ما هو مستقبل المسيحيين السياسي في لبنان
كَتَبَ إسماعيل النجار
مستقبل المسيحيين السياسي في لبنان سيتلاشىَ ويضمحِل
وعلى أتباع الطوائف المسيحية فيه محاسبة جعجع وباسيل وآل الجمَيِّل على ما فعلوه بهم،
هوَ الواقع بعينه ومن دون مواربَة أنَّ الدور السياسي المسيحي سينتهي في لبنان قريباً وخلال عقد واحد فقط وسيصبحون على مؤتمر تأسيسي قادم عاجلاً أَم آجلاً قد ينهي المناصفه ويذهب بإتجاه المرابعه وليسَ المثالثة،
ولا نبالغ إذا قلنا أنه بتقديراتنا أن جميع طوائف لبنان أصبحَت ترغب بإنهاء هذه المناصفه ووضع حَد للدلال الماروني وإعادة العدالة الإجتماعية والسياسية إلى تحت قُبَّة البرلمان قبل أن يذهبَ أغبياء الساحة المارونية ومَن يحكم الشارع المسيحي بوطن الأرز نحو الهاوية،
كثير من القادة المسيحيين قرأوا المتغيرات في العالم وفي منطقة غرب آسيا، وتيقنوا من أن الرياح تجري بغير ما تشتهي سُفُن الإنعزالية، وأصبحوا على دراية تامة بأن الصوت المسيحي في الشرق لن يُسمَع صداه مستقبلاً في أروِقَة الفاتيكان أو في دوائر القرار الغربية،
ومن هنا كانت نصيحة البابا لهم بعدم الصدام مع الشيعه، وخصوصاً بعد إنقسام الكنيسة الكاثوليكية والأورثوذكسية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية،
القَيِّمُون على القرار السياسي المسيحي اللبناني رأوا أن حماية الإمتيازات السياسية لهم تأتي عبر التلويح بالتقسيم لتشكيل ضغط على المسلمين للإبتعاد عن فِكرَة المؤتمر التأسيسي الذي سيعطي كل فريق حقهُ الطبيعي حسب حجمهُ السكاني والعددي،
هؤلاء أبحروا بتفكيرهم عكس الريح وسط موج إسلامي عالي ومتلاطم،
من ضمن المتغيرات الكُبرى التي شهدتها المنطقة العربية هوَ صعود نجم الشيعه بشكل كبير جداً وبرَزَ حجم تأثيرهم على القرارت الدولية والإقليمية، وخصوصاً بعدما فشلت ضِدَهُم كافة المحاولات لإيقاف صعودهم السريع أو القضاء على قوتهم المتنامية أو الحَد منها،
أخيراً كانَ لا بُد للعالم أجمَع إلَّا أن يعترف بهم وأن يجلس معهم حول طاولة مستديرة وأن يفاوضهم،
أميركا عندما كانت بكامل قوتها تحكم العالم عاندتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتصادمت معها وجابهتها وقارعتها، وانتصرت بتثبيت وجودها بقوتها واقتدارها وحنكتها السياسية الباردة،
ومَن دعمتهُ إيران من قِوَىَ سياسية شيعية على مستوى المنطقة ليسوا أقل قوَّة وثبات وحنكة سياسية منها، إن حزب الله في لبنان كما أنصار الله في اليمن والحشد الشعبي في العراق هم أمثلَة وشاهد على ما نقول،
مورِسَت ضدهم أبشع أنواع التكتيكات وَالمؤامرات منها السياسية ومنها الإقتصادية ومنها الحروب العسكرية جميعها خرجَ الشيعه منها برداً وسلاماً،
لا بل إنتصروا على قِوَىَ الشر كداعش وأخواتها وإسرائيل وبناتها،
اليوم أصبَحَ المارد الشيعي في لبنان أكبر من أن تطال رأسهُ قِوَىَ إنعزالية تاريخها المُوَثَق أسوَد بالعمالة مع الصهاينة، وأيديهم مُلَطَخَة بدماء عشرات ألآف من الأبرياء المدنيين، ويصعب عليهم أن يطالوا رأسهُ،
لذلك نرىَ أن سياسة الإقصاء السياسي الذي مارسته المارونية السياسية خلال عقود طويلة إنقلب على رؤوسهم ودفعوا ثمنه غالياً، واليوم الإمعان في السير في نفس النهج بحجة أنهم الفئة الأولى وشعب الله المختار سيودي بما تَبقَّىَ لهم من حياة سياسية نحو هاوية سحيقة،
هل نسيوا كيف تعرضوا إلى قمة التهميش خلال فترة حكم الراحل رفيق الحريري، وثُمَّ إبنهِ سعد،
جاءَ تعويم الدور المسيحي على يَد أميركا والسعودية بعد فورات ما سُمِيَ بالربيع العربي بسبب الخلاف السعودي الإيراني وعجز سعد الحريري السير في المشروع السعوأميركي لضرب حزب الله،
سلَّمَت آنذاك المملكة المصحف الذهبي والراية السُنِّيَة لسيد معراب لكي يقود الحملة بوجه حزب الله بعدما تعهدَ بمواجهتهِ،
من هنا بدأت حكاية تفتيت القوَّة السياسية السُنِّيَة التي جَيَّرتها الرياض لسمير جعجع،
حينها كانَ جزء من المسيحيين بعيدين كل البُعد عن الساحة السعودية ومنضوون تحت لواء التيار الوطني الحر، لكن بعد انتهاء ولاية الرئيس عون التحق جبران باسيل بأغبياء السياسة المسيحية المعروفين على الساحة اللبنانية والذين لا يميزون بين التفسي والتفشي، ويخوضون أغلب حروبهم بالناضور،
بتخطيط أميركي سعودي نقلوا الصراع الذي كانَ قائماً بين السُنِّيَة السياسية والمسيحية السياسية، ليصبح بين الشيعه والمسيحيين، وبتكافل باسيل وتضامنه مع سمير جعجع جعلَ من نفسهِ ملحقاً وتابعاً لسياسة معراب التي تتقاطع مع سياسة بكركي،
من هنا حزب الله بدأ بممارسة حقه الدستوري الطبيعي في ما يخص مسألة تأمين النصاب لإنتخاب رئيس للجمهورية، ولا أحد يستطيع أن يتهمه بالتعطيل لأن هذا هو حقه الذي كَفِلَهُ له الدستور كما أعطاه لغيره،
من هنا نرىَ أن الإصطفاف الأخير للساحة المسيحية التي تبتلع القرار السُنِّي وتسيطر عليه، جاءَ ليضع لبنان على شفير المواجهة، وأن محاولات الضغط بالتقسيم لن تُجدي ولن تنفع أصحابها لأنَّ مَن حررَ لبنان من الإحتلال الصهيوني بالقوة العسكرية سيمنع تقسيمه حُكماً ولو بالقوة العسكرية،
إذاً للعاقلين نقول تبقى طاولة الحوار هي مخرج رقم واحد،
او الذهاب نحو إنتخابات نيابية مُبكِرَة كمخرج رقم إثنين،
ولا حل ثالث للأزمة بغير ذلك،
كثيرون من السياسيين السُنَّة مُمتعضون من المناصفه وتحدثوا عنها فعلياً ويتحركون بإتجاه إلغائها مهما كلف الأمر،
أما حزب الله يتريَّث ذلك الآن وهوَ غير مستعجل الإسراع في الخطوات نحو إلغائها مؤقتاً، وأصبحَ مقتنع بأن السلم الأهلي والعيش المشترك ممكن ضمانه في لبنان إن ب ٦٤ نائب مسيحي أو ب ٢٥ نائب حسب الإحصاء لنسبة ١٩٪ من مجموع السكان،
إذاً تِبَعِيَة وعَنجَهيَّة وغباء الساسة المسيحيين قد يوصلوا الأمور إلى هذا الحَد وربما أكثر،
لذلك هل سنرىَ وجوهاً مسيحية شابة وتغيرية جديدة عاقلة قد تنهي هذا الإعتباط السياسي الحاصل من قِبَل فتيان بيار الجِد وجعجع وباسيل،
نتمنى ذلك ولكن وبكل تأكيد كنت قد أسمعتَ لو ناديتَ حيَّاً، ولكن لا حياةَ لِمَن تنادي،
بيروت في…
9/6/2023