المرجعيّة الدينيّة والدولة
خالد العبود
-نعتقد أنّ السويداء الباسلة، تنزلق رويداً رويداً، وتذهب أكثر عمقاً فيما تُدفع إليه عنوة، إذ أنّه لأوّل مرّة في تاريخ الجمهوريّة، ومنذ عشرات السنوات، تتدخّل مرجعيّة روحيّة – اجتماعيّة، مجتمعةً، باسم مكوّنٍ روحيّ – اجتماعيّ سوريٍّ، وعلانيةً، وباسم طائفةٍ سوريّةٍ كريمةٍ، لترفع شعاراتٍ سياسيّةً واضحةً، تتعلّق بكيان الدولة ومؤسّساتها، وتطالب القيادة في الدولة بإقالة الحكومة، وتشكيل حكومةٍ جديدةٍ ترضى عنها، وعليها، هذه المرجعيّة الكريمة!!..-هذا تحوّل خطير في فهم دور المرجعيّات الدينيّة الروحيّة، والتي نكنّ لها كلّ الاحترام والتقدير، باعتبارها ليست جزءاً من المجتمع السياسيّ للدولة، وإنّما هي حارس منظومات القيم الروحيّة – الاجتماعيّة، لهذا المجتمع بجميع مكوّناته، وهي ليست من المنظومة السياسيّة للدولة أو لمجتمعها، وإنّما هي المظلّة القيميّة لمجتمع الدولة كاملاً!!..-ونعتقد أنّه ليس من الحكمة أبداً، أن تعرّض نفسها هذه المرجعيات الروحيّة، لتجاذبات السياسة الضيقة، وليس من الحكمة أن تدخل في أزقة وحواري السياسة، باعتبار أنّ السياسة فنّ الممكن، في حين أنّ القيم، وهي حاملها، هي الحدّ الفاصل بين الحقّ والباطل!!..-ماذا لو استجابت القيادة السياسيّة، لمطلب هذه المرجعيّة الشريفة، ألا يعني ذلك أنّه بإمكان أيّ طائفة مستقبلاً، أن تستقوي بمرجعياتها الروحيّة، للتأثير على قرارات الدولة، وماذا لو استقوت أيّ طائفةٍ كريمةٍ بمرجعياتها مستقبلاً، ولم تستجب القيادة لمطلب هذه المرجعيّة، ألا يعني ذلك أنّ هناك لغة تفضيل بين مرجعيّة وأخرى؟!!..-والسؤال الأصعب، ماذا لو لم تستجب قيادة الدولة، لمطلب هذه المرجعيّة الكريمة، ألا يعني أنّ المرجعيّة قد وضعت نفسها في موقعٍ ليس لها، وفي موقعٍ لا يليق بدورها ومكانتها في المجتمع؟!!..-لهذا كنّا نتحدّث دائماً عن الدولة وعلاقتها بالدين، وكنّا نميّز بين الدولة الطائفيّة، وبين الدولة غير الطائفيّة، وكنّا نفصل بشكل حادٍّ جدّاً، بين الدين كقيمة، وهو يجب أن يراه المجتمع في مرآة دولته، وبين رجال الدين الذين يجب أن يبقوا بعيدين عن الدولة وسلطاتها، باعتبارهم يمثّلون المرجعيّة الروحيّة للمجتمع، والتي هي مرجعيّة من موقعها وفيه، تتجاوز موقع السياسيّ ودوره وحساباته!!..
#خالد_العبود..