بايدن وخطابه الأخير والحرب ساكنة كطوق نجاة للعدو
د. علي حمية
منذ السابع من تشرين الأول، ومع إطلالته في أيّ مناسبة دينية مسيحية كانت أم إسلامية، يقوم الرئيس الأميركي جو بايدن بطرح وعود تفعيل اتفاق هدنة ما لتمرير شروط صهيونية، مثلًا، وعود هدنة وإعطاء مهل للعدو «الاسرائيلي» لتنفيذ اعتداءات على غزة قبل الميلاد وقبل رأس السنة، وبعدها وعود هدنة وخطاب قبل شهر رمضان ووعود قبل عيد الفطر لدغدغة مشاعر المسلمين، والآن يطلّ علينا بخطاب قبل موسم الحج بوعود تافهة، لكن محور المقاومة وخاصة حماس له بالمرصاد.
لقد قبلت حماس الطرح الأميركي السابق ورفضه الكيان «الإسرائيلي»، والآن حماس تضعهم مجدداً في زاوية كذبهم وزيفهم الأميركي و»الإسرائيلي».
إنّ خطاب بايدن موجه للأميركيين المعتصمين المتعاطفين مع غزة لتنفيس احتجاجاتهم ومطالبهم، كما هو موجه لشعوب دول التطبيع الصهيو ـ أعرابي كي يستكينوا ويستكملوا عملية توسيع التطبيع والاتفاقيات الابراهيمية، وموجه لمحور المقاومة كي يتمّ رفضه من قبل حماس، إلا أنّ حماس كانت أذكى بإيجابية درس المقترح والردّ على الأميركي بذكاء وحنكة سياسية عالية لرمي الكرة مجدّداً في ملعب الصهيوني لكشف زيفه وزيف الأميركي، ولإفهام المطبّعين بأنهم دمى أغبياء في يد اللاعب الأميركي.
نعم إنها حرب ساكنة يحاول بايدن أخذنا اليها مع كلّ مناسبة لتمرير مشروعه بالسيطرة الأميركية على غزة وطرح نفسه بأنه المنقذ بعد محاولات إحكام الطوق على غزة من البحر بأسطوله السادس ومن البرّ بقواعد عسكرية وطرح إدارة معبر رفح أميركياً وسدّ منافذ المعبر من قبل قوات متعددة الجنسية بقيادة أميركية في شرق سيناء، والآن الميناء العائم لإدخال ألفي جندي مشاة بحرية أميركية الى غزة للسيطرة إدارياً عليها ومن ثم تكون هذه هي استراتيجية اليوم التالي للحرب.
ما يؤخذ بحرب ساكنة لم يتمّ أخذه بحرب ساخنة دامية، ولكن الأمر مكشوف بطروحاته التي لن يُكتب لها النجاح إلا وفق ما ستفرضه حماس من أجل قضية الأمة والإنسانية فلسطين، واليوم التالي لحماس سيكون فلسطينيّاً بامتياز وسيحمل بشائر النصر للفلسطينيين.
في الخلاصة يريد بايدن أخذنا بخطابه لتمرير شروط «إسرائيل»، وإظهار أنّ المشكلة هي بين نتنياهو وحماس فقط وليست بين فلسطين والمحتلّ الصهيوني، وبهذا يريد ترسيخ فكرة انّ الصهاينة لهم «الحق» في فلسطين، وانّ المشكلة تتمثل فقط في نتنياهو وليست في الاحتلال الغاصب، والموضوع ليس قضية بل حسابات خاطئة بين نتنياهو وحماس وليست بين محتلّ ومقاوم…!