجاح ثورتها عام ١٩٧٩ والتي تمكَّنَتْ من إطلاق أقمار صناعية وصنع صواريخ باليستية ومسيَّرَات متطورة تحتاج اليها دولة عظمى كروسيا.

كذلك في اليمن العظيم حيث أصبح خامس دولة في العالم يملك صواريخ فرط صوتية رغم الحصار الخانق والحرب السعودية-الإماراتية-الغربية عليه.

وفي لبنان تمتلك المقاومة أدمغة تشبه دماغ حسّان اللَقِّيس المُخترع الطيَّار العبقري العظيم ولا تنقصها قدرات التصنيع العسكري المحلي!

٧- لن نقول رُبَّ ضارة نافعة فالمصاب عظيم بالشهداء والجرحى لكن في المحصلَة النهائيَّة النتائج العكسية سترتد على هذا الكيان والمرجلة هي لمن يضحك أخيراً على العدو الذي لا يعرف ما ينتظره من مفاجآت، ولمن يجعل مِنَ الذي كان يُصفِّر شامتاً بسيارته عِبرَةً يُصفِّر الآخرون على قبره كما يقول المثل الأميركي!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى