وكالات

مستشرقٌ: انتماء منفِّذ عملية (الكرامة) لعشيرةٍ مهمّة بالأردن يضع الملك أمام تحدٍّ كبيرٍ..

مسؤولُ رفيعٌ بـ (شاباك) :

على المملكة الزحف على أربعة وطلب العفو من الكيان.. دعواتٌ إسرائيليّةٌ لفرض السيادة على غور الأردن

الناصرة

“رأي اليوم”

– من زهير أندراوس: سيطرت عملية (الكرامة) على الأجندة السياسيّة والأمنيّة والإعلاميّة في إسرائيل، إذْ أنّ المظاهرات التي شهدتها المملكة الهاشميّة احتفاءً بالعملية رفعت من مستوى الحنق والغضب في دولة الاحتلال، ودفعت الكثيرين إلى السؤال: كيف تمّت العملية على الرغم من الجهود الإسرائيليّة الأردنيّة لمنعها؟ في حين لفت المستشرق في صحيفة (هآرتس) العبريّة، د. تسفي بارئيل، إلى أنّ ما يقُضّ مضاجع صُنّاع القرار في عمّان أنّ المنفّذ ليس من أصولٍ فلسطينيّةٍ، بل ينتمي إلى إحدى العشائر الأردنيّة، الأمر الذي يزيد الطين بلّةً، على حدّ وصفه.وفي السياق عينه، وللتدليل على عمق المأزق الإسرائيليّ بسبب العملية التي نُفذت صباح أمس الأحد، قال شالوم بن حنان، وهو مسؤولٌ إسرائيليٌّ سابقٌ ورفيعٌ، كان يخدم في منصب رفيعٍ في جهاز الأمن العام (شاباك) للقناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، قال إنّ إسرائيل لن تُسامِح الأردن على ما أسماها بالعملية التخريبيّة، مُضيفًا أنّه يتحتّم على قادة هذا البلد العربيّ أنْ يزحفوا على أربعةٍ أمام إسرائيل ويُطالبون بالعفو عنهم، طبقًا لأقواله.وتبدو العملية الفدائية التي وقعت عند معبر (اللنبي) البرّي الفاصل بين الأردن والضفة الغربية، محمّلةً بدلالات كثيرة، إذ دائمًا ما تحسّبت المنظومة الأمنيّة والاستخباريّة الإسرائيليّة لسيناريو من هذا النوع، قبل أنْ يتحقّق شيء منه صباح أمس.

وبيّنت العملية التي نفّذها سائق شاحنة أردنيّ، تمكَّن من إطلاق النار من مسدسه على رؤوس ثلاثة مستوطنين إسرائيليين، حجم القهر الذي يعتمل لدى الأردنيين إزاء حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة والضفة.كما ضربت العملية المنظومة الأمنيّة والاستخباريّة في مقتل، كوْنها وقعت في مكانٍ حسّاسٍ جدًا بالنسبة إلى إسرائيل، وألحقت خسائر بشرية طالت مستوطنيها، وكشفت عن تخطيط وتنفيذ متقنَيْن.كذلك، أكّد الهجوم أنّ جرائم الاحتلال لن تمرّ من دون ردّ فعل، وهو ما ينطبق على كلّ دول الطوق، وينسحب أيضًا على مصر التي شهدت حدودها عمليات عدّة.وجريًا على العادة الإسرائيليّة المُجترّة، بعد كلّ عملية فدائية، دارت ماكينة الإعلام والتحريض اليمينيّة الإسرائيليّة، والتي تشمل المنظمات الاستيطانية، إذ دعا رئيس مجلس وادي الأردن إلى تطبيق السيادة الإسرائيليّة على المنطقة، بعد عملية معبر (اللنبي)، قائلاً: “في الأردن، هناك سكان عرب يدعمون حماس، أصلهم من الضفة، ومن المؤسف أنّ مثل هذه الأحداث سترافقنا لسنوات حتى نتّخذ قرارًا في شأن ماهية الأهداف الإستراتيجية للدولة. لقد حان الوقت لبسط السيادة الإسرائيلية على غور الأردن”، معتبرًا في الوقت عينه أنّ “هذا هو الرد الصهيونيّ الصحيح على الأحداث الأخيرة، وهو الذي سيردع مَنْ يريد أن يكرّر مثل هذا الحدث”.من ناحيته، عقّب وزير الأمن الإسرائيليّ، يوآف غالانت، على العملية قائلاً: “سنزيد إجراءاتنا في الضفة في مواجهة محاولات إيران نشر الإرهاب نحو حدودنا”، علمًا أنّ الحدود الأردنيّة-الإسرائيليّة، هي الحدود الأطول للكيان، حيثُ تزعم إسرائيل أنّ تهريب الأسلحة من الأردن إلى الضفّة الغربيّة المُحتلّة، بات مشكلةً عويصةً، لأنّ هذه الأسلحة تصِل إلى التنظيمات الفلسطينيّة لمواجهة الاحتلال، والتي تُشدِّد على أنّ إيران هي التي تقوم بتمويل عمليات التهريب وشراء الأسلحة للفصائل الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة، طبقًا للمصادر في تل أبيب.وبحسب المعطيات الإسرائيليّة الرسميّة فإنّ الحدود بين كيان الاحتلال والمملكة الهاشميّة تمتّد على طول 420 كيلومترًا، وهي أطول حدود تجمع دولة الاحتلال بدولةٍ عربيّةٍ، الأمر الذي يجعل من مهّمة ضبط الحركة فيها ومنع التهريب، وتحديدًا الأسلحة للمقاومة بالضفّة الغربيّة مهمّة شبه مستحيلةً، وبحسب المصادر الرسميّة في تل أبيب فإنّ الأسلحة تعبر من الحدود مع الأردن يوميًا، وتتدفق إلى دولة الاحتلال والأراضي الفلسطينيّة، الأمر الذي أدى إلى انتشار الأسلحة المُتطورّة والمُتقدمة بشكلٍ كبيرٍ وخطيرٍ للغاية.وفي هذا السياق قالت القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ إنّه “عندما تنظر للأسلحة التي تمّ ضبطها خلال محاولات التهريب إلى إسرائيل، ترى كميات كبيرة من الأسلحة والبنادق، وهذا غيض من فيض”، وفق ما أكّده الجنرال بيرتس عامار، قائد منطقة تل أبيب في الشرطة.

وأضاف: “هناك العديد من الأسلحة الأخرى التي لا يمكن لنا النشر عنها، فالحديث يدور عن عشرات آلاف قطع الأسلحة، وفي كلّ ليلة يتم تهريب السلاح الذي يغذي معارك المقاومة في الضفة الغربية حتى بات يعلم الجميع أنّ الخط الأحمر تم تجاوزه بالفعل”، على حدّ قوله.وفي الختام نعود للمستشرق بارئيل، الذي تساءل:

“حتى اللحظة ليس واضحًا فيما إذا كان انتساب منفّذ العملية لإحدى العشائر الكبيرة والمحترمة في الأردن هو الذي دفعه للقيام بالعملية، ولكن مع ذلك، فإنّ انتسابه للعشيرة المرموقة تضع الملك الأردنيّ عبد الله الثاني، أمام تحدٍّ كبيرٍ، قد يقود لصدامٍ بين السلطات بالمملكة وبين إحدى ركائز الحكم المُهّمة في الأردن”، طبقًا لأقواله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى